دراسة عن الروائح في كتاب جديد للأديب أحمد فضل شبلول

الروائي المصري أحمد فضل شبلول يشير في كتابه إلى إمكانية التنبؤ بالشيزوفرينيا من خلال حاسة الشم.

يعد الشم من أبسط وسائل تمييز الأشياء دون رؤيتها. وكل ما حولنا من أشياء له رائحته المميزة التي يمكن التعرف عن طريقها، لكن حاسة الشم الآدمية لا تستطيع تمييز كل هذا الكم من الروائح، فمعظم الفقاريات ذات حاسة شم أقوى من الإنسان، وهي تستخدمها في البحث عن طعامها والتعرف على أعدائها ووليفها، لذلك كان على الإنسان الاستعانة ببعض هذه الحيوانات أحيانا، لرصد الروائح التي يعجز عن رصدها (الكلاب مثلا).

هذا هو الاقتباس الذي اختاره الكاتب أحمد فضل شبلول ليكون الغلاف الخلفي لكتابه الجديد الذي أسماه "كتاب الروائح"، والصادر عن الآن ناشرون وموزعون بالأردن 2023، حيث يقع الكتاب في 99 صفحة، وهو دراسة عن الروائح، فيتحدث الكاتب عن 9 موضوعات أساسية هي: "ما الرائحة، تجارب ودراسات، الروائح عند العرب، الإنسان والروائح، روائح البيوت والأماكن، الروائح في الأمثلة والأقوال، الرائحة في الشعر والرواية، معالجة الروائح"، واعتمد الباحث على 15 مرجعا ذكرهم في آخر الكتاب، أولهم القرآن الكريم، وأخبار النساء لابن قيم الجوزية، فقه اللغة وسر العربية لأبومنصور الثعالبي، القاموس المحيط للفيروزآبادي، المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية.

وغلاف الكتاب يرتبط ارتباطا وثيقا بمتنه، فقد ربط الكاتب الروائح بالألوان، فذكر أن الألوان الأساسية 3 وهي: "الأزرق والأحمر والأصفر"، وذكر أن الروائح مثلها مثل الألوان وفقا لما يعتقده العلماء، حيث يرون أنه هناك 7 روائح أساسية فقط يتركب منها كل الروائح الأخرى، وهذا ما تجده في الغلاف الذي استخدمت مصممته م.سجود العناسوة، فأتى عنوان الكتاب باللون الأحمر، وجاءت كلمة دراسة مغلفة باللون الأزرق، بينما احتل اللون الأصفر المساحة الأكبر من الألوان الجانبية المتداخلة في تصميم الغلاف، ودمجت الألوان الأساسية، لتخرج لنا بـ7 ألوان، في إشارة إلى عدد الروائح الأساسية وهي 7 ألوان.

استهل الكاتب الكتاب بمقولة لجلال الدين الرومي في كتابه المثنوي "من ريحٍ ارتدَّ يعقوب بصيرا. الرائحة النتنة تجعل العين مظلمة".

ومن أهم الدراسات التي أشار إليها شبلول في كتابه هو علاقة الشيزوفرينيا بحاسة الشم، حيث رأت الدراسة أنه يمكن التعرف على الأشخاص المعرضين للإصابة بالشيزوفرينيا من خلال بعض الاختبارات الخاصة بالشم، وهي بالطبع دراسة حديثة تحتاج لإجراء المزيد من البحوث قبل تبنيه واعتماده أسلوبا أكيدا في التنبؤ بهذا الاضطراب النفسي.

وقد ربط شبلول بين الشم والذاكرة، حين أشار لظاهرة "تأثير بروست" حيث أن "الإنسان يتذكر بالشم بصورة أدق من الصور المرئية"، ومن ثم ظهر العلاج المسمى العلاج بذاكرة الشم.

ثم يأخذنا في جولة في فصل الإنسان والروائح في قواميس اللغة فيذكر لنا اسم المرأة ذات الرائحة الطيبة في اللغة وفقا لوصف طيب رائحتها، فـ"بهانة" صفة تطلق على المرأة المحمرة من الطيب والمرأة "العاتكة" هي المرأة المحمرة من الطيب، وفي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن العواتك والفواطم"، والعواتك جمع عاتكة.

ولفت انتباهي غنى اللغة العربية في أوصاف رائحة المرأة عن الرجل، بل إن أغلب الروائح المرتبطة بالمرأة جيدة، على عكس وصف رائحة الرجل في اللغة العربية.

أما الروائح في الأمثلة والأقوال فذكر منها: "لا عطر بعد العرس، أبخر من أسد، أبخر من صقر، أبخر من فهد، أطيب من نفس الربيع، ما يوم حليمة بسر".

بل إن الشعراء هجوا بعضهم البعض بالروائح، فهذا حماد عجرد يقول في بشار بن برد:

لو طليت جلدته عنبرا

لنتنت جلدته العنبرا

أو طليت مسكا ذكيا إذن

تحول المسك عليه خرا