دراسة فريدة تؤرخ لنشأة وإقامة وتصميم فنادق القاهرة والإسكندرية

محمد حمودة عبدالعظيم يدرس التأثيرات الأوروبية على عمارة فنادق مدينتي القاهرة والإسكندرية في عهد أسرة محمد علي من 1805 – 1952".
البحث يسهم في التعرف بماهية وأهمية هذا النوع من العمارة الذي لا يزال يحمل الكثير من الأسرار
الدراسة تهدف إلى التأريخ لعمارة الفنادق في القاهرة والإسكندرية، ودراستها وتصنيفها وتقسيمها حسب كل عصر من عصور أسرة محمد علي

لا تزال العمارة التي أنجزت في عهد محمد علي مؤسس مصر الحديثة وأسرته من بعده، تحتل مكانة جمالية وفنية أثرية ومعمارية يشكل التجوال بين شوارعها والإقامة بين جنباتها شغفا خاصا لدى المصريين والسياح الأجانب والعرب، خاصة في القاهرة والإسكندرية، وللأسف هذا الكنز المعماري يواجه الكثير من الإهمال، حتى أن الحكومة المصرية قامت مؤخرا بهدم فندق جراند كونتيننتال الذي استقبل عشرات الملوك والرؤساء والشخصيات العالمية والعربية منذ تأسيسه 1908. 
هذه العمارة كانت محل دراسة فريدة نال بها محمد حمودة عبدالعظيم درجة الدكتوراه تحت عنوان "التأثيرات الأوروبية على عمارة فنادق مدينتي القاهرة والإسكندرية في عهد أسرة محمد علي من 1805 – 1952" أتبعها بملحق مصور ضخم، كون أن حقل عمارة الفنادق لم يتناوله الباحثون والدارسون في مجال الآثار أو حتى في المجالات الأخرى بأي اهتمام يساهم في التعرف على ماهية وأهمية هذا النوع من العمارة الذي لا يزال يحمل الكثير من الأسرار التي حاول الباحث قراءتها وكشف النقاب عنها. 
هدفت الدراسة إلى التأريخ لعمارة الفنادق في القاهرة والإسكندرية، ودراستها وتصنيفها وتقسيمها حسب كل عصر من عصور أسرة محمد علي. وكذا لدور الجاليات الأوروبية الوافدة علي مصر في نشأة وإقامة وتصميم وعمارة هذه الفنادق. كما استهدفت دراسة طرز العمارة الأوروبية للوقوف على التأثيرات الأوروبية الوافدة على عمارة هذه الفنادق وأنواعها وطرزها ودراسة العناصر المعمارية والزخرفية والتخطيطات وتأصيل وتحليل أثرها على عمارة الفنادق في مصر.

قدم الباحث دراسة وافية لمعظم فنادق مصر في عهد أسرة محمد علي والتي بلغ عددها 362 فندقا في القاهرة و247 فندقا في الإسكندرية و378 بنسيونا في القاهرة و182 بنسيونا في الإسكندرية بإجمالي عدد 609 فنادق في القاهرة والإسكندرية وعدد 560 بنسيونا في القاهرة والإسكندرية بإجمالي 1169 فندقا وبنسيونا في القاهرة والإسكندرية في عهد الأسرة ما بين الباقي والمندثر، وكانت عمارة الفنادق في عهدها هي عمارة أوروبية خالصة من المهد إلى اللحد في كل جوانبها، حيث قامت عمارة الفنادق بمفهومها الحديث منذ نشأتها قبيل عهد الحملة الفرنسية علي مصر "1798 – 1801" على يد الجاليات الأوروبية المقيمة في مصر فكان ملاك الفنادق ومديري الفنادق في مصر من الأوروبيين، وكان المعماريون الذين صمموا الفنادق في القاهرة والإسكندرية حتى الربع الأول من القرن العشرين كلهم من الأوروبيين، وقد نقل هؤلاء المعماريون الطرز المعمارية الأوروبية الموجودة في مواطنهم الأصلية إلى عمارة الفنادق في مصر من القوطية حتى طرز العمارة الحديثة وكذلك كل وسائل الراحة والحداثة والترفيه والتجهيزات والمفروشات والخ هي أوروبية خالصة.
وتناول كل الفنادق التي توصل إلى معلومات ولوحات عنها بالوصف والتحليل سواء كانت باقية أو مندثرة وباقي الفنادق الأخرى تم الإشارة إليها وحصرها فيما أمكن التوصل إليه من معلومات، وقال: قمت بتحديد موقع كل فندق وعنوانه، وصححت عشرات الأخطاء والمغالطات التي أشارت إليها الكثير من الدراسات أو حتى المصادر الأصلية القديمة المعاصرة للفنادق، متناولا كل ذلك بالدراسة والتحقيق. 
ومن هذه المغالطات التي وجدت هو تاريخ العديد من الفنادق الذي كان خاطئا أو غير دقيق أو نسب الفنادق لغير مالكيها الحقيقيين. كما صححت العديد من تواريخ إنشاء وإقامة الفنادق وأيضا مواقعها القديمة بالإضافة إلى تصحيح ملكية وملاك العديد من الفنادق التي نسبت ملكيتها خطأ لأشخاص آخرين غير أصحابها الأصليين، وأيضا صححت العديد من الخلط الذي تم بين الفنادق المتشابهة الأسماء ولكن مع اختلاف موقع الفندق وتاريخه وملكيته، وكذا المغالطات التي وقعت للكثير من الفنادق وخاصة تلك التي كانت قصورا وتحولت لفنادق في وقت لاحق وأخطأ فيها الباحثون وخاصة في تاريخ تحويل هذه القصور لفنادق.

Egypt hotels
فندق شيبرد

يقول الباحث "نشأة الفنادق الأولى في مصر ظهرت قبيل عصر الحملة الفرنسية على مصر "1798 – 1801" اعتمادا على بعض التجار الأوروبيين المقيمين في مصر، وفي عهد محمد علي باشا اعتمدت النشأة الأولى للفنادق على فنادق بسيطة متفرقة يملكها أفراد من الجاليات الإيطالية والفرنسية واليونانية ثم النشأة الحقيقية للفنادق بدأت مع الضابط الإنجليزي الاستخباراتي توماس واجهورن الذي ساهم اكتشافه لطريق الأوفر لاند البري لنقل البريد والمسافرين الإنجليز ما بين الهند وإنجلترا مرورا بمصر في زيادة عدد السياح والمسافرين الإنجليز، ونشأة وإقامة الفنادق في مصر وخاصة القاهرة والإسكندرية والسويس منذ عام 1829 لإقامة هؤلاء المسافرين الإنجليز إلى الهند أثناء مرورهم علي مصر. 
ولقد أثر الاحتلال الإنجليزي علي التطور والتوسع في إقامة الفنادق في مصر وخاصة القاهرة والإسكندرية، وذلك لأن غالبية الفنادق كانت تعتمد في غير مواسم السياحة على الجالية الإنجليزية المقيمة في مصر وخاصة الجنود الانجليز وتقدم لهم أسعارا وامتيازات خاصة بهم.
ويؤكد الباحث أن رعاية الحكام من أسرة محمد علي للأجانب واعتمادهم عليهم في بناء مصر الحديثة ونظام الامتيازات الأجنبية وازدياد حركة السياحة وتوافد السياح من كل أنحاء العالم إلى مصر، كانت عوامل كبيرة لاستقرار الأجانب في مصر رغبة في الثراء السريع والتربح لذا شيدوا العديد من المشروعات الاستثمارية وخاصة الفنادق، والبعض منهم كون ثروات كبيرة لدرجة أنه تملك عدة فنادق كبيرة في مصر أو اشتري فنادق كبيرة في أوروبا وأميركا أو رحل بثرواته عن مصر لمسقط رأسه في أوروبا ليبدأ حياة جديدة من الترف والرفاهية، وكان الكثير منهم بدأوا بمهن متواضعة للغاية مثل شيبرد الذي كان طاهيا في بلدته بإنجلترا ثم موظف في الفندق البريطاني ثم مالك فندق شيبرد الأول والثاني حتي عام 1861 ثم عاد لمسقط رأسه محملا بالثروات. وكذلك بهلر المحاسب البسيط في فندق شيبرد الذي أصبح إمبراطور الفنادق في مصر، وكذلك الرجل الذي امتلك أغلب فنادق مصر الكبرى جورج ننجوفيتش الذي كان حمّالا ومتعهد أغذية في خدمة الجيش الإنجليزي في السودان، ثم أصبح من أهم رجال الفنادق في مصر والعالم في القرن التاسع عشر. 
ويرى الباحث أن عمارة الفنادق في عهد أسرة محمد علي هي عمارة أوروبية خالصة من المهد إلى اللحد في كل جوانبها، حيث قامت عمارة الفنادق بمفهومها الحديث الذي يعني إقامة الغرباء نظير أجر مادي منذ نشأتها قبيل عهد الحملة الفرنسية على مصر "1798 – 1801" على يد الجاليات الأوروبية المقيمة في مصر فكان ملاك الفنادق في القاهرة والإسكندرية حتى الربع الأول من القرن العشرين يكاد يكونون بالكامل من الأوروبيين من مختلفي الجنسيات، وكان مديرو الفنادق في مصر من الأوروبيين وخاصة الألمان والسويسريين ولم يصل إلينا أي موظف مصري على الإطلاق أشارت إليه المصادر حتى الربع الأول من القرن العشرين أيضا، وكان المعماريون الذين صمموا الفنادق في القاهرة والإسكندرية حتى الربع الأول من القرن العشرين كلهم من الأوروبيين، وكذلك كل وسائل الراحة والحداثة والترفيه والتجهيزات والمفروشات والخ هي أوروبية خالصة.
واستطاع الباحث "تأريخ معظم الفنادق موضع الدراسة إن لم يكن جميعها وتحديد إذا كان المبني بني كفندق منذ البداية أو تحول لفندق في فترة لاحقة عن تاريخ المبني وذلك اعتمادا علي الخرائط الجغرافية لكل مبني إذا أمكن ومقارنتها بالمعلومات التي نشرها الباحث عن الفندق أو تأريخ إقامة الفندق عن طريق أقدم إشارة عن الفندق ذكرتها مصادر الرحالة والمؤرخين، وهي غالبا ما تكون قريبة إلى تاريخ افتتاح الفندق فيما يقرب من عام إلى خمسة أعوام على الأكثر، وقد تكون الإشارة في نفس العام الذي أقيم فيه الفندق، لذلك فإن الباحث عند تأريخه لفندق ما يعتمد على أول ذكر وإشارة عنه في كتابات الرحالة والمسافرين وإعلاناتهم عن الفنادق ويشير إلى تاريخ الفندق على أنه يرجع إلى ما قبل هذه الإشارة أو الذكر بما يعادل من عام لخمسة أعوام على الأكثر. كما توصل الباحث لتاريخ بناء حوالي 40 فندقا وبنسيونا بشكل قاطع.

ويلفت الباحث إلى أن "قصر الجزيرة" من 1863 – 1868 هو أقدم مباني الفنادق الموجودة في مصر حاليا يليه "فندق الحمامات" بحلوان كأقدم فندق أنشيء في مصر حاليا بغرض فندقي حيث يرجع إلى عام 1871 وانتهي من بنائه عام 1873، وكان قبلهم فندق "نيو أوتيل" بالأزبكية الذي يرجع إلى عام 1865 والذي هدم وحل محله فندق "كونتننتال الأوبرا" في عام 1899 ولكن تم الاحتفاظ بالواجهة الشرقية مع إجراء بعض التعديلات عليها ثم هدم في الوقت الراهن أثناء الانتهاء من البحث، ولو كان المبني باقيا لاعتبرت واجهته الشرقية هي أقدم واجهة فندق موجودة في مصر، ولكن للأسف أخطأت هيئة التنسيق الحضاري في تحديد الواجهة القديمة لفندق كونتننتال الأوبرا فبدلا من الاحتفاظ بالواجهة الشرقية الرئيسية التي ترجع لفندق نيو أوتيل، حددت خطأ الواجهة الجنوبية المطلة على شارع عدلي يكن على انها الواجهة التي ترجع لفندق نيو أوتيل القديم.
لذا قامت بهدم الواجهة الشرقية القديمة واحتفظت بالواجهة الجنوبية التي ترجع لعام 1899 على أنها الواجهة الأثرية التي ترجع لفندق نيو أوتيل وهو شيء مخزي ومؤسف.
ويلي فندق قصر الجزيرة فندق الحمامات بحلوان من حيث الأقدمية "فندق مينا هاوس" والذي بني كقصر للخديوي اسماعيل في عام 1869 ثم بني حوله عدة مباني مجمعة في عام 1887 وتحول لفندق مينا هاوس لذا هناك جزء من الفندق الحالي يعود لعصر الخديوي إسماعيل باشا كما أشار مهندس الفندق أنه شيد حول منزل إسماعيل باشا الفندق الجديد منذ 1887 – 1890. 
يلي ذلك فندق "جراند أوتيل رويال" بحارة المدرستين بوجه البركة والذي افتتح كفندق رويال الجديد في الفترة من عام 1879 – 1881 وان كان المبني موجودا على الخرائط منذ عام 1874، ويليه في نفس التاريخ فندق "لونا بارك" ولكنه تحول لفندق في الثلاثينيات من القرن العشرين ويجاوره ويلاصقه أيضا فندق "كنجز" ولكنه يُعد أقدم في البناء من فندقي رويال ولونا بارك حيث بني قبلهما. ربما يرجع إلى ما قبل عام 1874 ولكنه أيضا تحول لفندق في الثلاثينيات أيضا ثم يلي هذه الفنادق فندق قصر توفيق بحلوان والذي يرجع لعام 1885 – 1886 وتحول لفندق عام 1899.
وفي الإسكندرية تعتبر فنادق فرنسا وبونارد وفندق النيل أقدم ثلاثة فنادق موجودة في الإسكندرية ترجع لحوالي عام 1890 – 1891 يليه فندق وندسور الأول عام 1901 وسافوي عام 1907. 
ويقسم الباحث الفنادق لعدة أنواع منها الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية وكان الرحالة والمسافرون يقومون بتحديد نوع الفندق على حسب الجنسية التي تقوم على ملكية الفندق أو الجنسية التي تتولى الإدارة أو جنسية الطباخين المسئولين عن المطبخ وتحضير قوائم الطعام الرئيسية وأنواعها للنزلاء، وأحيانا جنسية فئة المسافرين أو السياح الأكثر ترددا علي الفندق كالأميركان أو الفرنسيين مثلا، وقد يختلف نوع الفندق الواحد من وقت لأخر على حسب تغير واختلاف الملاك أو الإدارة أو القائمين على المطبخ في أوقات مختلفة. 
وفي سابقة وحيدة لبعض الفنادق في فترة لاحقة بعد وعد بلفور الإنجليزي لليهود في عام 1917 سنجد أن نوع الفندق يتحدد حسب ديانة المالك وليس جنسيته، وهي بالطبع الديانة اليهودية، وهو ما وجد في نموذجين فقط في الإسكندرية وهما فندق فرنسا بشارع شمبليون أو ميدان الحدائق الفرنسية وفندق دو النيل بشارع البورصة في عام 1929 وهي فنادق لم تكن في السابق يهودية، ولكن ربما قاموا بهذه الدعاية عن الفندق لجذب السياح اليهود على الرغم أن العديد من ملاك الفنادق اليهود بالإسكندرية وأشهرهم ميتزجر الذي كان يملك فندق متروبول وسيسل وسمر بالاس وغيرها لم يشر إلى أي فندق من فنادقه على أنه فندق يهودي.