دور الأدب الصومالي في حماية الثقافة والأمن الفكري
يعد الأدب مظهرا من مظاهر الحياة الإنسانية وتسجيلا لأحداثها، ومشاعرها، وخواطرها، ويخضع لما تخضع له ويتأثر بما تتأثر به، وللأدب الصومالي صدارة ودور مهم في الأمن الثقافي، فهو يحافظ على الهوية الثقافية الأصيلة ويعززها، ويساعد على تعزيز الوحدة والتواصل بين مختلف شرائح المجتمع. تتمثل مكانة الأدب الصومالي في الأمن الثقافي عدة قوائم زبدية وأخرى دررية، منها الحفاظ على الهوية الثقافية، والحفاظ على اللغة الصومالية ومفرداتها.
ويساعد على نقل القيم والتقاليد الحميدة إلى الأجيال القادمة، ويعزز أيضا عروة الوحدة الوطنية لأن الأدب يجمع الصوماليين من مختلف المناطق والقبائل والطرق الدينية، ويساعد على تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية والانتماء إلى الوطن.
ويمكن ملاحظة دور الأدب الصومالي في الأمن الثقافي من خلال هذه النقاط التالية على سبيل المثال لا الحصر:
1. الشعر الصومالي "Tix أو Maandoo": نشأ الشعر الصومالي كغيره من الشعر في الأمم الأخرى بصورة طبيعية، وذلك للحاجة إلى التفاعل مع الحياة والتخفيف من أعبائها وضروراتها. ويعتبر النظم الصومالي أحد أهم أشكال التراث الصومالي، وهو يعكس التراث الثقافي القديم والحديث ويتناول موضوعات متنوعة، مثل القيادة والمناسبات الدينية والمصاهرة والمصالحة الوطنية والدفاع الوطني والحب والحرب والسياسة والأخلاق.
2. الحكايات الشعبية: تلعب الحكايات الشعبية دورًا مهمًا في الحفاظ على التراث الثقافي المادي والمعنوي، وهي تنقل القيم والتقاليد والأعراف إلى الأجيال القادمة. غالبًا ما تدور الحكايات الصومالية حول شخصيات قوية وشجاعة، المناضل الكبير الشاعر السيد محمد عبدالله حسن، والمجاهد الصومالي الغازي أحمد غري. تحمل الحكاية الصومالية في طياتها فلسفة تربوية ومنظومة فكرية، فهي تساعد الأطفال على تعلم المبادئ والقيم التقليدية، مثل الاحترام للكبار، والكرم، والشجاعة، وتزودهم على تطوير إبداعهم وخيالهم الفكري.
ومن أشهر أنواع الحكايات الصومالية: - حكايات تجري على ألسنة الحيوانات، وحكايات باسم الأميرات والشرفاء والحكماء، وحكايات الأبطال الشعبيين، وأخرى فُكاهيات ونوادر تتعلق بالطقوسات والعادات القديمة. يقول الباحث الصومالي عمر عبدالله إيدان "تلك الحكايات والقصص التي عرفها الشعب الصومالي في تاريخه الطويل، كانت تنتقل من جيل إلى جيل بواسطة الروايات الشفهية، لم تعرف القصة الصومالية كتابة إلا بعد عام 1972، عندما كتبت اللغة الصومالية بالحروف اللاتينيــة.. ومنذ تلك السنة بـدأ القصاصون الصوماليون بتدوين ما عندهم من حكايات وقصص شعبية.... إلخ".
3. الرقصات الشعبية: للرقصات الشعبية الصومالية دور مهم في الحفاظ على الأمن الثقافي، فهي تعبر عن الهوية الصومالية وتراثها، وهي أداة قوية للتعبير عن الهوية. الرقصات الصومالية متنوعة وغنية، وتعكس التنوع الثقافي للبلد، ومن أشهرها: الرقصات القتالية والرقصات الاحتفالية والرقصات الموسمية، بالإضافة إلى دورها في الحفاظ على الأمن الثقافي، تلعب الرقصات الشعبية الصومالية أيضًا دورًا في الترويج للسياحة في البلاد. يزور السياح الصومال من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بثقافة البلاد، بما في ذلك الرقصات الشعبية. تساعد الرقصات الصومالية في جذب السياح إلى البلاد، مما يساهم في الاقتصاد المحلي.
4. الأغاني الكلاسيكية: الأغنية الصومالية هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والتراث الصومالي، فهي تعكس تاريخ الصومال وتراثه وعاداته وتقاليده، فهي تنقل المعارف والمهارات الثقافية من جيل إلى جيل. ويمكن تقسيم الأغنية الصومالية إلى عدة أنواع، منها: الأغاني الشعبية وهي التي تنتشر بين الناس وتغنى في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات. والأغاني الدينية وهي التي تتناول موضوعات دينية، والأغاني الوطنية وهي الأغاني التي تعبر عن حب الوطن والدفاع عنه.
5. المسرح الوطن: تعود ذاكرة المسرح الوطني الصومالي بأن تاريخ افتتاحه الرسمي 1976، وقد بدأ المسرح الصومالي في التطور في القرن العشرين، ويلعب مكانة مهمة في تعزيز الوحدة الوطنية والتعبير عن القضايا الاجتماعية والثقافية والفلكلورية والسياسية. وبعد نحو ثلاثة عقود من الخراب والدمار، بدأت الحكومة الصومالية الفيدرالية في عهد محمد عبدالله فرماجو استعادة رونقه من جديد، من خلال مبادرة تطوّعية أطلقتها بهدف ترميم المنشآت الحكومية التي دمرتها الحروب الأهلية .
6. المتحف الوطني: المتحف هو المكان الذي تجمع فيه التحف، فالمتحف هو المكان الذي يحتوي على وثائق تاريخية أو تحف فنيّة أو أدوات علمية أو إثنوغافية والتي تم اقتناؤها عن طريق الشراء أو الهدايا، لتجمع في مكان واحد بغرض المحافظة عليها وصيانتها وتسهيل إمكانية الإطلاع عليها في أي وقت. وللمتحف أقسام وأنواع واشرها: - المتحاف الفنيــة، والمتاحف التراثيـــتة، والمتاحف العلمية.
المتحف الصومالي هو متحف وطني تم افتتاحه في عام 1934، ويضم مجموعة متنوعة من القطع الأثرية التي تمثل تاريخ وثقافة الصومال. تشمل المجموعة منحوتات حجرية وزخرفيات ونقوش وملابس وأسلحة وأدوات. ويلعب المتحف الصومالي بدوره الفعّال في الحفاظ على الأمن الثقافي والفكري، فهو يحافظ على التراث الثقافي من خلال جمع القطع الأثرية وعرضها للجمهور. كما يعمل على رفع مستوى الوعي بأهمية التراث الثقافي وضرورة حمايته.
ومن أهم المواضيع التي ينبغي عليها البحث والدراسة من خلال تفعيل دور المتحف الوطني أو القومي في تعزيز الأمن اللغوي والثقافي والمنظومة الفكرية للمجتمع الصومالي.
1. التقاليد الشعبية وأشكال التعبير الشفهي لحفظ التراث الثقافي غير المادي وانتقاله عبر الأجيال.
2. الفنون المسرحية والعروض الجماعية والفردية والتراثية
3. الأدوات الحجرية للصناعات القديمة
4. المدن القديمة والقلاع والحصون العسكرية والزوايا الدينية
5. النقود والتماثيل والقطع المعدنية والفخار
6. الأسلحة القديمة مثل: السيوف والدروع والرماح والسهام والخناجر
7. النقوش الحجرية والمخططات اليدوية والقراطيس والكتب والرسائل
8. الممارسات الاجتماعية والطقوس التظاهرات الاحتفالية
9. المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون
7. المكتبة الوطنية الصومالية: المكتبة الوطنية الصومالية تأسست في عام 1975. ومقرّها الرئيسي في مقديشو. في السابق، تحتوي هذه المكتبة على ما يقارب 7 آلاف من الكتب الفكرية والمصادر التاريخية والمراجع الأولية والثانوية، وكذلك كتب الدراسات النظرية والتطبيقية، مع مواد أرشيفية تاريخية وثقافية محدودة. أغلقت المكتبة الوطنية لاحقًا في التسعينيات خلال الحرب الأهلية الصومالية. وتم إعادتها في يونيو/حزيران 2013.
لهذا، فقد تتسم المكتبة الوطنية دورًا محوريًا في حماية الأمن الثقافي من خلال حفظ التراث وبناء الوعي الفكري وتعزيز المواطنة وحماية اللغة الصومالية. ومن أبرز المهمات التي يجب أن تقوم المكتبة الوطنية من منظور الأمن الفكري والثقافي ما يلي: حفظ التراث الثقافي، نشر الوعي الثقافي، مكافحة التطرف الفكري، تعزيز الهوية الوطنية وحماية اللغة الصومالية.
نعم، يواجه الأدب الصومالي في الوقت الحالي عددًا من التحديات كغيره، مثل انتشار اللغات الأجنبية في البلاد، وضعف البنية التحتية الثقافية، إلا أن هناك جهودًا تبذل لتعزيز دور الأدب الصومالي في الأمن الثقافي للصومال. ومن هذه الجهود: الاهتمام بالتعليم الثقافة في الجامعات الوطنية، وتقوية اللغة الصومالية من خلال الاهتمام المراكز التعليمية والدوائر الحكومية، ومنها، دعم الأدب الصومالي من خلال نشر الكتب والصحف والمجلات الصومالية وإقامة المهرجانات الثقافية والفنيـة والصالونات الاحتفالية في المواسم المتنوعة مع ولادة الحركة التنويرية للترجمة الأدب الصومالي الرفيع إلى اللغات الحيّة مثل (اللغة العربية).