ديكتاتورية حفتر أم ديمقراطية قطر وتركيا؟

إذا كان الشعب الليبي محظوظا بفرج قريب، من الداخل، على أيدي "الديكتاتور" خليفة حفتر الذي سيحرره من حكم الفساد والخراب والفوضى والعمالة لقطر وتركيا، فإن شقيقه الشعب العراقي محرومٌ من هذه النعمة التي لا تقدر بثمن.

رغم أن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر كان قد اتفق مع رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، على إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا من خلال انتخابات عامة، إلا أن حكومة السراج "زعلانة" عليه بسبب حملته العسكرية في جنوب البلاد ضد إرهاب العصابات الإسلامية (المحلية والمتسللة من دول الجوار)، وتتهمه بمحاولة فرض ديكتاتورية عسكرية جديدة. فوا عجبي!

فكل ما جرى وما يجري في ليبيا منذ الإطاحة بالراحل معمر القذافي في 2011، في طرابلس وما حولها، وفي مدن الجنوب الليبي، من فوضى وقتل واغتيال وسرقة واغتصاب في ظل سلطة العصابات المسلحة المتطرفة المتمولة من قطر وتركيا فهي ديمقراطية تحرص حكومة السراج على الاعتزاز بها، وعلى الخوف عليها من ديكتاتورية الجيش الليبي النظامي.

فمنذ أن فعل الغوغائيون فعلتهم المشينة بالعقيد معمر القذافي، بقتله بتلك الطريقة الهمجية الحيوانية المغلفة بالوطنية والعروبة والدين، والمواطنون الليبيون، يوما بعد يوم، يزدادون اقتناعا بدور الجيش الليبي، وبقيادة خليفة حفتر، ويتطلعون لنشر ديكتاتوريته على كامل التراب الليبي، ولعودة الأمن والاستقرار إلى مدنهم وقراهم، وخلاصهم من ديمقراطية البندقية المنفلتة التي مزقت ليبيا، أرضا وشعبا، وجعلتها مرتعا خصبا لعصابات الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وكل أنواع الجريمة والإرهاب.

ولأن أهل مكة أدرى بشعابها فإن نجاح حفتر في القضاء على الفوضى وإعادة الأمن والاستقرار في مناطق ليبيا التي حررها الجيش الذي يقوده جعل الجماهير الليبية في المنطاق التي ما زالت تعبث بها الريالات القطرية المتآخية مع السلاح المهرَّب التركي تتلهف لدخول هذا الجيش المنقذ بأسرع ما يمكن، مهما قيل عنه، ومهما سوف يقال.

وليس على العالم الذي يدعي الحرص على عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا إلا أن يثق بعزم المشير حفتر على إجراء انتخابات، حتى في أدنى درجات النزاهة فيها، وأن ينتظر وفاءه بوعده ويُسلم السلطة لأي فائز فيها، حتى لو كان السراج نفسَه، رغم فشله الدائم، منذ أن التقطه الأميركان من آخر الصفوف وفرضوه على الشعب الليبي، تماما مثلما التقطوا، قبله، نوري المالكي من آخر الصفوف، وسلطوه على الشعب العراقي ليدمر حياته ويسلم رقاب أبنائه وبناته لسلطة البندقية الإيرانية المنفلتة التي جعلت العراق ليبيا ثانية، وأسوأ.

والحقيقة أن الجماهير العراقية تحسد شقيقتها الجماهير الليبية التي سيرحمها الله، عاجلا أم آجلا بانتصار الجيش الليبي وإنقاذها من سنوات الخوف والفقر والفساد والخراب.

وذلك لأن الجيش العراقي المكون من نتف محتارة من المليشيات لا يملك الروح الانضباطية العسكرية المهنية التي أثبت الجيش الليبي أنه يتمتع بها، على الأقل فيما رأيناه وسمعناه ولمسناه لحد الآن، وعليه فإنه لا يستطيع أن يلعب في حياة العراقيين نفس الدور الذي لعبه الجيش الليبي في فرض سلطة القانون، بحق وحقيق.

وإذا كان الشعب الليبي محظوظا بفرج قريب، من الداخل، على أيدي "الديكتاتور" خليفة حفتر الذي سيحرره من حكم الفساد والخراب والفوضى والعمالة لقطر وتركيا فإن شقيقه الشعب العراقي محرومٌ من هذه النعمة التي لا تقدر بثمن.

إذ لا أمل له في ظهور حفتر عراقي، وأمله الوحيد أصبح خارجيا، فقط، إما بسقوط نظام ولاية الفقيه وعودة إيران إلى داخل حدودها، أو بخنقه بالحصار الخارجي وإجباره على الخروج من "مستعمراته" العراقية واللبنانية والسورية واليمنية، وهو أضعف الإيمان. وليس ذلك على الله ولا على همشرية ترامب وعنجهيته ببعيد.