زيارات المشاهير للموصل تذكارات عاطفية ومشاريع انتخابية

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ينضم إلى حشد الزائرين بلا غاية لأطلال الموصل دون السؤال: أين ذهب أهل المدينة؟
زيارات الوفود إلى الموصل لم تتجاوز الجولات الاستطلاعية لمعاينة الدمار
الوعود الفرنسية لن تثمر عن شيء في ظل سطوة المليشيات والتنظيمات الموالية لإيران

نجحت القوات الأمنية والتحالف الدولي في هزيمة تنظيم داعش وانتزاع جميع الأراضي التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها في العراق وسوريا منذ 2013. لكن العمليات العسكرية ضد التنظيم دفعت مئات الآلاف من سكان الموصل ومدن وبلدات محافظة نينوى إلى النزوح من المدينة واللجوء الى مخيمات تم فتحها بعد انطلاق عمليات التحرير في 2017.

ويتوزع النازحون في محافظة نينوى على تسعة مخيمات، سبعة منها في جنوب الموصل، بحسب وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، واثنان أخريان في شمال شرق المدينة باتجاه مدينة أربيل. يسكن في المخيمات أكثر من ثلاثين ألف نازح الى يومنا هذا ويؤدي الطقس الحار في فصل الصيف إلى شحة في الماء والكهرباء، مما يتسبب بمعاناة كبيرة لسكان المخيمات.

أن أسباب عدم عودة هؤلاء النازحين تختلف من منطقة إلى أخرى. فبعض المناطق تسيطر عليها الميليشيات التي تتبع إيران، ومناطق غرب نينوى كقضائي البعاج والحضر ما زالا يفتقران للخدمات الأساسية والمدارس، في حين يخشى نازحو منطقة سنجار من العودة نظرا للظروف الأمنية غير المستقرة التي يشهدها القضاء الواقع شمال غرب الموصل من التعدي على الاهالي وانتهاكات تقوم بها الميليشيات الموالية لإيران ضد أبناء المحافظة والسيطرة على ما تبقى من المحلات التجارية والعقارات والمحاصيل الزراعية في الموصل من خلال عمليات تزوير، ويرافق ذلك عدم تحرك حكومي او دولي ضد هذه الانتهاكات.

اليوم نشاهد زيارات من سياسيين ورؤساء كتل في البرلمان العراقي ومرشحين جدد من خارج المدينة تتسلط اعينهم على تلك الفئة من المستضعفين ويحاولون اغرائهم بالقليل من المواد الغذائية والملابس ضنا منهم بأنهم سيكسبون اصوات من اناس حل بأرضهم الدمار. وعود كاذبة للأعمار والخدمات وغيرها تقدم على لسان السياسيين الا اننا نعلم جيداً وضع المواطن المزري.

منذ ان تحررت الموصل من قبضة داعش شهدنا عددا من الزيارات لممثلين وفنانين وشخصيات سياسية عراقية وعربية بارزة ورؤساء دول أجنبية اقتصرت زياراتهم على جولات استطلاعية للدمار الذي حل بالمدينة والتقاط الصور التذكارية مع خراب المدينة. وأظهرت لقطات مصورة وصور وزعها مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، لقاء نجمة هوليوود المبعوثة للمفوضية أنجلينا جولي عام 2018 بعائلات من غرب الموصل، وكيف سارت في شوارع سبق أن تعرضت للقصف. وتلتها زيارة بابا الفاتيكان حيث كانت مهمة هذه الزيارة، تتعلق بوقف الكثير من الممارسات التي تسببت باستمرار هجرة المسيحيين، سواء في بغداد أو نينوى أو باقي مدن العراق. ولم تفصح الحكومة العراقية ولا رئاسة الجمهورية عن نتائج أي من الاجتماعين اللذين عقدهما رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، مع البابا فرنسيس انذاك.

وبعد القمة التي انعقدت في بغداد مؤخراً زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مدينة الموصل واثمرت الزيارة عن تعهد الرئيس الفرنسي ببقاء القوات الفرنسية المقاتلة ضد تنظيم داعش في الموصل الا اننا نعلم جيداً ان تنظيم داعش اندحر بتلك الاراضي وما زالت تحت سيطرة الميليشيات الآيرانية التي تمنع عودة ساكنيها. وكلام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان دليل على ذلك حين قال في مؤتمر صحفي عقد في دمشق أن على ماكرون "الامتنان لنا لأننا جعلناه يزور مدينة الموصل بفضلنا بعد أن حررناها."

ويبدو أن الوعود الفرنسية لن تثمر عن شيء في ظل سطوة المليشيات والتنظيمات الموالية لإيران لأنها لن تسمح بمرور اي مشروع لأي دولة كانت دون الاستفادة منه وهذا ما سيحصل مع الوعود الفرنسية.

مرت الزيارات ولم نلتمس عودة اي نازح من سكان الموصل. فقضية النازحين اصبحت تجارية وعاطفية اكثر مما هي انسانية وأحقية لأهالي المدينة. السنوات ليست سوى رقم بالنسبة للنازحين لأنهم لا يعرفون إلى ماذا سيؤول مصيرهم وإلى متى ستكون الحياة في المخيمات هي أفضل الخيارات المتاحة لهم؟