شباب العراق بين الميليشيات والمخدرات

الفقر والبطالة واليأس من المستقبل تدفع الشباب والقاصرين في العراق إلى حضن المخدرات القادمة من إيران.
ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات تزداد بشكل كبير وبأرقام مهولة
هدف ايران من نشر المخدرات إسقاط منظومة القيم وتدمير عنصر الشباب

باتت المخدرات تنتشر في الشارع العراقي بكل أشكالها وأنواعها بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 واحتلال بغداد من قبل القوات الأميركية، حيث قام المحتل بتسهيل ترويجها والاتجار بها، وزراعتها، وتصنيعها، وكانت ايران داعمة أساسية وحاضنة لهذه الآفة ومروجيها، فهي تأتي من الدول التي تهيمن ايران عليها مثل لبنان وسوريا ومن سوريا الى العراق، ومن افغانستان الى ايران ومن ايران الى العراق. وهذا ما اعترفت به ايران منذ فترة، حينما أقر السفير الإيراني لدى العراق، إيرج مسجدي، في حديث متلفز بأن المخدرات تُهرب من بلاده إلى العراق.

ومن الواضح ان هدف ايران من نشر المخدرات هو إسقاط منظومة القيم الدينية الاخلاقية والوطنية، لدى المجتمع، ولتدمير عنصر الشباب، وجرّهم إلى عالم الجريمة بكافة أشكالها بما فيها الارهاب لتسهيل تحويل المتعاطين الى عناصر ارهابية، لغرض السيطرة على الدولة والمجتمع. ونشاهد ان اكثر المحافظات العراقية استيراداً لمادة الكرستال هي البصرة ومن ثم ميسان وذي قار والمثنى وواسط سوقاً استثمارياً لمادة الكرستال ويترأسها قادة ميليشيات تابعة لإيران وتباع هذه البضاعة في معظم المقاهي الشعبية والشوارع والازقة بشكل شبه علني دون رادع حقيقي في ظل خوف السلطة العراقية من المليشيات التي تحكم الأرض.

وفي الخامس من فبراير الماضي قامت قوات مكافحة المخدرات بألقاء القبض على واحد من اخطر تجار المخدرات في البصرة وتمت عملية القاء القبض في مدينة الفاو وبحوزته اكثر من 10 كيلوغرام من مادة الكريستال قام بتهريبها من إيران الى الفاو جنوب البصرة.

فيما تم القبض على إمرأة تتاجر بالمخدرات وسط مدينة الحلة حيث ضُبطت بالجرم المشهود وبحوزتها ما يقارب الـ 280 حبة مخدرة نوع صفر واحد ليتم توقيفها على ذمة التحقيق وفق المادة (28) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.

الترويج والاتجار

أن أساليب ترويج المخدرات مختلفة إذ تنتشر هذه المواد داخل الأوساط الشعبية التي تشهد جلسات للشباب ‏كالمقاهي، محلات الكوفي شوب إذ تدس هذه السموم غالبا في الأركيلات "الشيشا" للشباب لإجبارهم على اعتياد تدخين هذه الأركيلة.

وهذا الأمر جعل المتابع للأمر يلاحظ أن ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات تزداد بشكل كبير وبأرقام مهولة وذلك من خلال ازدياد أعداد ‏الملقى القبض عليهم من المروجين والمتعاطين إضافة الى ارتفاع كميات المخدرات المضبوطة بحوزتهم.

تم القبض على فتاة تعمل كـ "موديل" في 23 من أيلول/سبتمبر العام الحالي تدعى اماني ا. شابة صغيرة من مواليد 2003 وهي موديل وفنانة، وبعد اختفائها لعدة ايام تم الاستفسار عنها من قبل معارفها تبين لاحقا انها في شعبة مخدرات الكرادة، بعد ان قامت قوة مشتركة من استخبارات وامن الكرادة من خلال جمع المعلومات والقاء القبض عليها في منطقة الكرادة وسط بغداد حيث انها تقوم بنقل المواد المخدرة الكرستال من اربيل الى بغداد. ويذكر ان إيران وإقليم كردستان تربطهما معابر حدودية رسمية، أبرزها يقع في مناطق بنجوين وبشدر شرقي مدينة السليمانية، وبلدة سوران شرقي مدينة أربيل، لكنّ عمليات التهريب تجري من خلال سلاسل الجبال الشاهقة التي تفصل البلدين عن بعضهما بعضاً عبر ممرات جبلية يتنقل فيها المهربون الذين يعرفون باسم "العتالين" وفي اللغة المحلية باسم "قجغجية" أي المهربين.

القاصرون اكثر المتعاطين للمخدرات

وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي قال في تصريحات صحفية أدلى للقناة الرسمية في البلاد ان نسبة المتعاطين للمخدرات بين الشباب هي اكثر من 50% ويعتقد البعض في أن السبب بهذه الزيادة هو القرارات الصادرة في العراق بمنع تداول المشروبات الكحولية واقتصارها على العراقيين غير المسلمين.

يبدو ان هناك العديد من الأسباب تدفع بالقاصرين لتعاطي المخدرات، واحد أهم تلك الأسباب هو الفقر، كما يتعلق الموضوع بالمستوى الثقافي للأشخاص واستهداف الأسر والمجتمعات المفككة والمعرضين للإفلاس وغيرهم ممن ليس لديهم عمل او مستقبل وظيفي قد يشغلهم عن تعاطيها والمسبب الأكبر للجوء الى المخدرات هو حالة الفراغ التي يعيشها المتعاطي.

معظم متعاطي المخدرات هم من العاطلين عن العمل، وبينهم يحملون شهادات جامعية لا يمكنهم الحصول على عمل ولديهم مشاكل عائلية واهمال من الاهل وعدم مراقبتهم.

ويمكن اعتبار ان المخدرات نوع من أنواع الارهاب، حيث ان المتعاطي بإمكانه الإفلات من المراقبة، وان هذه المادة بإمكانها دخول بيوت ومدارس وجامعات بشكل خفي وعلني ايضاً.

طرق الوقاية

لا شك أن أحد أهم طرق الوقاية من المخدرات هو وجود تشريعات قوية، تساعد على وجود محاكمة عادلة لكل من يقتضى نفسه بالاتجار في هذه المواد اللعينة.

فبالتأكيد أغلب الدول تحتوى على تشريعات تجرم مثل هذه الأفعال، ولكن يجب أن يتم تطبيقها بكل صرامة وقوة وخصوصا على المهربين والتجار فهم السبب الأساسي لدخول الشباب في براثن هذا الطريق المظلم.

يجب على الحكومة العراقية توفير فرص عمل للشباب العراقي وتحسين بيئة الاقتصاد العراقي هو مهمة وطنية مشتركة تتطلب من العراقيين كافة للحد من البطالة والصمود بوجه الازمات.