لا نتائج مثمرة لقمة بغداد ولن تحقق المستقبل

رسائل إيرانية وتركية صادمة لمصطفى الكاظمي.

عودة العراق الى دوره الريادي في المنطقة الذي كان قبل 2003 هو مسعى عراقي منذ فترة ليست بالقصيرة ويعود إلى زمن حكومة رئيس الوزراء العراقي الاسبق حيدر العبادي. لكن الخلافات السياسية التي عجلت برحيله بعد تحالفه مع تحالف الفتح الشيعي القريب من إيران أفشلت مسعاه في تطوير الوضع الدبلوماسي العراقي الخارجي بالإضافة الى فشله في الحصول على ولاية ثانية.

اليوم يسعى الكاظمي إلى الفوز بولاية ثانية من خلال لعب دور الوسيط في منطقة الشرق الأوسط بتبنيه لاستضافة قمة بغداد بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني وغيرهم من رؤساء وامراء دول الجوار.

صدم الكاظمي خلال المؤتمر بكلمات وزير الخارجية الإيراني وزميله التركي اللذين تحدثا عن تدخلهما العلني في الشأن العراقي. الوزير الإيراني وصف الوجود الأميركي في العراق بأنه احتلال. أي نفع للقمة عندما يتجاوز رئيس الخارجية الإيرانية موضوع قمة بغداد ‏ليوجّه رسالة إلى الأميركيين بأن قضية اغتيال سليماني لا تزال على رأس أولويات إيران. وأي نفع وقد أقر الوزير التركي بوجود قوات بلده في شمال العراق بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني التركي. وهذا يعني أن العراق لا سيادة له في أرضه ولا قيمة للقمة التي استضافت الخصوم الاقليمين والذين يفضلون عراقا ضعيفا.

لا ثمار للقمة بوجود سلاح منفلت وميليشيات مسيطرة على الدولة. فلعب دور الوسيط يمثل تحديا للعراق حيث تمارس إيران نفوذها. فالدولة تبدو عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها والسبب في ذلك هو كثرة الميليشيات والسلاح المنفلت وصفقات الفساد التي يروم لها السياسيين التابعين للكتل الحزبية.

 في قمة بغداد كان الكاظمي يطمه بالشراكة مع دول الجوار ووقف التصعيد والحروب بين البلدان الحاضرة للقمة. الا ان الكاظمي لم يستطع وقف الميليشيات التابعة لإيران وتكثيف وجودها داخل الاراضي العراقية وتبخرت وعود واحلام كثيرة، وامال كبيرة، قدمت للمجتمع العراقي والساحة السياسية. احلام ووعود وامال بقيام حكومة قوية تحقق "السيادة" بعيدة عن التدخلات الخارجية.

منذ أكثر من سنتين يهدف العراقيين الى قطع يد إيران وميليشياتها في العراق، والكشف عن القتلة وضرب الاحزاب والجماعات المسلحة المسيطر الفعلي في العراق، وتحقيق مطالب المحتجين والخدمات التي تراود الانسان العراقي لعيش كريم. القمة صحوة للعراق من احلامه. كشعب عراقي نعيش الأحلام والآمال والأوهام في وقت واحد، ولكن من العيب أن يكون طابع الآمال والأحلام مجرد أوهام لا غير في ظل وضع لا يبشر بالخير. ولعل افغانستان ووضعها يضعانا في وضع محرج في ظل الخوف العراقي من تكرار التجربة الأفغانية التي تعني سيطرة إيرانية مطلقة رفقة مليشياتها على العراق.

أن الشعب العراقي يعيش عصر الأوهام السياسية والتخلف وأبتلى الشعب بنوعين من الأوهام. الوهم الأول يكمن في حكومة نزيهة وعادلة وتحقيق الامن الذي يراود الشعب العراقي منذ 2003، من جرائم واغتيالات وسرقات والمنازعات العشائرية. والوهم الثاني هو الاصلاح السياسي والاقتصادي والجتماعي والثقافي ولا يزال حلم الشباب قائمًا بدولة ديمقراطية حديثة راسخة بعيدًا عن الأحزاب الفاسدة ونظام المحاصصة الذي جسد الأدوار كافة.

صور ‎قمة بغداد اثارت مشاعر جيّاشة لدى العراقيين المتشوقين لرؤية بلدهم طبيعياً يتمتع بهامش من الاستقلالية في إدارة شؤونه لكنها لم تلغ فكرة أن ما يحدث في جمهورية المنطقة الخضراء لا علاقة له بجمهورية العراق مع انعدام الخدمات والبطالة والفساد. والميليشيات كلها امور مازالت تحدث خلف السدة!