ساسة الشيعة فشلوا في حكم العراق

الاستحواذ الشيعي على المناصب القيادية تحت مسمى الشراكة باب آخر لمنع الآخرين من المساهمة في انقاذ العراق.

أثبتت مجريات الحكم في العراق، منذ عام 2003 وحتى كتابة هذه السطور، بعد منتصف كانون الاول 2019، أن "الشراكة" هي الأكذوبة الكبرى التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها في يوم ما. المشكلة هي أن العملية السياسية في العراق بنيت أساسا على النظام المحاصصي والطائفي ولن يكون بمقدور العراق الخروج من شرنقتها ربما الا بعد عقود من السنين، بعد إن تمسك شيعة العراق بمنصب رئاسة الوزراء الى أبد الآبدين، وكأن ليس من حصة قادة السنة أو الكرد أو باقي المكونات الاخرى وهي عريقة، في يوم ما، أن يقتربوا من آمال الحصول على هذا المنصب ولو ضربوا برؤوسهم بالحائط!

وقد تأكد هذا المفهوم بصورة لا تقبل اللبس بعد استقالة عادل عبدالمهدي، وكان أمل الحصول على توافق شيعي - شيعي على من يتولى منصب رئاسة الوزراء من طائفتهم يشكل مأزقا كبيرا، يصعب التوافق بشأنه، وأراد بعض سنة العراق إطلاق بالونات إختبار: هل يمكن لشخص قيادي سني، تنطبق عليه كل المواصفات المطلوبة أن يحل تلك الأزمة ولو لعام واحد ويتولى الحكم، حتى تنتهي ملابسات المحاصصة التي يتشدقون بها ليل نهار؟ انفجر بركان الغضب الشيعي، وثائرت ثائرة كبار سياسييهم، وعدوا مجرد طرح هذا الموضوع بأنه أشبه بحالة الكفر، وهو من وجهة نظرهم، من قبيل المستحيلات، وانهم سيرشحون أي فاشل آخر، ويكون المرشح المطلوب، حتى لو وصلت الدماء بينهم الى الركب.

لقد فقد ملايين العراقيين من مختلف طوائفهم وانتماءاتهم أي أمل بإصلاح العملية السياسية. بل أن الشيء الذي أصبح أكثر وضوحا أنهم سوف لن يبقوا للآخريات من مكوناتهم وهي كبرى ايضا، وشاركت في صنع مستقبل العراق على مدى عصور، سوى "عظمة" يمكن الهاؤهم بها. أن يكونوا على رأسٍ قيادة العراق، في سنة من السنين ويتسلموا زمام السلطة للانتقال ببلدهم الى الحالة الافضل ويودعوا زمن التبعية وارتهان مصير البلد للآخر، ما يزال حتى هذه اللحظة ولعقود قادمة من قبيل المستحيلات.

أي شراكة يريدون "قشمرة" المكونات الاخرى ان تشاركهم سلطة القرار، ولا يتم منحهم سوى بقايا "عظام نخرة"، علهم يجدون فيها مآلهم، في ان تلهي أمان ضالة لبعض الأتباع من سنة العراق، ممن يبحثون عن أي منصب، حتى ولو كان "فراشا" في الرئاسات الثلاث، لا يحل ولا يربط.

أجل، إن ستة عشر عاما مضت والمكونات الاخرى ليس لها حق في حكم العراق، بالرغم من أن ساسة الشيعة في هذا البلد أثبتوا فشلهم على مدار كل تلك السنوات العجاف، ولم يكن بمقدورهم ان يصلوا بالبلد الى شاطئ الأمان، إن لم يغرقوه في متاهات القتل والترويع والفوضى والانفلات وملايين النازحين والمشردين والفقراء والمساكين ونهبهم لثروات البلد، حتى أصبح العراقيون أفقر شعب على وجه المعمورة، بالرغم من أنهم ينامون على جبال من ذهب وثروات كبرى، بإمكانها ان تبني دولا أخرى، وتصل ببلدهم الى مصاف دول كبرى، وهم يرفضون ان يشاركهم الاخرين مثل هذا الحق.

لقد صدق السياسي الكردي عبدالسلام برواري حين كشف الحقيقة المرة قبل يومين حين قال: أن ممثلي الشيعة فشلوا بإثبات جدارتهم في الحكم وفشلوا أن يثبتوا حتى لناخبيهم بأنهم جديرون بالحكم، وأثبتوا عدم مقدرتهم على حكم العراق، وهم أنفسهم من سلموا مقادير بلدهم للأغراب والطامعين، وتجارب حكمهم هذه تؤكد هذه الحقيقة، حتى وإن كانت مرة، وهي أمر من العلقم، على كل حال.