سيناريو الحل بين عرب العراق وعجم إيران

العراق بلد العرب والأكراد. على الشيعة ان يحددوا موقفهم ان كانوا عربا أم لا. 
فشلت كل محاولات تقسيم العراق إلى ثلاثة أو أربعة مكونات رئيسة
من يريد أن يبقى ولاؤه لإيران فيدخل ضمن عراق العجم
العراقيون بعد كل سنوات الضيم لا يريدون مزدوجي الولاء أن يبقوا بينهم

كلما تمعن المهتمون بالشأن الاستراتيجي الخاص بمستقبل المكونات العراقية، للخلاص من تلك المعاناة القاسية وحالة التشرذم والاحتراب التي يعانيها المجتمع العراقي، لوضع سيناريوهات الحل للأزمة العراقية، حتى تتوقف عجلة الزمن، ويضمحل التفكير المنطقي، عندها يضطر صناع الاستراتيجيات، إلى البحث عن خيارات أخرى أكثر منطقية، لوضع مستقبل عراقي أكثر إشراقا، وأكثر قدرة على تحقيق آمال شعبه، في البحث عن خلاص قريب.

لقد فشلت كل محاولات تقسيم العراق إلى ثلاثة أو أربعة مكونات رئيسة، وهم السنة والشيعة والكرد والأقليات الأخرى، ولم يعد بإمكان هذا التقسيم أن يقدم حلولا عقلانية للأزمة العراقية، بل أدت تلك السيناريوهات إلى تمزيق أوصال هذا البلد إلى ملل ونحل وولاءات مزدوجة.

ومن وجهة نظري، أرى أن تتم إعادة رسم خارطة العراق على أساس أن يختار العراقيون بأن يكونوا بين عرب العراق أو عجم إيران. من يريدون من عرب العراق من كل محافظاته، أن يبقى موقفهم واحدا، ولهم الرغبة بالعيش المشترك سنة وشيعة، إخوة متحابين، يجمعهم تاريخ مشترك وأهداف موحدة، ويريدون إقامة وطن محترم لهم، ضمن إطارهم العربي، يتقاسمون ثروات بلدهم بعدالة، ويجدون لهم تحالفا وطنيا، يخدم توجهاتهم المشروعة، في أن يحافظوا على شخصيتهم العراقية الأصيلة، كما هو شأن تاريخهم وعيشهم المشترك على مر الدهور، فيدخلون ضمن الجناح العراقي العربي.

ومن يصرون على البقاء في الحضن الإيراني، وموالاتهم لإيران على طول الخط، فعليهم أن يدخلوا ضمن عراق العجم، ويمكن أن يكون هناك تقسيم جغرافي، يُتفق عليه داخليا ودوليا، ليكون عراق العجم، أقل مساحة على امتداد الشريط الحدودي الشرقي للعراق مع إيران.

أما أكراد أو كرد العراق، فلديهم خيار البقاء ضمن كرد العراق، وهم يشكلون بقية جسد الطائر العراقي، ويكون العراق هنا عربي/كردي، أو يتحول الكرد إلى دولة كردية خاصة بهم، وهم يتحملون مسؤولية ما يتعرضون له من إخفاقات، إن أرادوا العيش ضمن الدولة المفترضة، التي يحلم ساستها بها منذ وقت ليس بالقصير.

وهنا سيدخل العراقيون في امتحان الإرادة الوطنية، وتكون هناك رغبة جامحة لشيعة العراق الأصلاء للالتحاق ضمن عرب العراق، وتاريخهم الناصع بالبياض والبطولات الفريدة ومكانتهم عبر التاريخ، وهم قبائل عربية عريقة، ولدى الكثيرين منهم مرجعياتهم الوطنية، ستشفع لهم بقيام دولة عراقية قوية، عندما يؤكدون وقفتهم المشرفة بالعيش المشترك مع سنة العراق ضمن العراق العربي، بلا طوائف أو احتراب طائفي.

أما من يريد أن يبقى ولاءه لإيران، ويرغب في أن يحمل علمها وعقيدتها ويؤمن بولاية الفقيه، ويحارب شعبه معها، فيدخل ضمن عراق العجم، حتى يكون هناك فرز واضح، لايقبل الولاء المزدوج، فالعراقي لم يدخل مرحلة الولاء المزدوج عبر التاريخ، إلا في السنوات الأخيرة من عمر العملية السياسية، وربما دخل الكثيرون منهم اضطرارا وليس اختيارا، ولكن عندما يجد شيعة العراق، أنهم يريدون استعادة مجدهم المجيد، وتاريخهم المشرف في الدفاع عن تراب العراق الطاهر وهويته الوطنية العربية الأصيلة، فيدخلون ضمن عرب العراق، وثوار تشرين وحتى عشائر الوسط والجنوب، ونخبهم المثقفة الحرة الأصيلة، تدفع أغلبها مع توجهات من هذا النوع.

وقد يجدون فيها فرصتهم لتحقيق حلمهم بعراق قوي، موحد بكل طوائفه، عندها سيكون العراق دولة منيعة قائمة برغبة مجتمعها الواعي الأصيل، بأن يروا بلدهم وهو يستعيد كرامته، ويعلي شأن مواطنيه، بلا ولاءات خارجية لأي كان، لا لأعجمي ولا لتركي، بل عراقيا صميميا أصيلا يعتز بعراقيته حد الدفاع المستميت عنها وإعلاء شأنها بين الأمم، ووقفات العراقيين على مر العقود الماضية أكدت هذه الحقيقة.

بل إن من شأن هذه الخطوة أن تعيد للعراق العربي دوره ومكانته، ويكون له محيطه العربي الداعم له والمساند لتلك الرغبة الجامحة بالتحقيق، وهي أمنية عربية جامعة، كون العرب ينظرون إلى العراق بسنته وشيعته وكرده وأقلياته، على أنه حامي حماهم، وقلعتهم المنيعة، وهو من يضع حدا لمحاولات التطاول على دولهم والاستهانة بشعوبهم، وبلا محاولات فاشلة للوحدة بين دوله التي أقيمت في عهود سابقة، وفشلت كلها، بل باتفاقات تنسيق أمني وسياسي واقتصادي مشترك، تبقى كل دولة عربية ضمن محيطها وإقليمها، وبلا أطماع ضد الآخر العربي.

عندها سيجد العراقيون أن بقية الدول العربية ستستقبلهم بالأحضان، وتثق بهم، وتكون ثرواتهم داعمة للعراق وشعبه، ويعود العراق شامخا كما كان، وله هويته العروبية الأصيلة، وعلمه العراقي العروبي الأصيل، وهو يعتز بهويته الإسلامية، ودوره المشرف في إعلاء شأن الإسلام والمسلمين، وحماية كرامة كل الأقليات التي تعيش في كنف ربوعه، وهي محترمة وكرامتها مصانة، ولها حق العيش المشترك الآمن ضمن عراقها العربي الموحد الأصيل، الجامع لكل الهويات العراقية الموحدة، ولها حق اختيار من تراه من قياداتها العليا، بلا أغلبيات ولا أقليات طائفية أو قومية، إلا بقدر الخدمة التي يقدمها للعراق وشعبه، وبخاصة الكرد والأتراك والمسيحيين والصابئة والشبك والايزيديين والفيليين وكل الأقليات الدينية والقومية التي تتعايش على أرض العراق، كما يحترم العراق الجديد كل دول الجوار ومن ضمنها إيران، إن احترمت سيادة العراق وكرامة شعبه، وأوقفت محاولات الهيمنة على مقدراته.

وفي اعتقادي أن هذا السيناريو هو الحل العراقي الأمثل، لاستعادة العراق هويته الوطنية العروبية التي تجد فيها المكونات العراقية موقعها الصحيح، وعيشها المشترك الآمن، تحت لواء الكرامة والسيادة والاستقلال الحقيقي، يشترك العراقيون العرب والكرد العراقيون وبقية المكونات العراقية الأصيلة، بصنع قرارهم الوطني وغدهم المشرق الوضاءّ.

أما من يريدون أن يخرجوا عن الولاء الوطني للعراق، ويكون ولاؤهم للآخر الأجنبي أيا كان هذا الأجنبي، فما عليهم إلا أن يجدوا لهم مكانا آخر، يؤكدون فيه ولاءهم لمن يريدون، وهم أحرار في اختيارهم عندما يخرجون عن الحضن العربي، حتى وإن عانوا من العزلة، وتحولوا إلى أقلية، فقد يعود البعض ممن يشعر منهم بالندم، إلى أقداره فيما بعد، ضمن وحدة العراق العربي.

فالعراقيون بعد كل سنوات الضيم والمذلة والمهانة التي حلت ببلدهم، لايريدون مزدوجي الولاء أن يبقوا بينهم، وهم يريدون أن تكون موالاتهم للعراق وللعراق أولا، ليس إلا، وهذا هو الحل الأقرب إلى التحقيق، إن أريد للعراق أن يعود فاعلا عربيا صافيا رقراقا، ينعم مواطنوه من كل الأديان والقوميات بالحرية والعدالة والمساواة في العيش الآمن المشترك، وسيجدون مساندة المجتمع الدولي واحترامه وتقديره، على توجهات من هذا النوع.