شلومو العراقي

بدا من بين عشرات الحاضرين ولهاً وهو يحرك كفيه مرة ورأسه مرات، على
أنغام مقامات "الصبا والمخالف واللامي"، في حفلة "على ضفاف دجلة" للفنانة فريدة التي شهدها رواق قاعة "باربيكان" اللندنية الأسبوع الماضي، وكأنه وليس أباه من غادر شواطئ دجلة منتصف القرن الماضي إلى إسرائيل.
كان شلومو نجل الموسيقار العراقي صالح الكويتي حاضرا بين العشرات من المغتربين العرب واليهود في الحفل، فألحان والده الذي أرخ لتاريخ من الحنين عبر أصوات صديقة الملاية وسليمة مراد وزكية جورج وعفيفة اسكندر لم تزل توقظ الذاكرة الموسيقية.
ليس ثمة حواجز سياسية بيننا عندما نلتقي على تاريخ البلاد التي لم تكف عن رثاء القتلى منذ ذاك السومري الذي رثى أبنه بأول قصيدة في التاريخ، حتى مآقي اليوم التي لم تفرغ من دموعها بعد.
شلومو لم يولد في العراق مثل أبيه الذي ولد على ضفاف الخليج العربي، لكنه بقي عراقياً بحسه ولهجته وولعه بمقام "الصبا".
تحدث معي وكأنه يعرفني مثل أي عراقي آخر، ولم تكن المسافة التي قطعها من إسرائيل إلى لندن تعني له شيئاً حيال معادل المسافة التي يتوق لها صوب العراق.
شلومو صالح الكويتي، العراقي بامتياز، يحتفظ بأرشيف والده الفنان صالح
الكويتي وعمه داود، ويسعى إلى إعادة إحياء موسيقى عراقية لم تغادر الوجدان أبداً.
مئات الألحان التي تركها الأخوان صالح وداود مازالت بحاجة إلى توثيق علمي يؤكد للأجيال القادمة أن لا الدين ولا التسميات تحول دون إبداع
معبر عن البيئة التي عاش فيها الفنان.
للتواصل مع كرم نعمة