طرفا النزاع الليبي يوقعان اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار

أردوغان يصف الاتفاق بأنه ضعيف من حيث المصداقية وسط مخاوف داخلية وخارجية من مساع تركية لإفشال الجهود الدولية من أجل انهاء النزاع الليبي.
واشنطن تدعو جميع المقاتلين الأجانب لمغادرة ليبيا
تفاؤل حذر في الداخل الليبي من امكانية تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار
اية محاولة من قبل المخابرات التركية لتقويض جهود السلام ستجعل أنقرة في قفص الاتهام
برلين والأمم المتحدة ترحبان باتفاق وقف اطلاق النار في ليبيا

جنيف - وقع الطرفان المتحاربان في ليبيا اتفاقا لوقف دائم لإطلاق النار في سائر أنحاء البلاد اليوم الجمعة، لكن وضع نهاية تامة لسنوات الفوضى والدم يستلزم اتفاقا أوسع بين الجماعات المسلحة العديدة والقوى الخارجية التي تساندها، فيما عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تدخل عسكريا دعما لميليشيات متطرفة تقاتل مع حكومة الوفاق الليبية، عن عدم رضاه على الاتفاق مشككا في مصداقيته.

ولا ترغب تركيا في انهاء الأزمة وتدفع باستمرار لتأجيج النزاع المسلح، فيما تسعى لاستغلال الفوضى وانفلات السلاح لتنفيذ مخططتها للتمدد في ليبيا التي تشكل سواحلها بوابة رئيسية لأوروبا وهي أيضا بوباة رئيسية للعمق الافريقي.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة لليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز إن وقف إطلاق النار سيبدأ على الفور وإنه يتعين على كل المقاتلين الأجانب الرحيل عن ليبيا خلال ثلاثة أشهر، بينما ستؤمّن قوة شرطة مشتركة جديدة المناطق التي سيخليها المقاتلون.
ومع وصول طائرة ركاب إلى بنغازي الجمعة قادمة من طرابلس في رحلة هي الأولى منذ أكثر من عام، أشادت وليامز بتوصل الجانبين لاتفاق.
وقالت في جنيف بعد توقيع الاتفاق "كان الطريق طويلا وصعبا في بعض الأحيان. وطنيتكم كانت سبيلكم للمضي قدما ونجحتم في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار".
وأضافت في بث مباشر بعد مراسم التوقيع أنها تأمل أن يتيح الاتفاق للنازحين واللاجئين العودة إلى بيوتهم.

ورحبت الولايات المتحدة بالاتفاق. وقالت إن على جميع المقاتلين الأجانب مغادرة ليبيا. وجاء في بيان نشرته السفارة الأميركية في ليبيا "هذا الاتفاق خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تحقيق المصالح المشتركة لجميع الليبيين في خفض التصعيد والاستقرار ورحيل المقاتلين الأجانب".

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الجمعة أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه طرفا النزاع الليبي في جنيف "خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار" في البلاد.

وقال في مؤتمر صحافي في مقرّ المنظمة الدولية في نيويورك "أهنئ الفرقاء لتغليبهم مصلحة أمتهم على خلافاتهم".، مضيفا "لقد عانى الكثيرون من النزاع لفترة طويلة جدا"، معربا عن أسفه لمقتل المدنيين بسبب الاشتباكات.

وتابع "إنني أدعو جميع المنخرطين والفاعلين الإقليميين إلى احترام أحكام اتفاق وقف إطلاق النار وضمان تطبيقه دون تأخير" مشيرا إلى ضرورة احترام حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا المفروض منذ عام 2011.

ووصفت ألمانيا التي تسعى بقوة لإيجاد تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بأنه "أول نجاح حاسم" في ذلك الاتجاه.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إن المفاوضات "أدت إلى أول نجاح حاسم"، معتبرا أنه "أساس جيد لإيجاد حل سياسي مقبل".

وقال "ليبيا لم تحقق هدفها بعد، لكنها أزالت عقبة مهمة من طريق السلام. من الواضح أن الشعب الليبي يريد ويجب أن يصنع بنفسه مستقبل بلاده".

كما حث "الفاعلين الدوليين" على "دعم هذا المسار بشكل كامل والامتناع عن أي تدخل آخر"، داعيا "ممثلي الحوار السياسي إلى التقارب بطريقة شجاعة وبناءة".

 

ما لم توجد قوة وآلية لتطبيقه على الأرض وإخراج المرتزقة وحل جميع الميليشيات ستكون كل هذه الاتفاقات مجرد حبر على ورق

ويأتي الاتفاق بعد أن دفعت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في يونيو/حزيران قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر للانسحاب بعد هجوم القوات الليبية الذي استمر 14 شهرا على العاصمة.
ومنذ ذلك الحين، استقرت جبهات القتال غربي مدينة سرت الساحلية في وسط البلاد، وأنهى الجيش الوطني الليبي حصارا استمر ثمانية أشهر على إنتاج وتصدير النفط، وهو ما ضيّق موارد الدولة المالية على الجانبين.
ومن المقرر إجراء محادثات سياسية بين الجانبين في تونس مطلع الشهر المقبل، لكن داخل ليبيا، حيث فشل العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار والتحركات الدبلوماسية لعقد اتفاق دائم، أعرب البعض من كلا الطرفين عن تشككه في إمكانية دوام الاتفاق الأخير.
وقال رجل الأعمال كمال المزوغي البالغ من العمر 53 عاما بينما كان يجلس في مقهى بوسط طرابلس "كلنا نريد أن تنتهي الحرب، ولكن على المستوى الشخصي أنا لا أثق بمن هم في السلطة. العام الماضي كنا على أعتاب محادثات تنهي الانقسام ولكن الحرب اندلعت".

وفي بنغازي قال أحمد علي البالغ من العمر 47 عاما "ما لم توجد قوة وآلية لتطبيقه على الأرض وإخراج المرتزقة ووقف جميع فرق التدريب العسكرية الأجنبية وحل جميع الميليشيات وجمع السلاح الذي خارج يد الدولة ستكون كل هذه الاتفاقات مجرد حبر على ورق".
واصطدم الكثير من المساعي الدبلوماسية السابقة لإنهاء الصراع الداخلي في ليبيا بواقع فوضوي يهيمن عليه التنافس بين الجماعات المختلفة منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.
وقال طارق المجريسي المحلل والباحث في الشأن الليبي "لا توجد حتى الآن علامة واضحة على أن المتحاربين الليبيين ينظرون إلى هذا على أنه أي شيء سوى فترة للتهيؤ والتمركز".
وتلقى الجانبان دعما بالأسلحة والمقاتلين من قوى خارجية حيث اجتذب الصراع الليبي دولا مدفوعة بمصالحها الإقليمية.
لكن الجهود لإنهاء القتال والتوصل الى اتفاق يعيد لليبيين السلم تقابله تهديدات تركية بدعم المجموعات المسلحة ومواصلة النزاع وهو ما يهدد باعاقة كل الجهود الدولية والاقليمية.
وفي هذا الصدد قل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا ضعيف المصداقية وستظهر الأيام مدى صموده.
جاء ذلك في معرض رده على أسئلة الصحفيين، عقب أدائه صلاة الجمعة في أحد المساجد بمدينة إسطنبول.

اردوغان يسعى لاستغلال ملف المرتزقة في ليبيا لابتزاز الاطراف الدولية
اردوغان يسعى لاستغلال ملف المرتزقة في ليبيا لابتزاز الاطراف الدولية

وأعرب أردوغان عن اعتقاده بأن توقيع اتفاق لوقف إطلاق نار دائم في ليبيا ضعيف المصداقية موضحا أن الاتفاق تم على متسوى مندوبين أحدهما يمثل حفتر والآخر قائد عسكري من مصراتة يمثل حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج.
ولفت إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا "ليس اتفاقا على أعلى مستوى وستُظهر الأيام مدى صموده".مضيفا: "أتمنى أن يتم الالتزام بهذا القرار لوقف اطلاق النار".
ويستشف من تصريح اردوغان تحديه الواضح للرغبة الداخلية لليبية وكذلك الرغبة الدولية في انهاء الحرب في ليبيا لكن اية محاولة من قبل المخابرات التركية لتقويض جهود السلام ستجعل انقرة في قفص الاتهام.
ولتركيا تاريخ من التنصل من الاتفاقات الموقعة بخصوص ليبيا حيث قبلت التزاما في برلين بعدم تسليح الميليشيات لكنها نقضته سريعا.
وفيما يخص ما تردد حول التوافق بشأن انسحاب المرتزقة، قال أردوغان :" لا نعلم مدى صحة (قرار) انسحاب المرتزقة من هناك في غضون 3 أشهر".
وتورطت تركيا في نقل المئات من المرتزقة لدعم ميليشيات حكومة الوفاق وسط انتقادات دولية.