عبدالرزاق مولى: مهمة الفنان هي أن يجد شكلا ملائما للفوضى

يتميزُ الفن التشكيلي بأسبقيته في تطويع الاتجاهات الفكرية الجديدة والتعبير عنها داخل فضاءات لونية معبرة عن هموم العصر وإشكالية الإنسان الوجودية كما أن الفن يعتبرُ إرهاصاً بالتحولات التي قد تشهدها طبيعة الحياة وهذا مايمكن فهمه من خلال انطلاقة النهضة الأوروبية على المستوى الفني إذ كانت الأعمال الفنية تعكس تطلعات الإنسان لعهد جديد تتنفسُ فيها الأرواح بالحرية .
عن مهمة الفنان وآليات تشكيل الهوية الفنية ورهان الفن التشكيلي في العراق كان لنا حوار مع الفنان عبدالرزاق مولى وهو من مواليد الموصل والذي ساهم في المعارض المشتركة كما أقام معارض خاصة به.
محطات متنوعة وكثيرة
 - مشاريع كل فنان تمر بمحطات مختلفة إلى أن تكتسب ملامحها الواضحة هل يمكن معرفة ما تميزت به بداياتك مع الفن التشكيلي؟
نعم اختبرت محطات متنوعة وكثيرة بعضها لم يخلُ من التحديات والمصاعب كما صادفت مراحل مشجعة كانت بمثابة داعمة لتجربتي الفنية وأهم ماتميزت به بداياتي مع الفن التشكيلي هو حبي وشغفي للفنون بكل أشكاله وألوانه ولايمكن انجاز التطور والإبداع دون المحبة المجانية.
 -المتابع لمنجزك الفني يلاحظ وجود خطوط مشتركة في تكوين لوحاتك ماهي برأيك التحديات التي تواجه الفنان المعاصر لبناء هويته الإبداعية؟
تحديات تواجه الفنان المعاصر 
نعم توجد خطوط مشتركة في تكوين اعمالي الفنية ولكنها خطوط متغيرة غير ثابتة برأيي التحدي الأكبر الذي يواجه الفنان المعاصر هو تشابه الاساليب والرؤى، والتكرار والفوضى علما أن الفنان يهمه العمل على بناء هويته من خلال طرح شكل جديد، وهنا دعني اقتبس من صمويل بيكت (ماقواله لا يعني الا يكون شكل في الفن انه يعني فحسب وجود شكل جديد، وهذا الشكل سيكون من النوع الذي يسمح بوجود الفوضى، ولا يحاول ان يقول ان الفوضى في الحقيقة هي شيء اخر، الشكل والفوضى مازالا منفصلين والاخيرة ليست اقل من الاولى، السبب في الاستغراق في الشكل هو كونه موجود كمشكلة منفصلة عن المادة التي يتعامل معها، ان تجد شكلا ملائما للفوضى هذه هي مهمة الفنان حاليا .
الفنان يختار تشكيلته اللونية
 -هل من الضروري بالنسبة للفنان تشكيل معجمه اللوني أو أن ذلك الأمر لايقع ضمن آلية التيارات الفنية الحديثة؟
الألوان هي عالم واسع، والفنان حر في اختيار تشكيلته اللونية طبعا قد يكون متأثراً بمدرسة أو مذهب فني معين وذلك يوجه ذائقته في التعامل مع الألوان، الالوان تتغير من مدرسة الى اخرى من الكلاسكية الى الفن الحديث، نعم يوجد فنانون يفضلون عوائل لونية على الاخرى، ومنهم لديه بحوث في اللون، ومنهم من يزهد من الصخب ويتجه إلى رسم بالأبيض والأسود.
النقد ونضج تجربة الفنان الإبداعية  
 - إلى أي مدى يعدُ وجود الخطاب النقدي عاملاً للتجديد في الاتجاهات الإبداعية ؟
وجود النقاد والخطاب النقدي يلعب دوراً مهماً في تجربة الفنان ونضج روحيته الإبداعية الفنية، ولكن ارى بان الخطاب النقدي يحتاجُ الى تجديد ومواكبة ثورات الحداثة ومابعد الحداثة، نحن بحاجة الى مناقشة واقع الفن المعاصر وتمحيص الاتجاهات الفنية للتأكد من صحة المفاهيم .
الدراسة الأكاديمية
 -ماذا أضافت إليك الدراسة الأكاديمية على مستوى الرؤية للفن التشكيلي؟
الدراسة الأكاديمية، هي حجر الاساس وهي تجعلك أكثر دراية يقواعد الفنأما الرؤية الفنية فباعتقادي تتشكل نتيجة الممارسة والبحث .
المساحات الفارغة 
- ماهي مصادر إلهامك ؟هل يشغلك الصراع مع المساحات الفارغة ؟
لا يشغلني التفكير في مصادر الإلهام وليس لديَّ مايمكنُ تحديده على الإعتبار أنَّه مصدر ملهم، ولا يصعبُ عليَّ أن أترك الرسم لفترة طويلة ومن ثمَّ أعود من جديد بذاكرة صورية فارغة ولا أتخندق ضد المساحات الفارغة ولاأعاني من أجل تطويعها لحركة ألواني فهذه المساحات الفارغة تحددُ وظيفتها في فضاء اللوحة والموضوع لايتطلبُ إعلان الإستنفار.
لا توجد عندي مصادر الهام احيانا اترك الرسم فترة طويلة  وبعدها اعود بذاكرة صورية فارغة، نعم المساحات الفارغة ليست لدى مشكلة معها اثناء العمل احيانا تكون ممتلئة واخرى تكون فارغة هي من تحدد، ليس لدي تخطيط مسبق للعمل الاشكال والالوان والخطوط والمساحات الفارغة والممتلئة تاتي اثناء العمل .
 -شهد العراق تحولات مفصلية خلال العقود الثلاثة الأخيرة هل يمكن تحديد تمظهرات ذلك في الفن؟
ازدهار الفن التشكيلي العراقي
فعلا قد شهد العراق تحولات كبيرة على الأصعدة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وكل ذلك له تمثلات في المشهد الثقافي والفني، ولم يعد المبدع العراقي بعيداً عن المناخ العالمي وكسر حاجز المحلية واستطاعت حركة التشكيلية العراقية العبور نحو الفضاءات المعولمة ولا مبالغة في القول بأن الفن التشكيلي العراقي بمختلف تياراته يشار إليه بالبنان.
المتلقي النموذجي
 -تعجُ وسائل التواصل الإجتماعي والشاشات بالصور والمحتويات المتنوعة كيف أثر كل ذلك مستويات التلقي للأعمال الفنية؟
يوجد متلقي عادي قد يستمتعُ بمعاينة الأثر الفني إلى جانب المتلقي النموذجي فالأخير يمتلك يستهويه رصد خصوصية العمل الفني، والفن عموما لا يمكن قياسه مثل معادلات رياضية، لاشك أن وسائل التواصل الاجتماعي والمرئيات قد ألقت بتأثيرها على التذوق الفني لدى شرائح كثيرة بحيث يتمكن المتابعون بقطع النظر عن تباين الخلفيات الثقافية من مشاهدة الأعمال الفنية ومناقشة محتوياتها.