عودة إلى "مجاهدي خلق" من أجل إيران جديدة

شعار من نوع "رؤية مقاومة جديدة" هو أفضل من الخطب الرنانة الكئيبة التي لا تفعل شيئا سوى تكريس حالة الكسل التي يستفيد منها النظام الإيراني.

تألم أصدقائي في منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية بسبب مقال سابق كتبته في نقد فكرة "الكفاح المسلح" من جهة كونها تقنية نضالية لم تعد صالحة للاستعمال في عصرنا.

لدينا من الفضائح كثير من النماذج. حركة "حماس" و"حزب الله" وصلا بتلك الفكرة إلى نهاياتها الفاجرة والمدمرة. لم يعد هناك مجال للدفاع عنها بعد كل ذلك الفساد.

ومع ذلك علينا أن نعترف أن منظمة مجاهدي خلق لم تتاجر بعذابات الشعب الإيراني. لم تكن طرفا في المزادات العالمية التي تتعلق بالمسألة الإيرانية.

كانت منظمة مجاهدي خلق ولا تزال حركة نزيهة كما أظن. برهانها على ذلك فقرها المادي وتقشفها وزهدها. اما غناها البشري فهو دليل على أن الإيرانيين ما زالوا يراهنون على نقاء الطوية.

مشكلة تلك المنظمة إنها تمارس السياسة من غير أن تأخذ في نظر الاعتبار تطورات الموقف في المنطقة والتغيرات التي تطرأ على ميزان القوى في العالم. وهي في ذلك تظلم نفسها وجماهيرها الذين تسلمهم إلى الانتظار بسبب ثقتهم المبالغ بها بما يُقال لهم عن الأوضاع السياسية في بلادهم.

ما كتبته عن انتهاء فاعلية فكرة الكفاح المسلح يدخل في صلب تلك العلاقة.

في عالمنا المعاصر حدث تغير كبير في السلوك السياسي تبعا لتغير المفاهيم. هناك تغير جذري في كل شيء وهو ما أدارت إليه المنظمة ظهرها.

ماذا عن أساليب النضال الوطني الأخرى التي من المؤكد أن جماعة مقاومة عريقة مثلها كانت قد وضعتها في خططها؟ ذلك سؤال جوهري. غير أن ما يجعل وضع المنظمة أكثر حرجا موقفها الرافض لتوجيه ضربة أميركية إلى إيران. ذلك موقف ينطوي على الكثير من النبل الأخلاقي غير أنه يضع الوعي الوطني في مسار مزدوج.

لا تريد منظمة مجاهدي خلق أن تكون جزءا من مشروع أميركي استعماري مثلما حدث للمعارضة العراقية السابقة. وهي على حق في ذلك. في الوقت نفسه فإنها تعرف أن اسقاط نظام وحشي مثل نظام الملالي لا يمكن أن يتم عن طريق المقاومة الداخلية إلا إذا عززت تلك المقاومة بعصيان مدني، تكون أساسه بنية اجتماعية وثقافية مقاومة. وذلك ما لا يمكن تحقيقه في ظل اختراق أجهزة النظام الأمنية للمجتمع الإيراني.

في ظل ذلك التناقض ستظل العقدة قائمة.

غير أن المنظمة لا تفتقد إلى قاعدة شعبية في الداخل بالرغم من وحشية الوسائل التي أتبعها النظام في مطاردة أتباعها. تلك القاعدة يمكن إعادة تشكيل وعيها الثقافي من خلال برنامج، يستند إلى رؤية جديدة لطريقة التعامل مع النظام بعد أن انتهى مفعول الطرق القديمة التي سبق للمنظمة أن حققت من خلالها نجاحات كبيرة.

صحيح أن المنظمة عانت طويلا من سوء الفهم الدولي الذي أحاط بها وهو ما حرمها من تعاطف، كانت في أمس الحاجة إليه. غير أن الظرف السياسي اليوم قد تغير في ما يتعلق بالموقف من نظام الملالي وهو ما يمكن أن تستفيد منه إذا ما قررت أن تبعث في جسدها شبابا، تستلهمه من نضارة وفتوة جيل إيراني جديد، هو أكثر تطلعا للانفتاح على العالم من الجيل القديم.

إن شعارا من نوع "رؤية مقاومة جديدة" هو أفضل من الخطب الرنانة الكئيبة التي لا تفعل شيئا سوى تكريس حالة الكسل التي يستفيد منها النظام.

هل ستكون المنظمة قادرة على القيام بذلك التحول؟

لا يمكنني هنا أن أجزم بطبيعة علاقة المنظمة بالمجتمع الدولي فليست لدي معلومات مؤكدة في ذلك المجال. غير أن الواجب أن تقوم المنظمة بتطوير علاقتها بالعالم والانفتاح عليه في سياق الرغبة في تغيير النظام المتخلف من أجل أن تقوم إيران جديدة.

لقد اخترع نظام الملالي معارضة داخلية على مقاييسه في محاولة منه لتهميش المعارضة الحقيقية المتمثلة في "مجاهدي خلق". ذلك ما يمكن أن يشكل رافدا قويا لدعم المعارضين الحقيقيين في تقديم أنفسهم إلى العالم. فكذبة النظام في ما يُسمى بـ"الحياة الديمقراطية" لا يمكن أن تنطلي على أحد.

ما تعرفه منظمة مجاهدي خلق أن هناك ملايين الإيرانيين، في الداخل والخارج هم ليسوا من أتباعها غير أنهم يعتبروها صوت الحرية القادم من أجل بعث إيران جديدة.