فشلت بريطانيا ونجح الشعب الليبي

ليبيا في حاجة إلى رجل قوي يوحدها. حفتر هو ذلك الرجل.

ليبيا بلد نفطي دخل إليه البريطانيون في مرحلة الاقتتال الداخلي ولن يخرجوا. هم في طرابلس وفي مجلس الامن. لن يُسمح لأحد باختراق خطوطهم أو التعدي عليهم. حصتهم المال والنفط في ليبيا. لا يهم بالنسبة لهم مَن يقاتل مَن ومَن يقتل مَن. المال والنفط لهم أما الموت فلليبيين وحدهم.

لا يدير البريطانيون الميليشيات التي تحكم طرابلس بقدر ما يحرصون على إدامة واستمرار نشاط تلك الميليشيات وهيمنتها على المدينة، بحيث يبدو الوضع جزءا من المشهد الطبيعي الليبي. الليبيون يقتل بعضهم البعض الآخر إذا ما تطلب الأمر. وهم أحرار في ما يفعلون.

ولكن الحقيقة تقول إن ليبيا بلد ممزق في انتظار مَن يوحدها.

سيكون من الصعب التوفيق بين موقفين. موقف المجتمع الدولي الذي يعترف بحكومة طرابلس الخاضعة للميليشيات وهو الموقف المريح بالنسبة لبريطانيا. وموقف الجيش الليبي الذي لا يرى بداً من تحرير طرابلس لكي يتم الإعلان عن قيام الدولة الليبية الموحدة ثانية.

الدفاع عن حكومة طرابلس المعترف بها دوليا هو اعتراف ضمني بأن المجتمع الدولي لا يرغب في أن تكون لحرب ليبيا نهاية وليست لديه نية في أن يعين الليبيين على استرداد استقرارهم والخروج من مرحلة الفوضى. ذلك لأنه يكرس وجود حكومة صورية تخضع لنفوذ الميليشيات.

ما صار معروفا للجميع أنه لا وجود لحكومة حقيقية في طرابلس. الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي لا قوة حقيقية لها. إنها حكومة ضعيفة خاضعة لهيمنة الميليشيات. وهي ميليشيات سبق لها وأن ارتكبت مجازر كبيرة في حق الليبيين في مدن عديدة ابتليت بها.

لجأت بريطانيا إلى مجلس الامن للدفاع عن حكومة السراج في طرابلس. فشلت المحاولة غير أنها فضحت الجانب الخفي من المأساة الليبية. هناك دول كبرى مستفيدة من استمرار النزيف والاستنزاف الليبيين.

في المقابل فإن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر يحظى بدعم الولايات المتحدة وروسيا ودول عربية عديدة وهو ما يشير إلى تحول خطير في المزاج العالمي. هناك رغبة دولية في إعادة توحيد ليبيا في ظل قيادة عسكرية قوية.

يقوم الجيش بمهمته في الانقاذ ولا داعي للحديث عن ديكتاتورية حفتر.

ليبيا في حاجة إلى رجل قوي يوحدها. حفتر هو ذلك الرجل. وإذا ما كان الرجل لا يرضي البريطانيين فلأنه سينهي هيمنتهم على النفط الليبي والبنك المركزي الليبي. ولذلك فإنهم حاولوا من خلال مجلس الامن أن يصدر قرار بوقف القتال في ليبيا في خطوة استباقية من أجل أن لا يدخل الجيش الليبي المدينة منتصرا.

بريطانيا تعلن بطريقة غير أخلاقية أنها ترعى مصالحها عن طريق دعم وجود الميليشيات في طرابلس والحيلولة دون وقوع انتصار عسكري للجيش الليبي هو الخطوة الأخيرة للإعلان عن ليبيا الموحدة.

وكما يبدو فإن المجتمع الدولي الذي يعترف بحكومة السراج في طرابلس صار مقتنعا أكثر من ذي قبل بأن تلك الحكومة لن تتمكن من إعادة ليبيا إلى سابق عهدها بلدا موحدا لا تمزقه النزاعات الجهوية في ظل اعتمادها على ميليشيات إرهابية لا هم لها سوى الحصول على حصتها من إيرادات النفط الليبي ضاربة عرض الحائط رغبة الليبيين في العيش بأمان في بلد يعمه الاستقرار.

وهو ما ساعد على اجهاض المسعى البريطاني ووضع بريطانيا في موقع المساءلة، حيث بدت عارية في دفاعها عن الإرهابيين الذين يمثلون بالنسبة لها ستارا يخفي طبيعة تغلغلها في ليبيا.

من المؤسف فعلا أن لا تراعي دولة كبيرة مثل بريطانيا المعايير الإنسانية والأخلاقية في سلوكها السياسي وكان لجؤها الطائش والمتهور إلى مجلس الأمن مناسبة عن الأسلوب الرخيص الذي تتعامل من خلاله مع أعلى سلطة قانونية في العالم مستغلة مكانتها التي ورثتها من عصر الاستعمار.

فشلت بريطانيا ونجح الشعب الليبي في فرض ارادته الحرة.