فيلم 'شلبي' يلامس أوتار قلوب وعواطف الأطفال

عمل المخرج بيتر ميمي يمزج بين الدراما والكوميديا لاستهواء جمهور من الصغار.

الرباط - يعد فيلم "شلبي" واحدًا من تلك الأعمال السينمائية الرائعة التي تجمع بين الكوميديا والدراما بشكل متقن، تم إخراج هذا الفيلم الإنساني من قبل المخرج بيتر ميمي، ومن تأليف مصطفى حمدي، ويتميز الفيلم بمشاركة رائعة من قبل نجومه البارزين مثل كريم محمود عبدالعزيز، روبي، وبيومي فؤاد.

تدور قصة الفيلم حول الشاب "صابر" الذي يعمل كمهرج مخيف في أحد الملاهي الموجودة بالقرب من البنسيون الذي يقيم فيه، تأخذ الأحداث مسارًا مؤثرًا حينما يتعامل صابر مع صاحبة البنسيون الشابة "سعدية" المطلقة وابنتها "كارما" التي فقدت القدرة على النطق بسبب تأثرها النفسي جراء خلافات والديها وفقدان كلبها.

تبرز متتالية المشاهد أن "صابر" يجسد شخصًا طيب القلب ومرحًا، حيث يقوم بمحاولة مساعدة "كارما" بطرق مبتكرة باستخدام دمية "شلبي" التي يتحكم فيها بطريقة ماريونيت، ويتواصل من خلالها مع الصغيرة، وهذا الجانب الإنساني والمؤثر في الفيلم يعكس بشكل مدهش قوة الروح الإنسانية والقدرة على التواصل والتعبير عن المشاعر حتى في أصعب الظروف.

يجعل أداء الممثلين المذهل والتواصل العاطفي بينهم  من "شلبي" فيلمًا مؤثرًا وممتعًا في الوقت ذاته، فالكوميديا السوداء الموجودة فيه تضيف بعدًا  من التوتر والإثارة، وعلاوة على ذلك  فالأداء النابض بالحياة من قبل الممثلين ساهم في شد المتفرج، كما يتمتع تكوين اللقطات بتصوير جميل وإخراج متقن، مما يجعل المشاهدين يتفاعلون مع أحداثه ويحسون بتجارب ومشاعر الشخصيات.

تم تصوير المشهد الذي يوضح العلاقة بين البطل كريم محمود عبدالعزيز والطفلة الصغيرة "كارما" بشكل مقبول وسلس إذ يبرز كريم محمود عبدالعزيز أداء رائع في دور "صابر" الشاب المحب للأطفال والذي يتمتع بقدرة استثنائية على التعبير عن مشاعره وعواطفه بشكل يمس القلوب ويسلي النفوس، كما أن تفاعله مع الطفلة "كارما" يُظهر بجلاء قدرته على التواصل الفعّال مع الأطفال والجمهور الصغير، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي يواجهها "صابر" إلا أن رغبته الشديدة في مساعدة الطفلة وإعادة توحيدها تكون دافعًا قويًا وملهمًا لقراراته وأفعاله.

أما بالنسبة للطفلة "كارما" فقد قامت لافينيا نادر بتجسيد دورها بشكل مؤثر وخاصة البعد  النفسي، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها نتيجة إعاقتها وعدم قدرتها على التحدث بالطريقة التقليدية، إلا أنها استخدمت براعتها في التعبير عبر لغة الجسد والعواطف بشكل يحرك المشاعر، وهذا الأداء الاستثنائي يمكن أن يلهم الأطفال المشاهدين ويشجعهم على التعاطف مع شخصيتها والتفاعل معها على نحو إيجابي.

يستخدم الفيلم مجموعة متنوعة من العناصر الدرامية والسينمائية لبناء قصته ونقل رسائله رغم  أن بعض الجوانب قد تبدو غير منطقية أو غير واقعية في السياق الاقتصادي والاجتماعي الذي تتناوله الأحداث، و يمكن تفسيرها كجزء من العناصر الخيالية والدرامية التي يستخدمها المخرج.

يعتبر تكوين اللقطات  وخاصة  المشاهد التي تقدم مسرحية غير ربحية بمشاركة الفنانين واستخدام الدمية "شلبي" للتواصل مع "كارما" رمزية، إذ إن استخدام الدمية "شلبي" والمشهد المسرحي يعبّر عن التعاون والجهد الجماعي بين الأفراد من أجل تحقيق الخير والتغيير في العالم، وهذه الرمزية تبرز أهمية الفن والإبداع كوسيلة للتأثير الإيجابي في المجتمع.

تنسج الحكايات الخيالية والسينمائية للأطفال قصصًا مليئة بالجمال والدهشة في عالم السينما السحري، وتعتمد هذه الأفلام على مجموعة متنوعة من العناصر الدرامية والسينمائية الخيالية لبناء عوالمها وإيصال رسائلها، وتظهر في هذه القصص جوانب تبدو أحيانًا غير منطقية في العالم الواقع، ولكنها تلمس أوتار القلوب والعواطف بأسلوب فني مميز، كما تعكس المشاهد الخيالية في هذا الفيلم رسائل إيجابية حول العطاء والتفاؤل وقوة العلاقات الإنسانية، وقد تكون القصص غالبًا مبالغً فيها لأغراض توجيهية وتعليمية وترفيهية، مما يجعلها أحيانًا تعيدنا إلى عوالم خيالية بعيدة عن واقعنا اليومي وخاصة سينما الطفل

 يتم تقديم هذه القصص بروح الإبداع والفن لاستهواء الجمهور الصغير، فالفن يسمح للأطفال بالاستمتاع بتجارب جديدة ومثيرة دون أن يتعرضوا لتعقيدات الحياة الحقيقية، وهذا الإبداع يمكن أن يلهمهم ويشجعهم على التفكير والتخيل بمزيد من الإيجابية والتفاؤل في عالمهم الخاص.

يمكن رؤية الارتباك في أكثر من جوانب في هذا العمل السينمائي، منها ملاحظته في انتقال أحداث الفيلم إلى تسلسلات درامية غير متجانسة يمكن حذفها دون أن تؤثر إلى حد بعيد على الحبكة الرئيسية، نأخد على سبيل المثال مشهد محاولة السرقة للحصول على تكلفة بناء الديكور وفقدان الكاميرا المسروقة وفجأة يبدو المشهد غير متناسق مع السياق العام  ومكان أحداث الفيلم.

تم اختيار كريم محمود عبدالعزيز بنجاح نظرًا لكاريزمته التي تجذب الصغار والكبار، ومع ذلك يجب على صناع الأفلام الخاصة بالأطفال أن لا يتجاهلوا حقيقة أن هؤلاء الأطفال بحاجة إلى سيناريو محكم ومنطقي تمامًا مثل أي فيلم آخر. ويتطلب تقديم القصص للجمهور الصغير توجيهًا دقيقًا وبناء أحداث منطقي ومتجانس يساهم في تعزيز تجربتهم السينمائية وتشجيعهم على التفكير والاستمتاع بالعالم الخيالي بمزيد من الذكاء والتفاعل.