"قلعة طاهر" متعة القراءة وفائض السرد

اللغة الشعرية وأسلوب التقطيع المشهدي اللذان سبكت بهما رواية حسن السلمان تشدان القارىء وتتملكانه فلا يجد فكاكا من إغراء مواصلة القراءة.
الإطراء المستحق لمعظم مشاهد الرواية عكر صفوه عديد العثرات التي كبا عندها السرد والمشاهد المصطنعة المقحمة التي أثقلت نسيج الرواية
السلمان ارتكز في بناء قلعة طاهر على ثلاث مرجعيات

بلغة شعرية طرية آسرة، حية، نابضة بألوان وبروائح المكان، شيد حسن السلمان عمارته السردية "قلعة طاهر" عمله الروائي البكر بعد تجاربه الكتابية المتتالية التي تنوعت بين الشعر والقصة القصيرة والنقد الثقافي. الرواية صدرت بـ 168 صفحة من القطع المتوسط عن دار نينوى للنشر والتوزيع في دمشق  أواخر عام 2017  واشتملت على مجموعة فصول قصيرة لم تحمل عناوين فرعية حيث اعتمدت التقطيع المشهدي للأحداث كما هو مدون على غلافها الأخير.
اللغة الشعرية وأسلوب التقطيع المشهدي اللذان سبكت بهما الرواية - وأزعم أن من طالعوها يشاطرونني الراي – تشدان القارىء وتتملكانه فلا يجد فكاكا من إغراء مواصلة القراءة إلى آخر كلمة في السطر الأخير من المتن الحكائي دون أن يتسلل إليه الملل، كما يحدث في غالب الروايات العراقية التي صدرت خلال العقد الأخير. وشخصيا اعتبرها واحدة من النصوص السردية التي تشع بمتعة القراءة. 
هذا الإطراء المستحق لمعظم مشاهد الرواية عكر صفوه للأسف عديد العثرات التي كبا عندها السرد والمشاهد المصطنعة المقحمة التي أثقلت نسيج الرواية دون أن تضيف لها شيئا، وهي كما أرى إخفاقات  لا يمكن التغاضي عنها وأظن أن استعجال الكتابة وطبع الرواية ونشرها من لدن المؤلف هي من أسباب تلك الكبوات. والمستغرب في الأمر أن السارد واحد من المشهود لهم بالنشاط والمثابرة في حقل النقد الأدبي والثقافي فكان من المفترض أن يخضع خطاطته الروائية البكر لفحوصات مشغله النقدي وتشذيبها وصقلها  قبل دفعها للنشر لتحلَق بعد ذلك سليمة معافاة إلى رفوف المكتبات وأيادي القراء.
لقد ارتكز السلمان في بناء قلعة طاهر على ثلاث مرجعيات أولاهما تاريخية (أواخر سنوات الملكية العراقية وانتفاضات فلاحي الجنوب ضد ظلم وقسوة بعض شيوخ الإقطاع ختاما بثورة يوليو/تموز 1958) والثانية اجتماعية (نمط حياة وعادات وتقاليد مجتمع حافات أهوار الجنوب في محافظة ميسان تحديدا) والمرجعية الثالثة متخيلة لا تخلو من شطحات تنزاح بعيدا في اللامعقول معتمدا النسق التضميني لشذرات من هذه المرجعيات بالتلميح الخاطف تارة وبالتصريح التقريري المسهب تارة أخرى في تشكيل البنية وتأثيث الفضاء الحكائي.
محور الرواية يدور حول الشيخ الإقطاعي طاهر وعائلته وحاشيته الصغيرة ضمن قرية قائمة على نهر صغير عند حافات الهور، وقد استعرض السلمان مع تتابع مشاهد السرد الحراك اليومي لسكنة القلعة  وبعض الشخصيات الثانوية من سكان القرية وسلوكها الاجتماعي ومعارفها المكتسبة والأعراف والتقاليد والسنن المتحكمة في أقدارها وأثر الانقلاب العسكري على الحكم الملكي عام 1958 في تحديد مصائرها.

تجميع الحكايات في خطاطة واحدة لا ينتج بالضرورة رواية حتى وإن أجهد الصانع نفسه ووظف مهاراته السردية كلها في مد جسور ربط قسرية بينها

السلمان لم يشر ولو تلميحا وهو يراصف مشاهد الرواية إلى أية علاقة اجتماعية تفرضها صلة القرابة بين الشيخ طاهر وأفراد عشيرته ضمن جموع فلاحي القرية أو بعض بيوتاتها بل قدمه لنا منقطع الصلات إلا مع أفراد أسرته وحاشيته، وكأن الصدفة وحدها قد أوجدته في هذا المكان وأسبغت عليه امتياز المشيخة وامتلاك الأرض والتحكم بالآخرين. كما أنه قفز وتغافل عن ذكر أي سبب أو مبرر لانتفاضة جموع الفلاحين على أسرته وحاشيته إثر انقلاب الحكم  وموته  في نهاية الحكاية حيث تم إحراق صرائف القلعة  بعد نهب محتوياتها وإذلال وطرد سكانها صحبة جثة الشيخ إلى المجهول، انتفاضة جمهور متخم ومتورم بالأحقاد والكراهية تجاه هذا الأقطاعي. رغم أن السلمان كان قد قدمه بصورة  الإقطاعي المتنور المضياف الكريم المتواضع، المعتدل في تصرفاته وسلوكه وتعامله مع الفلاحين إلى حد مقبول قياسا بما عرف عن بعضهم من بدائية وقسوة وظلم وتعسف وطغيان، والأنكى أن الراوي سبق وأن رفدنا بأكثر من حادثة تبين بشكل جلي مدى مقبولية الإقطاعي في نفوس فلاحيه وأفراد عشيرته واحتفائهم به، ونستذكر هنا بعض ما ورد في الرواية:
فلاحو القرية مع نسائهم وأطفالهم يتجمعون قرب مضيف الشيخ للاحتفال بوصول سيارة المرسيدس التي اقتناها حيث لهجت ألسنتهم بالخير والبركة وطولة العمر مصحوبة بزغاريد النساء (ص 27).
سخاء الشيخ على بعض الفلاحين قبيل كل عيد وشرائه الملابس الجديدة لهم ولعيالهم أسوة بعياله وحاشيته دون تمييز في نوعية الكسوة وثمنها (ص 36).
احتفال القرية وعشيرة الشيخ بمناسبة فوزه بمقعد في مجلس النواب الوطني حيث (توجهت أفخاذ وبطون وعوائل عشيرة الشيخ إلى الولاية وبعضها رابط على طول الطريق الترابي الواصل ما بين الولاية والقرية؟ (ص96).
 ولو سلمنا، وان بلا قناعة، بمشروعية انتفاضة الفلاحين بعد كل صور الولاء هذه، فإن تساؤلا ملحا يفرض نفسه هنا: أين اختفت عشيرة الشيخ وبطونها وبيوتاتها أثناء وبعد الهجوم على أهل ابنهم الشيخ طاهر،  وهل بالإمكان استساغة تحييدهم أو تغييبهم من قبل السارد في موقف عصيب كهذا ضمن مجتمع أقل ما يوصف به أنه مجتمع عشائري تسوده العصبية القبلية بامتياز؟

The Iraqi Novel
امن العجائبية المستساغة إلى ما يستحيل على المتلقي تقبله وهضمه

فائض السرد:
لجأ السارد في سعيه لتضخيم حجم الرواية إلى حشر مجموعة من المشاهد وبلا مبرر ضمن جسم الحكاية، تلك المشاهد التي بالإمكان فرزها كقصص مستقلة بذاتها، شكلت بمجملها فائض سرد لا طائل من ورائه سوى الإطالة، بل وأخلّ برشاقة المتن دون أن يضيف شيئا، ولم تكن له أية لازمة لتمام الحبكة أو إغناء المضمون، بل وأكل من جرف صقل تماسك الرواية ورشاقتها. 
فثيمة الرواية – رغم اعتماد السارد المشاهد المتتالية كأسلوب للتقطيع في البناء – جوهرية ومتشظية في آن معا جوهرية في المناخ العام لفضاء السرد ومتشظية بانزياحات هذه القصص الجانبية التي تناءت بعيدا لتشكل جوهريات مستقلة بذاتها. ونرى أن لجوء السارد لإضافة ما تراءى له بهارا  لطبخته الروائية لإغراء وتشويق وإغواء القارىء بالتهامها قد انقلب بالضد مما كان يأمل، فهذه المشاهد المحشورة قسرا لم تعدُ كونها مسطحات جانبية توزعت ضفتي نهر الحكاية تضطرك إلى خوضها ومن ثم معاودة الإبحار دون أن تجني من هذا الانزياح الجانبي دخولا وخروجا إلا هدر الوقت بلا أية معلومة قد تكون مستلزمة لاستيعاب فحوى الحكاية، ومن أمثلة هذا السرد الفائض: 
قصة لص الماشية الغريب وتفاصيل معاقبته قبل طرده من القرية (ص 58).
حادثة قيام أحد أبناء الفلاحين بقتل بقرة وامرأة ستينية عن طريق الخطأ وتفاصيلها المملة (ص 63).
قصة هروب نعيمة وقاسم إلى المدينة والإسهاب في وصف بعض أزقتها وأسواقها وتعداد أنواع السلع والبضائع وتاريخ بناء السوق الكبير وأسماء البنائين وإيراد جردة بأسماء الأطباء والتوسع في سيرة الطبيب اليهودي داود كباي وإحسانه على فقراء المرضى ناهيك عن الاسترسال في شرح قصة النبي العزير المعروفة للجميع (ص115-122). وهذه الحكاية بالذات  تستل قارىء الرواية رويدا رويدا وتسرح به بعيدا لتفصله لاحقا عن المناخ العام للرواية باترة استرسال القراءة، شخصيا بدت لي وكأنها فاصل من فواصل القطع التي تلجأ إليها برامج الميديا، وكأني بالسارد يقطع علينا استرسال القراءة عند الصفحة 114 مقحما قصة نعيمة وقاسم بعبارة (فاصل ونواصل).
وقد استرسل المؤلف في استخدام هذه التقنية أكثر من مرة كإدراجه للقصص التي يرويها ماهود ناطور القلعة على شقيقة الشيخ طاهر الصغرى زهرة.
وبإمكاننا أن نلحق بالسرد الفائض أيضا، تلك الجرودات التي أطنب السارد بإدراجها في ثنايا الحكاية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
المصوغات الذهبية والفضية التي تتزين بها القرويات حيث يسهب السارد في تعدادها.. تراجي / صفك/ باونات /....الخ (ص 36).
كذلك استرساله في تسمية أنواع الطيور الحرة المهاجرة، كالحذاف والخضيري وأم سكة / والبط ... الخ  (ص 44).
ناهيك عن فهرسته لنباتات مناطق الأهوار وحافاتها فيستفيض بجردها.. الخباز والبسه والدبيس والحنظل والسعد .. الخ  (ص 47)
مزايا اللهجة العامية ومثالبها في قلعة طاهر:
رغم أن اللهجة أو اللغة العامية بحسب البعض، تكون أقوى في التصوير وأضوأ في التعبير في حقل النصوص الأدبية مبررين أن ضرورة الموازنة بين حاجات الفن وطبيعة اللغة تفرض ذلك أحيانا - بغض النظر عن أية قيمة جمالية قد تصطدم مع هذا الرأي – ولكن هذا التوظيف والاستخدام يستلزم بالضرورة  انتشار وشهرة  واستيعاب وفهم هذه العامية من قبل جمهور كبير من القراء قد يتجاوز البيئة الحاضنة لهذه العامية التي أنتج ضمن حدودها النص، وكمثال فإن اللهجة العامية المصرية هي أكثر اللهجات انتشارا وفهما في معظم البلدان العربية كونها اللهجة المهيمنة في القطاع الفني (البرامج والأغاني والأفلام  والمسلسلات التلفازية) التي يتفاعل معها هذا الجمهور الواسع منذ عقود مضت ولا يزال، وبالتالي فإن توظيف بعض الكتاب المصريين لهذه اللغة المحكية في بناء أعمالهم الأدبية له ما يبرره ويشفع له مع ثقتهم بأن ذلك لن يخّفض سقف المتلقين، وبالتالي لن يأكل من جرف انتشار وتسويق أعمالهم.
أما مغامرة حسن السلمان في اعتماد لهجة سكان الأهوار الجنوبية الموغلة في محليتها لتدوين حوار شخصيات روايته فأظنها مجازفة ومخاطرة لم يحسب لها جيدا (رغم هواجسه بهذا الخصوص والتي نستشفها من خلال إقدامه على وضع عتبة دخول للرواية تمثلت بإدراج قائمة لشرح معاني مجموعة من بعض الكلمات العامية التي ترد في ثنايا السرد والحوار). وجميعنا يعرف محدودية مساحة استخدام هذه اللهجة حتى على الصعيد المحلي، وبالتالي فليس من المستبعد أن جمهورا عريضا من القراء في مناطق العراق الأخرى سيجد كثير عناء في هضم مفردات حوار الشخصيات وربما يتعذر على البعض فهم معاني أغلب مفردات هذه اللهجة، وسيكون من العسير عليهم استيعاب وفهم الرواية بصورة وافية ومتكاملة. هكذا نتوقع ونخشى انحسار مساحة نشر وتداول هذه الرواية بالنسبة للقارىء العراقي، فما بالك بالقارىء العربي! تلك من مثالب اللجوء إلى اللهجة العامية في سردية قلعة طاهركما نرى، فإن كان لها من ميزة فميزتها ستكون أنها وسمت قلعة طاهر كرواية جنوبية عمارية (نسبة لمدينة العمارة) بامتياز.  
غرائبية عجائبية وشطحات منفلتة:
حفلت قلعة طاهر بالعديد من الحكايات والحوادث التي تباينت صياغاتها السردية بين الأسلوب الكلاسيكي انحدارا إلى التقريرية في بعض المفاصل صعودا إلى الغرائبية التي أجاد فيها السلمان توظيف قراءاته وخبراته وتجاربه الكتابية السابقة ليستعرض مهاراته في هذا المضمار رغم أنه شطح بعيدا في بعض المشاهد فانزلق من العجائبية المستساغة إلى اصطناع ما يستحيل على المتلقي تقبله وهضمه. كحادثة استحمام ابنة الشيخ بدم العبد الذبيح، وطريقة قتل زهرة شقيقة الشيخ الصغرى بعد اكتشاف حملها سفاحا من ناطور القلعة وذلك بدس أفعى سامة من تحت باب صريفة الحمام إثر دخولها فيه وسماع صرختها ومن ثم موتها بعد دقيقتين فقط!؟   
وإذ لا ننكر وجود  العديد من التصرفات السمجة والسلوك المنافي للقيم والأعراف الاجتماعية التي تدبر من بعض سكان مناطق الأهوار في علاقاتهم مع بعضهم البعض أو مع بقية سكان المناطق الريفية والحضرية ولكننا لم نقرأ أو نسمع يوما على حد اطلاعنا بتاريخ وأدبيات هذه المناطق وسيرة سكانها، ما دون منه في كتب الباحثين والمؤرخين والرحالة ناهيك عن المستشرقين منصفيهم ومغرضيهم على حد سواء إضافة للمرويات الشفاهية التي سمعناها من آبائنا وأجدادنا، إن بربرية بهذا الانحدار والتطرف وهمجية بهذه الوحشية يمكن أن تكون قد حدثت يوما ما في تلك المناطق من قبل أحد سكانها كما حاول أن يرفدنا به السلمان وهو يمرر بالتورية وبشكل ملتو وموارب جريمة ذبح العبد الخدوم المسالم (شامل) دون أي ذنب جناه فقط لكونه عبدا اسود اللون بناءً على نصيحة العرافة التي اشترطت هذه المواصفات في الضحية وذلك لتحميم (صباح) ابنة الشيخ طاهر بدمه بهدف تحقيق حبلها الذي تأخر والأدهى هو تماهي المؤلف  مع (غرائبيته) هذه وتهويمه معها ليشير في ختامها إلى حصول الحمل فعلا بعد ذلك!  

محور الرواية يدور حول الشيخ الإقطاعي طاهر وعائلته وحاشيته الصغيرة ضمن قرية قائمة على نهر صغير عند حافات الهور

وهنا نتساءل فقط  كيف استمرأ السلمان، ونحن نعرف أنه قريب من البيئة الواقعية التي استمد منها الرواية فجذوره فيها، نقول كيف استمرأ اختلاق وفبركة ودس هذه الجريمة البشعة ضمن أحد مشاهد السرد، فإن هدف لإبهار المتلقي بغرائبيتها، فإنه قد نفره وأساء وشوّه، من حيث قصد أم لم يقصد، صورة سكان مجتمع القلعة الذين يمثلون في روايته عينة من مجتمع الأهوار المشهورين بطيبتهم وبساطتهم في الزمن الذي تدور فيه أحداث الرواية أقلها.
سهو السارد .. غلطة الشاطر بألف:
سنتجاوز الأخطاء النحوية والصياغات المرتبكة في بعض جمل لغة السرد، وهي بالمناسبة قليلة جدا، وكان بإمكان المؤلف تجاوزها مستعينا بمصحح لغوي قبل دفع الرواية للطباعة، وما هذا بالأمر المعيب، ولكننا لا نغفر له بعض الأغلاط التي لا نعرف كيف لم يلحظها خلال مراجعته لمسودة الرواية إلا إن كان لم يراجعها أصلا، أو أنه كان ساهيا في الحالين ومن ذلك  قوله في صفحة 140  "أمام مسناية القلعة رسا مشحوفان غادر مشحوف وبقي مشحوف راسيا في مقدمته كانت تجلس صباح ابنة الشيخ" ليعود بعد أسطر قليلة وفي الصفحة المقابلة (141) فيدون أنها ثلاثة مشاحيف ناسيا أنهما مشحوفان لا غير "بدأ الشيخ طاهر يشعر أن ثمة أشياء سيئة كارثية ستحدث، هكذا أوحى له قلبه منذ رسو المشاحيف الثلاثة على مسناية قلعته".  
وبالمناسبة كان الأبلغ ان يقول "أمام مسناة القلعة رسا مشحوفان غادر أحدهما وبقي الآخر ..) ويحذف كلمة راسيا التي لا لزوم لها لفهم ما يريد ان يبين.
كذلك حين يذكر في بدايات الرواية إن "مهرة شيخ طاهر.. بيضاء ذات غرة شهباء ..الخ أسماها الشيخ، زاهية، لجمالها" (ص 21) ويسهو السلمان وينسبها في نهايات الرواية إلى الشيخ طوفان (أعتلى أحد الفلاحين مهرة شيخ طوفان، زاهية، التي لم يركبها أحد غيره قط" (ص 162).
الخلاصة:
 أرى - على العموم وليس بخصوص قلعة طاهر تحديدا - أن تجميع الحكايات في خطاطة واحدة لا ينتج بالضرورة رواية حتى وإن أجهد الصانع نفسه ووظف مهاراته السردية كلها في مد جسور ربط قسرية بينها، قد تنطلي تلك الحيلة على القراء العوام إن صح التعبير، انما أي قارىء لديه بعض الإلمام بفن الرواية  سيكتشف تلك الخدعة المضللة، أما بخصوص رواية "قلعة طاهر" فكنا نتمنى على حسن السلمان لو أنه استغنى عن فائض السرد الذي نوهنا عنه آنفا ليخرج نتاجه الروائي البكر أكثر تماسكا وصقلا وان قل عدد صفحاته، فالعبرة ليست في ضخامة الكتاب دائما. 
ختاما لا بد من الإقرار وبلا مجاملة للمؤلف أن "قلعة طاهر" وبرغم ملاحظاتنا هذه القابلة للدحض والتفنيد تعد من أمتع السرديات العراقية التي طالعناه اشتغالا، لغة وأسلوبا ومضمونا.