لا بد من بداية جديدة

الضرر الذي لحق بالقضية الفلسطينية لا سبيل إلى تقديره تقديرا كميا.

ليس كل الخسائر سواء، فالخسائر المادية يمكن تعويضها بالمال، أما الدمار النفسي، فهو غير قابل للإصلاح سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماهيري، والفلسطينيون خسروا الكثير جراء اتفاقية السلام مع اسرائيل التي تبين أنها ليست اتفاق الشجعان بل اتفاق السيد مع العبد، وكان موقف الفلسطينيين طوال 26 عاما لا يحسدون عليه، وبعد الاحترام الذي حظوا به في العقدين 70 و80 باتوا كاليتيم في بيت عمه، وصار كل شيء مشاعا لإسرائيل تقتل وتهدم وتضم الأراضي دون أدنى وازع من ضمير أو التزام بالقوانين الدولية التي تلزمها بالحفاظ على أراضي الغير التي تحتلها والالتزام برعاية شعبها مثل معاهدة جنيف الرابعة (1949) واتفاقية لاهاي (1907)، أي تطبيق قانون الاحتلال الذي يلزم الدول المحتلة توفير الحماية لسكان الأرض المحتلة، وضمان الرعاية الصحية والاجتماعية، وحظر عمليات النقل الجماعي أو الفردي للسكان، وحظر مصادرة الممتلكات الخاصة أو تدميرها أو الاستيلاء عليها بالإضافة الى حقوق الإنسان، وإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 1514) للعام 1960 الذي يمنح الشعوب المحتلة حق الدفاع عن أرضها.

إن الضرر الذي لحق بالقضية الفلسطينية لا سبيل إلى تقديره تقديرا كميا، ففوق ضياع الأرض والممتلكات والمصادر الطبيعية، فقد الفلسطيني احترامه، واستغباه كل من يتابع الأخبار ومفاوضات السلام، ولا سبيل إلى رد الاعتبار إلا بالنضال لتحرير البلاد، وليس من العدل أن يتولى فلسطينيو الداخل هذه المهمة ويستشهدون كل يوم بينما يجلس فلسطينيو الشتات كالعجائز، وقد آن الأوان لاستجماع القوى في الداخل والخارج، والبدء بعملية نضال شاملة تستهدف إسرائيل ولا أحد سوى إسرائيل، وهناك ملايين الفلسطينيين في الشتات من أميركا إلى أوروبا إلى آسيا وكافة دول العالم، من النساء والرجال والشباب والكبار، وبعضهم أثرياء ولا يترددون في البذل والعطاء، وهناك خبراء عسكريون وسياسيون، فلماذا يتعطلون وهم قادرون على إرباك إسرائيل وجعل أهلها يعودون من حيث أتوا من شدة الخوف.

إن وضع الفلسطينيين اليوم أسوا ما يمكن أن يحدث للإنسان، وقد جربوا كل الطرق لما في ذلك التنسيق الأمني مع إسرائيل، فتنامت الأحقاد بين الفلسطينيين وانقسموا، أما الفلسطينيون في الخارج فهم متهمون ببيع أرضهم، وبعد أن ضاقت البلاد وشحت الموارد، أصبح كل العرب عاجزين عن مساعدة الفلسطينيين بأي شيء وهم مهددون من قبل ايران، بل أن بعضهم لا يريدهم في بلاده، وصار التراشق بالشتائم على شبكات التواصل الاجتماعي مخجلا.

لا بد من العودة القوية للنضال ولا بد من تفعيل طاقات الفلسطينيين خارج فلسطين، والعالم كله يدرك أنهم أصحاب حق باستثناء المتدينين الذين يعتقدون أن قيام إسرائيل هو تنفيذ لأمر الهي. (ومنهم بعض العرب المسيحيين) فهو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.