لماذا أصبح ظنّي بك مؤلماً يا عراق؟

أرضنا، نفطنا، مائنا مسروق ومنهوب، شعب مقهور، ماذا تبقّى من الوطن غير تلك النفوس البريئة التي تنتظر دورها في البيع؟

يقول صديقي الشاعر علي خصباك "إستيقظنا يوماً فوجدنا أنفسنا معروضين في المزاد العلني، لم يشترنا أحد... فتبرعت بنا الحكومة إلى دول الجوار، وتخلصت من أزمة السكن".

ماذا يحدث للعراقيين في عراقهم.. وأين ذاهب بهم الحال؟

كيف رحلت المياه عن دجلة والفرات، وإختفت البساتين.. أين غادرتنا تلك الأيام التي شوّهوا سمعتها؟

أصبح العراق شركة فاشلة وخاسرة تعجز عن معالجة الفقر لأن واشنطن لا تريد أن تُعطيه سوى "مصروف جيب"، وإيران تنهب دولاره، ويعجز عن حل مشكلة الكهرباء لأن السيدة رومانوسكي السفيرة الأميركية في بغداد لا تريد لشركاتها منافساً لها، وظلت أزمة الكهرباء تبتلع المليارات من الدولار في بطون اللصوص والسُرّاق دون حلول تُرتجى.

شركة تعجز عن إيجاد حل لأزمة مياه الشرب والسقي التي يفرض شروطها حكام الدولة العثمانية الجُدد "النفط مقابل الماء".

لماذا أصبح اللصوص والقتلة يتكدسون في الوطن ويطالبوننا بالصلاة عليهم لأنهم نزلوا من السماء؟ أين المواطن الفقير من كل هذا الهُراء وذاك وهو يعيش أحلك أيامه؟ ماذا يحدث للسيادة العراقية التي باتت تتلون بألوان أعلام الدول التي تتحكم بسياسيين ووزراء وبرلمانيين يأكلون من خيرات بلدهم وينتمون لبلد آخر.. تُرى كم من هؤلاء فاقدي الشرف لدينا؟ ليت غاندي كان على قيد الحياة ليرى حِكمته واقعاً يتحقق في بلاد الرافدين.

أصبحنا كالذبيحة التي تكاثرت سكاكينها وهي تُنحر بلا رحمة أو شفقة على مذابح الزمن الرديء بعد أن تكالبت عليه كل نطيحة ومتردّية.

أي لعنة حلّت عليك يا عراق؟ وكيف كُسِرت العين بعد أن كانت مرفوعة؟ كما كان يتغنّى بك الجواهري.

زمن صار عنوانه هولاكو وغزو المغول وسياط الفساد والعطش والجوع والكفر بالهوية والمخدرات وسرقة الأرض والنفط والماء وحتى الإنتماء، فإختلط الخيط الأبيض من الأسود.

رياح الإحتلال إقتلعت الأبواب والشبابيك التي كانت تسترنا.

في التوقيت المحلي لأيامنا أصبح التقدم بخطوة إلى الأمام مؤلم والرجوع مؤلم أكثر والوقوف أشد إيلاماً، ماذا نفعل؟ نحتاج من يُجيبنا.

هل سنجد أنفسنا يوماً ما عبيداً أو سبايا كما تحدّث صديقي؟ أرضنا، نفطنا، مائنا مسروق ومنهوب، شعب مقهور، ماذا تبقّى من الوطن غير تلك النفوس البريئة التي تنتظر دورها في البيع؟ وطن أنهكه الفساد واللصوص والسُرّاق، تتصارع على خيراته دول قريبة وبعيدة لنهب كل شيء، وطن إستباحه الفشل حتى صار عِبرة لِمن إعتبر، ماذا فعلت الفوضى الخلّاقة التي جعلت من العراق وشعبه حقل تجارب تفنّنت في معادلاته الكيمياوية وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق كونداليزا رايس، حقاً لقد طال مرضك يا عراق، فمتى تُشفى من أسقامك؟