لن تتمسك حركة النهضة بالغنوشي رئيسا

سيكون من الأجدى لحركة النهضة أن يُطوى ملف الغنوشي بدلا من أن تُفتح ملفاتها.
مطلب برلماني أشبه بزلزال ستصيب تداعياته حركة النهضة في مقتل
من حق التونسيين أن يتساءلوا عن مصادر ثروة رئيس برلمانهم
تذمر داخل النهضة قد يجبر الغنوشي على الإنسحاب أو على الأقل اضعاف مركزه

كان انتخاب راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان التونسي خطاً فادحا. فالرجل في حقيقته لا يؤمن بالتشريع الأرضي كونه يترأس حركة دينية يُعتقد أنها تدين بالولاء إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تستخف بالقوانين الأرضية انطلاقا من نظرية "الحكم لله".

الغنوشي وقد أصبح رئيسا للسلطة التشريعية، فإن ذلك يعني أن تلك السلطة لم تعد أمينة على مهمتها التي تختص بتشريع القوانين المدنية. سيكون من الصعب على الرجل أن يمرر قوانين تتناقض مع قناعته الأصلية. ذلك فوق طاقته وهو ما سيجعل من وجوده حجر عثرة في طريق عمل البرلمان الأساس.

ولو وقف سلوك الغنوشي عند هذا الحد لهان الأمر، غير أن الرجل الذي أعجبه أن يكون ثعلب حركة النهضة قد استغل منصبه لغايات إخوانية. منها أن ينجد اردوغان في مغامرته الليبية. هل هو في ذلك مضطر لأن اردوغان رئيسه في التنظيم العالمي للإخوان كما يُشاع أم أنه يفعل ذلك مخيرا لاعتبارات عقائدية؟

في كل الأحوال فإن الغنوشي يلعب دورا لا يليق برئيس البرلمان أن يلعبه.

ذلك هو السؤال الذي فتح الأبواب على المملكة الغنوشية.

لقد تبين أن الرجل ثري. بل أن ثراءه فاحش كما يُقال. من حق التونسيين أن يتساءلوا عن مصادر ثروة رئيس برلمانهم باعتباره موظفا حكوميا. لكنه سؤال صادم بالنسبة لأعضاء حركة النهضة وبالأخص منهم أولئك المطلعون على أحوال زعيمهم يوم كان لاجئا سياسيا في لندن.

ثمان سنوات من الحكم في بلد صغير، محدود الموارد مثل تونس تكفي لتشكيل ثروة هائلة! تلك خرافة سيقف أمامها التونسيون وقد أثقلهم الفقر مذهولين. فالرجل لا يملك مزارع أو معاصر زيتون ولم يؤسس مصانع للخمور ولا يملك منشآت سياحية أو منتجعات على البحر ولا يملك شركة طيران وليست لديه صلة بالاستيراد والتصدير. فمن إين هبطت عليه الثروة؟

تلك أحجية صار على التونسيين أن يفكوا ألغازها.

ولكن هل الرجل ثري بالحجم الذي يُشاع عنه؟

ذلك ما يجب أن تفصل فيه المساءلة التي صار عدد من النواب يدعون إليها.

الغنوشي ليس ذلك الرجل الذي يمكن اصطياده. سقوطه سيكون أكثر يسرا إذا ما انتفضت أجنحة في حركة النهضة التي يقودها عليه.

في ظل ارتباط اسم الغنوشي بأزمات سياسية تشهدها تونس صار ممكنا تصديق أن هناك تذمرا داخل حركة النهضة قد يجبر الغنوشي إلى الإنسحاب من الحياة السياسية أو على الأقل اضعاف مركزه.

فالحركة يمكن أن تضحي بزعيمها الذي اصابه الغرور من أجل أن تحتفظ بموقعها في السلطة. وفي ذلك ما يمكن أن ينهي حالة الاحتقان وانسداد الأفق التي تمر بها الحياة السياسية في تونس.

من غير ذلك فقد تؤدي عملية المساءلة إلى فضائح قد تتجاوز الغنوشي شخصيا إلى التنظيم التي يقوده، بكل أجنحته العلنية والسرية.    

سيكون ذلك الإجراء الذي صار بمثابة مطلب برلماني أشبه بزلزال ستصيب تداعياته حركة النهضة بمقتل. يومها ستُفتح ملفات، تواطأت كتل سياسية عديدة على اعتبارها جزءا من الماضي.

ربما سيكون من الأجدى لحركة النهضة أن يُطوى ملف الغنوشي بدلا من أن تُفتح تلك الملفات.