ماريان بورغو ممثلة تحب جلب الأحلام للناس

منى لملوم تحاور الممثلة الفرنسية بعد تكريمها في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي.
جئت إلى مصر أول مرة كهدية لنجاحي
محمود حميدة فنان خلاب وأنيق وجذاب
حين يرتدي الممثل الحذاء المناسب للشخصية تتضبط حركة جسمه
يجب على الممثل أن يركز في اللحظة.
السينما الحقيقية مثل الدين
خفق قلبي بشدة حين أبلغت بتكريمي من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي

س: ذكرتِ أنك حلمت بأشياء كثيرة من ضمنها حصولك على تكريم من مهرجان إسكندرية السينمائي الدولي، وها قد حصلتي على التكريم وتحققت أمنيتك، فكيف استقبلتِ خبر التكريم، وما هي الأحلام الأخرى؟


حسنا عندما تصلي إلى سني، وأنا الآن 75 عاما، تشعري أنك قد حققتِ كل أحلامك، ولكن حلمي الآن هو حين أغادر الأرض، أن أترك أثرا طيبا فيها، وأن أفعل أشياء طيبة، وكفنانين حين نقف على المسرح فإننا نقدم السعادة للناس، وفي الحقيقة بقدر ما أقدم هذا الشعور لهم، بقدر ما يكون لدي الرغبة في إعطاء المزيد، لذلك عندما كنت في الهند زرت عدد كبير من المدارس وقابلت الأطفال والأيتام وفعلت الكثير منالأشياء الجميلة. بالتأكيد هناك أشياء جميلة يمكنني عملها على الكوكب لمساعدة الناس، ولكني أحاول بقدراستطاعتي عمل ذلك.لن أصبح الأم تيريزا، على الرغم من أنه كان أحد أكبر أحلامي حين كنت طفلة.

س: إذن هل هي قدوة في العمل الإنساني لك؟

لا .. كما تعلمين فإن الأم تيريزا من كورسيا في يوغوسلافيا ومن ثم سافرت الي الهند، وأنشأت ملجأالأيتام هناك، وهي بالطبع نموذج جميل. ولكني ممثلة فقط وأحب أن أجلب الأحلام للناس، لأن العالم أصبح قاسي حولنا، حتى بالنسبة للشباب لم تعد المسألة مادية فقط ولكن مسالة طموح وتساؤل أين سنتجه على الكوكب؛لأنه كما تعلمين قد أصبح التلوث متضخما في كل مكان ولذلك أصبح من الواجب أن نبحث بجدية عما نفعل يوميا بخصوص الماء والبلاستيك والإنسانية. وأعتقد أن كورونا ساعدنا في توسيع آفاقنا وأن نكون أشخاصا أفضل.

س: لأنك تحدثتِ عن الهند، وأنت تعملين كمستشارة لعدد من المهرجانات هناك، وحصلتِ على جائزة للسلام، ما رأيك في السينما الهندية الآن والمهرجانات هناك؟

المثير للاهتمام هو أنه هناك موجة جديدة وجيل جديد في السينما الهندية، وكلنا حول العالم نعرف أفلام بوليوود المشهورة بالغناء والرقص. لقد شاركت مؤخرا في أحد الأفلام مع أحد أبطال الجيل الجديد وهو من مومباي، حمل الفيلم اسم"داني جووز أوم". وكان العرض الأول للفيلم يومين قبل حواري هذا معكفي برلين،وقبل المؤتمر الصحفي لي هنا في الإسكندرية بيوم، تحدثوا إليّ عبر تطبيق زووم؛ لأنهم كانوا قد شاهدوا الفيلم في اليوم السابق، وأرادوا ان يسألوني بعض الأسئلة. وكان قلبي يخفق بشدة لأنه في مثل هذا العمرلدي فيلم يعرض في برلين بألمانيا ولدي كذلك حفل تكريم في الإسكندرية وفيلم جديد في فرنسا في الأسبوع التالي لمهرجان الإسكندرية،ولذلك يمكنني أن أقول أنني محظوظة وأشكر اللهكثيرا على عطاياه وتكريمي من مهرجان الإسكندرية السينمائي. وبالطبع لن أكون شاكرة بالقدر الكافي لكل من شارك في هذا التكريم وعلى رأسهم الأمير أباظة رئيس المهرجان.

س: قلتِ أنك تحبين فاتن حمامة وعمر الشريف ونور الشريف ونادية لطفي وأنهم يلمسون قلبك، عمر الشريف ممثل عالمي، ولكن كيف تعرفتِ على باقي النجوم؟ هل تحرصين على متابعة الأفلام العربية المترجمة أم حريصة على مشاهدة لغة الجسد والآداءالتمثيلي، وكيف تصفي النجم محمود حميدة في حفل تكريمه بالمهرجان؟

أنا لست خبيرة بذلك. ولكن هذا الصباح حضرت حفل تكريم نجمكم الخلاب والرائع محمود حميدة. وكان قلبي يخفق بشدة كالعادة حيث أراه ممثلًا قويًا من مصر؛لأنه يمكنه تمثيل كل شيء وهو أنيق وجذاب. وأنا لا أتحدث العربية، وحين لا تتحدثي لغة فإنك تكوني حريصة على دراسة الناس ولغة جسدهم، وفي فرنسا كان عندنا مدرس في الكونسرفتوار وكان يعلمنا ذلك، لطالما أخبرنا أنه من المهم أننختار الحذاء الأنسب؛لذا هذا الصباح كنت أتأمل حذاء محمود حميدة عن كثب وحركة قدميه بشكل عام، لقد كان يرتدي حذاء أنيقا للغاية وناعما للغاية، كان يحرك قدميه بشكل ناعم وجميل، بمعنى آخر حين ترتدي حذاء مناسب ستنضبط كل حركة جسدك. بالطبع اليوم كان هو نفسه ولم يكن عليه أن يؤدي شخصية أخرى كأدواره في أعماله، ولكنه يعطي مؤشرا كيفسيمشي جيدا. إذا كنت ترتدي حذاء كعب عالي غير حذاء بدون كعبأو تسيرينبدون حذاء،ستتصرفين بشكل مختلف تماما كل مرة.. وحين تجدين مشية الشخصية فإنك ستتمكني من الإمساك بباقي تفاصيلها.يقول:ستانسيلافسكي  " المهم في الفيلم ليس الطريقة التي تتحدث بها ولكن الطريقة التي تصمت بها، وكيف تسمع الآخرين وتنتبه لكل شيء." فمثلا إذا كنت في المطبخ تقشرين البطاطس فلا تفكري فيما سيحدث، أنت تقشرين بطاطس فركزي وإلا ستصيبي يدك بالسكين، واكتفي بإنجاز شيء واحد في الوقت نفسه.

و كذلك الفنان يجب عليه أن يفعل ذلك، فعليه أن يركز في اللحظة ولا يفكر في السطر التالي الذي يجب أن يقوله، حينها سيحلق فوق المسارات المعتادة، فبإمكان أي شخص أن يكون ممثلا جيدا ولكن أن تكون إستثنائيا فهذا يحتاج أن تكون جريئا ودائما على الحافة، أن تكون ربما سخيفا قليلا أو كثيرا ولكن عليك أن تكون ما هو مطلوب للدور لتكن اسثنائيا.

س: ذكرت أن المنصات هي المستقبل، فهل هناك تعاون قريب مع إحدى المنصات الشهيرة مثل نتفلكس؟

أنا سيئة جدا مع التكنولوجيا الحديثة وهذه المنصات، ولا أعرف حتى كيف أنشر بوست على فيس بوك، ومن تلك المنصات بالطبع نتفلكس، أنا مثل الجميع أشاهد أفلاما رائعة، ولكني أرى أنه لا شيء أقوى من وجود الجمهور معا في السينما.

والمنصة تجعلنا نفقد هذه المتعة وهذه الفرصة،  فقد أصبح من السهل أن يكون لديك شاشة كبيرة في البيت وسينما، تضغط زر وتشاهد ما تريد.

ولكن السينما الحقيقية مثل "الدين"، فأنا كاثوليكية وأنت ربما مسلمة، فعندما يقف الإنسان ليصلي إلى اللهيقف وحيدا، ولكن حين يشارك الصلاة مع الآخرين فهو يلتحم بهم، وفي تلك اللحظة يشعر الجميع بالوَحدة والالتحام. لذلك تجدي لدى الأماكن الدينية كالكنائس والمعابد والمساجد طاقة روحية من نوع خاص يستحيل أن تجديها في أي مكان آخر، تشعرين نفس ذلك الشعورحين تقفي على المسرح تمثلين دوريا جيدا، فإذا كان الجمهور معك سيبدو الأمر وكأنكِ تشعين طاقة حب للجميع وليس لفرد واحد، سينتشي الجميع ويضحك ويلتحم الجميع في وَحدة متناغمة، لو لم نمتلك تلك الوَحدة في الحياة فلا يوجد ما يستحق الوجود من أجله على الأرض، والفيلم الجيد قد يغير حياة.

س: أنت تحبين الحضارة المصرية، فما هي الأماكن التي زُرتها وما هو أكثر مكان تمنيتي لو لم تتركيه؟

عندما كان عمري 16 سنة، وبعد نجاحي بالمدرسة سألني والدي ما هي الهدية التي ترغبين فيها؟ فقلت لهم: أريد الذهاب إلى مصر، وقد كان، وذهبنا لرؤية الأهرامات.

وحين بلغت 25 من عمري عدت إلى مصر، ولكن إلى الأقصر وأسوان هذه المرة، فزُرت الكرنك ووادي الملوك ووادي الملكات والنيل.

وقبل 30 عاما ذهبت إلى البحر الأحمر، إلى الجونة وكانت وقتها ما زالت مكانا صغيرا، وكانت قريبة من طابا، وقريبة من كل المشاكل مع إسرائيل، وأكثر ما جذب انتباهي هو جلوس الشباب الصغير من كل الجنسيات للاسترخاء معا وسماع الموسيقى. الأمر المثير للعجبأنهم كلهم بدو مجرد بشر عاديين يصنعون الموسيقى معا ويستمتعون سويا بهدوء.

كما ذهبت مرتين إلى سانت كاترين، وكما تعرفين أنه مكان هام بالنسبة لي ككاثوليكية، ولأي مسيحي أن يشهد رحلة العائلة المقدسة في الصحراء ويتذكر ما حدث.

وجئت إلى الإسكندرية مرة واحدة فقط قبل هذه الزيارة، وكانت في عام 2005 مع مجموعة من الأصدقاء من فرنسا،وكانت زيارة ثقافية و أثرية رائعة.

وفي عيد ميلادي ال60، دعوت عائلتي الصغيرة، فأنا ليس لدي أولاد، ولكن أختي لها ابن وابنة، وابنتها لديها 3 أولاد، دعوتهم جميعا للاحتفال بعيد ميلادي ال60 في الجونة.

وكانت زيارتي الأخيرة من 15 عاما مضى، ولم أعد إلى مصر من وقتها، وكما تعرفين فإن أغلب زيارتي للهند كما ذكرت لك، لذا حين جاءتني الدعوة للمهرجان فرحت كثيرا و قفزت الي أعلى منتعشةً جدا. لقد كان هذا  حقا رائعا.

      جدير بالذكر أن النجمة الفرنسية ماريان بورغو ولدت لأسرة متوسطة، لم تمنعها صعوبات القراءة في الصغر من أن تصبح طفلة حالمة، عاشقة للخيال .

رفضت أسرتها دخولها مجال التمثيل والالتحاقبمدرسة التمثيل في فرنسا، لكنها أصرت على رغبتها وتم اختيارها من بين 2000 متقدم .

دخلت نجمتنا مجال التمثيل في منتصف الستينيات في المسلسل الشهير "اتهام"،  حصلت على العديد من الجوائز من مهرجانات عالمية مختلفة، وشاركت بالتمثيل في دول كثيرة منها فرنسا، أمريكا، ألمانيا، والهند.

صاحبة حلم ورؤية وخيال خصب، صدقت حلمها أنها ستكون نجمة كبيرة في سماء الفن، فأصبحت جزء مهم من مشروع مدرسة لتعليم أطفال المدارس صناعة الأفلام القصيرة ذات الرسائل الاجتماعية والإنسانية، بالإضافة لإنتاجها مجموعه أفلام فرنسية شارك الأطفال في صناعتها.

هي مستشار فني للعديد من المهرجانات السينمائية في الهند والتي تقيم فيها وفي فرنسا.

 حياتها الآن مقسمة بين الفن وتعليمه، وبين مشاركتها في الأعمال الإنسانية، نجمتنا حاصلة أيضا على جائزة غاندي للسلام.