محاكمة فيسبوكية لـ "مائة عام من العزلة"

علي الدميني: قرأت مئة صفحة فقط ولم أستطع إكمالها، فيما روايته الأخرى "الحب في زمن الكوليرا" أثارت إعجابي ودهشتي وعظمته كروائي فاتن.
ياسر شعبان: رواية جميلة لكنها ليست الأجمل فنيا بالنسبة لي، وأرى أن الحب في زمن الكوليرا أفضل منها
يوسف حمدوني: ماركيز لم تعجبه في البداية دون كيشوت، وبعد ذلك أصبحت عنده سفر التكوين
لن نجد العمل الأدبي الذي يجمع عليه كل الناس، وتتفق عليه كل الآراء والأذواق

ما أن أفصحتُ على صفحتي بالفيس بوك بأن رواية الكاتب الكولومبي غابرييل جارثيا ماركيز "مائة عام من العزلة" لم تعجبني عندما قرأتها لأول مرة، إلا ووجدت سيلا من ردود أفعال أصدقائي الأدباء المتابعين لصفحتي ما بين مؤيد ومعارض، ومفند، وشارح، بعضهم قال إنها رواية مملة، وبعضهم اتهم الترجمة السيئة، وبعض رأي أنها رواية عظيمة، وبعضهم فضّل أعمالا أخرى لماركيز، وبطبيعة الحال لن نجد العمل الأدبي الذي يجمع عليه كل الناس، وتتفق عليه كل الآراء والأذواق.
في البداية علق الكاتب الفلسطيني ناصر عطالله فقال في عبارة موجزة: "لم أكملها.. ضجراً". بينما قال الشاعر سعد عبدالرحمن: "الأدب تذوق والاختلاف على تقدير نص أدبي وارد يا صديقي وعدم إعجابك بمائة عام من العزلة عادي جدا". وقال حسن الأشقر: "لك حرية الرأي إما بالقبول واما بالرفض". وأوضح الشاعر د. محمد السيد إسماعيل "بأن هذا كان رأي يوسف إديس أيضا". ورأى الشاعر والناقد أحمد حسن بأنه "ربما جو العزلة المفروض علينا الآن هو الذي يوحي بذلك". أما شاعر عبده الزراع فقد أكد "أن هناك ناس كتير مش عجباهم"، بينما قال د. ناصر حمودة: "زعلتني. دي قصه عرفتني بمجتمع جديد تماما وتقاليد جديدة وهي أول قصه للكاتب". بينما رأى الكاتب سمير المنزلاوي بأن الرواية "عايزه بال رايق وتفرغ".
وعلق الشاعر السيد الخميسي بقوله: "علشان كده قالوا الثقافة مستويات وأذواق" وأضاف: "أنا شخصيا من المبهورين بها. هي نموذج للفن الروائي المستوعب لمرتكزات الحكي التراثي الإنساني". ونصح أن اقرأها "بترجمة صالح علماني السوري، أو المصري د سليمان العطار".
وتضامنت الشاعرة وداد معروف مع رأيي قائلة في اقتضاب شديد: "ولا أنا". أعقيها الكاتب الروائي أمير مصطفى قائلا: "مائة عام من الملل". وتساءل الكاتب شرقاوي حافظ: قرأتها بأي لغة؟ وإذا كانت مترجمة فهل المترجم واحد؟ هذا لي. أما ما لك فهذا أمر طبيعي. أنا لا تعجبني أشياء كثيرة مما يتعبد فيها الآخرون. لا تنس سؤال الترجمة! ويضيف شرقاوي حافظ: "معظم الذين يتشدقون بها لم يقرؤها. ولكن "ماشيين مع التيار". الشاعر د. منير فوزي أفصح قائلا: "ولا أنا.. رواية مزدحمة بالشخصيات والأحداث.. وبالمناسبة أيضا أنا لم تعجبني قط الطوق والأسورة ليحيى الطاهر عبدالله".

أحمد سماحة: ليس عيب ماركيز ولكن من ترجموا له، إنها رواية تسبق التاريخ الروائي

الباحثة والأكاديمية الفلسطينية د. إيمان يونس تضامت مع رأيي وقالت: "ولا أنا" وعقبت: "من الجائز أنها كانت رائعة وقتها، لكني أظن أن قارئ اليوم بحاجة لروايات مختلفة... ولست ممن يؤمن أن الأدب الجيد هو كذلك في كل زمان ومكان. على كل حال إنها وجهة نظر".
الروائي السيد حنفي عقب قائلا: "أحيي شجاعتك في هذا التصريح الذي سيجعل الكثيرون يبيحون بمكنونات خافوا الإفصاح عنها". وأضاف: "ابني قرأها وقال عن الملل الذي لاقاه منها قصائد هجاء لهذا الذي وضعوا على رأسه تاج الرواية العالمية.. نظرت إليه وابتسمت.. ظننت أن الجينات هي التي أوعزت إليه بذا. وهناك روايات يقولون عنها عالمية لا تقل سخافة وملل عن مائة عام من الملل كما قال أمير مصطفى".
الناقدة السورية د. عبير خالد يحيى قالت في تعليقها: "أنا ما لقيت أن العنوان مناسب فهي ١٠٠ عام من تطور حياة عائلة غرائبية غير منعزلة أبدًا بل على العكس متشعبة بتواصلها، لم تنغلق إلا باختيار أسماء أفرادها". وأضافت: "هو ماركيز مسهب لدرجة الملل، لكن للترجمة أيضا دور كبير في إمتاع أو إملال المتلقي". ثم أردفت قائلة: "أعاني نفس المشكلة مع رواية (المحاكمة) لكافكا. الترجمة سيئة جدا".
الناقد والروائي أحمد رجب شلتوت قال: "وما المشكلة؟ أعرف البعض لا يحبون ماركيز كله ويصفون أدبه بثقل الظل، أختلف معهم لكن أرى موقفهم عاديا تماما".
الكاتب والمترجم د. ياسر شعبان عقب قائلا: "رواية جميلة لكنها ليست الأجمل فنيا بالنسبة لي.. وأرى أن الحب في زمن الكوليرا، وسرد أحداث موت معلن، وليس لدى الكولونيل من يكاتبه.. أفضل منها".
وفي اقتضاب شديد قالت الكاتبة والروائية هالة فهمي: "مثلك والله". بينما قال الكاتب طارق مراد: "بلا تحفظ أستاذ أحمد.. عادي أن حد ميحبش أشهر رواية أو أشهر لوحة.... الجريكو كان يقول عن الموناليزا إطار من النحاس الصدئ أو كلمة قريبة من هذا".
الكاتب شريف محيي قال: هذه أذواق وأنت حر في ما تحب، ولا يقلل من قيمة المبدع أن يكون غير مغرم بعمل ذي شهرة عالمية، ولكن الزمن هنا مختلف". أما الكاتبة الصحفية آية ياسر فقد أعربت عن شعورها تجاه "مائة عام من العزلة" وقالت: "وأنا كمان ما حبيتهاش فيها تطويل زائد عن الحد وكام سقطة غير منطقية. الحب في زمن الكوليرا أجمل بكثير". ووافقتها الشاعرة كريمة الشريف بقولها: "ولا أنا". وخالفهما كامل مصطفى جاد بقوله: "رواية مدهشة جدا".
بيما علق يوسف حمدوني بقوله: "وكذلك ماركيز لم تعجبه في البداية دون كيشوت، وبعد ذلك أصبحت عنده سفر التكوين". مضيفا" "لعلك تعيد حساباتك، أنا شخصيا أعجبتني أيما إعجاب لدرجة أنني قراتها ثلاث مرات". 

novel

الشاعر عماد الدوماني قال: "رواية عادية"، بينما علق الناقد د. عادل ضرغام بقوله: "أعتقد الترجمة هي السبب". أما الكاتبة انتصار عبدالمنعم، فقد قالت: "العجيب فعلا أنك تجد الناقد الذي يهاجم الروايات بحجة الترهل والحشو.. تجده هنا وفي أي رواية مترجمة يهتف ويشيد ويكتب مرات عن فتوحاتهم". أما الكاتبة منال فاروق فقد أحالت الأمر على ثلاثية نجيب محفوظ وقالت: "انا معرفتش أقرأ الثلاثيه لنجيب محفوظ ولا طقت أكمل عشرين صفحه فيها". بينما علق الشاعر أشرف دسوقي علي قائلا: "ليست كل الأعمال المترجمة جيدة؛ باولو كويلو مثلا يشبه مطربي البوب وليس كاتبا كبيرا". وعلقت الكاتبة بهية طلب بقولها: "أنا قريتها خمس مرات وهذا الكتاب الوحيد الذي قرأته عدد المرات تلك، ولكن هذه أذواق". وعلى العكس من ذلك تضامن الكاتب الصحفي د. عماد عبدالراضي مع رأيي بقوله: "هذا رأيي الذي كنت أخشى البوح به".
الكاتب صلاح قرناس قال إن رواية "مائة عام من العزلة" لماركيز: "تحتاج لخريطه لمتابعتها. قصصه ورواياته القصيره أجمل. مثل الحب في زمن الكوليرا، لا ـأحد يكتب للكولونيل، وحكايه نوت مسبقة" مضيفا: "أيضا لم تعجبني عزازيل زيدان". بينما قالت رانيا عبدالمنعم: "وجهة نظر .. أنا أعجبتنى أيما إعجاب". وعقب صلاح الحلبي قائلا: "قول يا أستاذ وشجعنا إحنا كمان نقول"، وأضاف: "لكن ممكن الترجمة يكون لها دور".
الناقد شوقي عبدالحميد أوضح قائلا: "لك مطلق الحرية في قول رأيك". بينما قال الشاعر السوري علي جمعة الكعود: "أتفق معك صديقي"، وتضامنت هبة الله أحمد بقولها: "ولا أنا".
الشاعر السعودي علي الدميني عقب قائلا: "أنا قرأت مئة صفحة فقط ولم أستطع إكمالها، فيما روايته الأخرى (الحب في زمن الكوليرا) أثارت إعجابي ودهشتي وعظمته كروائي فاتن!". وعلق الكاتب مصطفى عوض بقوله: "الاختلاف لا يفسد المحبة". وقال الكاتب محمد رجب عباس: "الترجمه فقط سيئه.. كما ترجموا كافكا.. بمنتهي السوء والترجمة التجارية أو غير الواعية". أما فاتن فاروق عبدالمنعم فقد أضافت إلى "مائة عام من العزلة، رواية "البحث عن الزمن المفقود لمارسيل بروست قائلة: "والبحث عن الزمن المفقود ملل ما بعده ملل"، بينما أثار الشاعر حمدي عمارة قضية أخرى بقوله: "وهل لما يبدعه فكر إنساني من قداسة؟" وتضامنت الكاتبة أنديرا محمد بقولها: "الحقيقة ولا أنا ومن أول صفحة بل من أول عبارة".
الناقد السوداني د. عزالدين ميرغني قال في تعقيب مقتضب يحمل إشارة فنية: "لغة متناسلة". وقالت الإذاعية منال زيدان: "هي رواية طويلة جدا أعجبتنى أكثر روايته الحب في زمن الكوليرا القصة جميلة وسلسة". بينما أوضح الشاعر والناقد أحمد سماحة قائلا: "ليس عيب ماركيز ولكن من ترجموا له"، وأضاف إنها "رواية تسبق التاريخ الروائي".
ويرى الشاعر السماح عبدالله أن رواية "مائة عام من العزلة" تعد "من أهم الروايات، وقد تأثرتُ بها لدرجة أنني كتبت قصيدة عن الشخصية الرئيسة فيها جوزيه أركاديو بوينديا، لكنني أحترم رأيك، وإن كان من المهم أن تقول لنا الأسباب".

وقالت الكاتبة الفلسطينية رجاء القاروط: "لا تخف إن مثل مائة عام من العزلة بدت تفكك حالها"، بينما رأي الشاعر السعودي محمد الدميني أنها "رواية عظيمة بكل المقاييس الفنية الممكنة. لم تحظ الرواية بهذه المكانة في ذاكرة العالم لو لم تكن كذلك. يبقى أن بناءها السردي غريب وجديد ويحتاج الى تأقلم من القاريء ليكمل قراءتها". وتضامن الكاتب والناقد محمد الدسوقي بقوله: "وأنا". وقال محمد سمير: "منذ عشر سنوات كلما حاولت أقرؤها. أقرأ رواية غيرها ولم تقرأ إلى الآن" ووصفها بأنه "رواية ملعونة". وفي إشارة متقتضبة قال أسامة خالد المغربي: "ومن سمعك!".
وتساءل د. هاني المرعشلي: "وما المشكلة؟!؟!" وهو الرأي نفسه للكاتب محمد اللبودي الذي قال: "وايه المشكلة .. عادي جدا". بينما قال الكاتب منير عتيبة: "حقك"، موضحا "أنا عجبتني جدا وعملتها مسلسل إذاعي 30 حلقة. لن يجمع الناس على عمل أبدا. وهذه ميزة الاختلاف". بينما تضامن محمد فتحي عبدالعال بقوله: "وانا كمان". وهو الرأي نفسه الذي أوضحته الكاتبة الأردنية د. دلال النبطاوي بقولها: "أتفق معك تماما". أما القاص سمير الفيل فقد علق تعليقا ذا دلالة بقوله: "هيخرجوك من الملة الثقافية!" بينما يرى الشاعر عزت الطيري أن "لا يجد الكولونيل من يخاطبه أفضل". وأضاف: "مائة عام مملة". وأكد الكاتب عمار باطويل أن "نجيب محفوظ قال لم أستطع أن أكملها". وقال الكاتب محمود قنديل: "عادي جدًا، الإبداع - بشكل عام - وجهات نظر، وحرية تلقّي". وأكد الكاتب محمد صلاح الدين أن هذا كان رأي يوسف إدريس أيضاً، قال عنها مائة عام من الملل!". وتتضامن مع رأيي الكاتبة منى ماهر قائلة: "ولا أنا".

وتوضح د. ناهد الطحان أن أطروحتها للدكتوراه شملت رواية "مائة عام من العزلة"، وتقول: مائة عام من العزلة رواية تعتمد تكنيكا سرديا يجمع بين الواقع والعجائبية المفعمة بجو من السحر والخيال والأعمال، وهي رواية يجد من يقرأها صعوبة في متابعة الأحداث والشخصيات لكثرة التفاصيل والتكرار الطاغي على العمل، وربما كانت الترجمة رغم المجهود الكبير الذي بُذل فيها من قبل الراحليْن صالح علماني وسليمان العطار، ربما انقصت من جماليات اللغة الإسبانية التي كتبت بها لكنها من خلال شخصياتها المتعددة وسراديبها المتشعبة تشي بتلك العلاقات الإنسانية المضطربة، وكأنها سجل حافل بين متناقضات كثيرة نلمسها في واقعنا، مثل ذلك التنازع بين الليبرالية والرأسمالية والذي ينتهي للاشيء في الرواية، كنوع من فضح أشكال مختلفة من الصراعات الإنسانية غير المبنية على أساس واضح. إضافة إلى تلك التركيبة الشخصية التي تتسم بها شخصيات الرواية نفسيا وجسديا. ربما تنويعا للخصائص الإنسانية في كل زمان ومكان. 
وتضيف الطحان: إنها رواية تدعو الي كسر العزلة بين عالمين عالم الواقع المحسوس وعالم الخيال غير المنظور وكأنه عالم متوحد داخل كل منا لأننا بالفعل مشطورين إلى عالمين داخل كل منا؛ عزلة النوع، والعلاقات المشوهة التكرار المرعب في الأفعال في الشخصيات، كلها تجعل من رواية مائة عام من العزلة رواية ذات خصوصية، هناك من يتقبلها أو من يختلف معها لكنها بالتأكيد إرث إنساني الآن ورؤية لعالم مزدوج في أقاصي العالم أفرزتها قريحة خاصة، فلكل منا طريقته في التعبير، ولقد قمت بقراءتها بحكم الدكتوراه لتحليلها والوقوف على عناصر الواقعية السحرية فيها. 
وأعتقد اننا جميعا أصابنا الرعب من كم التناقضات التي سردتها الرواية لكن الترجمة أعاقتني بصفة شخصية عن الاستمتاع بجماليات الحكي رغم ما بذل فيها كما ذكرت.