جولة إعادة حاسمة لبيزشكيان وجليلي في الانتخابات الرئاسة الإيرانية

نسبة أصوات متقاربة بين المرشح الإصلاحي ومنافسه الموالي لخامنئي، فيما يستبعد أن يحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران.

طهران – يخوض مرشح معتدل جولة ثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية في مواجهة مرشح موال للزعيم الإيراني الأعلى في الخامس من يوليو، بعدما قالت وزارة الداخلية اليوم السبت إن أيا من المرشحين لم يحصد الأصوات الكافية للفوز في الجولة الأولى من الانتخابات.

واحتدمت المنافسة في تصويت الجمعة لانتخاب خلف للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، بين المشرع غير ذائع الصيت مسعود بزشكيان، وهو المعتدل الوحيد بين أربعة مرشحين، وسعيد جليلي العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني.

وأعلن محسن إسلامي، المتحدث باسم مركز الانتخابات التابع لوزارة الداخلية الإيرانية، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مركز الانتخابات بمبنى الوزارة أن عملية فرز الأصوات قد انتهت.

وقال إسلامي إن بزشكيان حصل على 10 ملايين و415 ألفًا و191 صوتًا، وبناءً على ذلك، بلغت نسبة التصويت لبزشكيان 42.5 بالمئة.

وذكر إسلامي أن جليلي، الذي حصل على 9 ملايين و473 ألفا و298 من الأصوات، أنهى الجولة الأولى من الانتخابات في المركز الثاني بواقع 38.6 بالمئة من الأصوات.

وبذلك سيتنافس بزشكيان المرشح الوحيد للإصلاحيين، والمرشح المحافظ جليلي، مرة أخرى في الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في 5 يوليو المقبل.

وجاء محمد باقر قاليباف في المركز الثالث بنسبة 13.8 في المائة، ومصطفى بور محمدي في المركز الرابع بنسبة 0.8 في المائة.

ومن غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو من يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها.

إلا أن الرئيس هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على نهج بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.

وكانت المؤسسة الدينية تأمل أن يكون الإقبال كبيرا في ظل مواجهتها أزمة شرعية أججتها حالة من السخط العام بسبب أزمة اقتصادية وتقييد الحريات السياسية والاجتماعية. لكن الإقبال في انتخابات الجمعة سجل مستوى قياسيا متدنيا عند نحو 40 بالمئة، وذلك استنادا إلى الأرقام التي أصدرتها وزارة الداخلية اليوم السبت.

وأشار إسلامي إلى أنه تم الإدلاء بإجمالي 24 مليونًا و535 ألفًا و185 صوتًا في صناديق الاقتراع المنتشرة في 59 ألف مركز في جميع أنحاء البلاد.

وذكر إسلامي أن عدد الأصوات الباطلة بلغ مليونًا و56 ألفًا و159 صوتًا.

وأغلقت مراكز الاقتراع في إيران الجمعة عند منتصف الليل بعد أن مُدّدت عمليّات التصويت في انتخابات رئاسيّة مبكرة تبدو نتيجتها غير محسومة في ظلّ انقسام معسكر المحافظين وتعويل مرشّح إصلاحي على تعدّد منافسيه لتحقيق اختراق.

وكانت وزارة الداخليّة مدّدت عمليّات التصويت التي كان مقرّرا أن تنتهي عند الساعة 18:00، ثلاث مرّات، لمدّة ساعتين في كلّ مرّة. ولم تُدلِ السلطات بأيّ معلومات حول نسبة المشاركة، علما بأنّ حوالي 61 مليون ناخب تمّت دعوتهم إلى صناديق الاقتراع.

وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن مسلحين مجهولين هاجموا عربة تحمل صناديق انتخابية في إقليم سستان وبلوشستان بإيران وقتلوا اثنين من أفراد قوة أمنية.

وتأتي الانتخابات في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة وجماعة حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى تزايد الضغوط الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي سريع التطور.

ورغم استبعاد أن تؤدي الانتخابات إلى تحول كبير في سياسات الجمهورية الإسلامية، فإن نتائجها قد تلقي بظلالها على اختيار خليفة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما والذي يشغل المنصب منذ 1989.

ودعا خامنئي إلى الإقبال بقوة على التصويت لتبديد أزمة تواجه شرعية النظام أججها السخط الشعبي إزاء الصعوبات الاقتصادية وتقييد الحريات السياسية والاجتماعية.

ومن غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ إن خامنئي هو من يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها.

إلا أن الرئيس هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على نهج بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.

وتتناقض آراء بزشكيان مع آراء جليلي إذ يدعو إلى تخفيف حدة التوتر في العلاقات مع الغرب وإلى الإصلاح الاقتصادي والتحرر الاجتماعي والتعددية السياسية.

وقال محللون إن فوز جليلي، المناهض بشدة للغرب، سيشير إلى احتمال حدوث تحول أكثر عدائية في السياسة الخارجية والداخلية للجمهورية الإسلامية.

وفي سياق متصل تظاهر بضعة آلاف من المعارضين الإيرانيين والمؤيدين لهم في برلين اليوم السبت تنديدا بالسلطات في إيران والانتخابات الرئاسية التي وصفوها بأنها "مزيفة"، حسبما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

وقال جواد دابيران المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا إن "هذه الانتخابات فاشلة تماما وتظهر أن النظام ليس لديه شرعية. الإيرانيون لا يريدون هذا النظام".

والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو أحد التنظيمات المعارضة الرئيسية خارج إيران، والواجهة السياسية لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي تصنّفها طهران "إرهابية".

ودعا المجلس أعضاءه في عدة دول أوروبية وفي الولايات المتحدة خصوصا، إلى التجمع في برلين غداة الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي نظمت بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث مروحية في 19 مايو/أيار.

وأكدت متظاهرة إيرانية أنها أتت من الولايات المتحدة وقالت مفضلة عدم الكشف عن اسمها "نظام الملالي يجبر الناس على التصويت. في النهاية سيستبدلون القاتل الذي كان يترأس الدولة بقاتل آخر. هذا النظام يقتل أشخاصا كل يوم".

ورفع العديد من المشاركين علم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: أسد يحمل سيفا وسط ألوان الأخضر والأبيض والأحمر.

وفي مداخلة عبر الفيديو، أكدت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، متحدثة من فرنسا، أن "مقاطعة" التصويت كانت بمثابة "ضربة قاضية" للسلطة في إيران، بحسب تصريحات مترجمة.