ملف المعلمين يتلقى دفعة من اللجنة الملكية في الاردن

التسوية المحتملة لقضية نقابة المعلمين المنحلة يمكن ان تساهم في إشاعة أجواء من الارتياح لدى الشارع الأردني الذي يبحث عن اي مؤشر الى وجود إرادة حقيقية للإصلاح السياسي.

عمان – في خضم النقاش العام حول الاصلاح السياسي في الاردن، اعادت مؤسسة الحكم فتح ملف نقابة المعلمين السابقة لكن من دون الاعلان عن اي مبادرة او تسوية للخلاف الذي يتابعه الاردنيون منذ ان حلت الحكومة مجلس النقابة وأحالت أعضاءه الى القضاء العام الماضي.
الاردن مشغول هذه الفترة بصياغة مكونات الاصلاح السياسي من خلال اللجنة الملكية التي يترأسها سمير الرفاعي، ولم تسفر اجتماعاتها حتى الان عن الوصول الى رؤية مشتركة حول مجمل التشريعات الناظمة للحياة السياسية.
لكن اللقاء الذي جمع قيادات النقابة المنحلة بالرفاعي ربما يعكس توجها نحو طي صفحة الخلاف مع النقابة التي حلها القضاء العام الماضي وأحالت الحكومة قياداتها الى التقاعد المبكر، ومنهم نائب النقيب سابقا ناصر النواصرة الذي برأته المحكمة في يوليو/تموز من تهمة التحريض على الحكم.
وقال النواصرة ان الاجتماع مع الرفاعي الاربعاء "يهدف للاشارة إلى أن حل ملفات المعلمين واحد من مناخات الاصلاح، ولا بد من توافرها لدعم اللجنة في منظومة الاصلاح وتوجهاتها ومخرجاتها".
كما اعتبر النواصرة بحسب ما نقل عنه موقع عمون الاخباري، الاجتماع "إقرارا بأن الوطن بحاجة الى تحديث المنظومة السياسية كما جاء في الاوراق النقاشية" التي نشرها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني قبل سنوات ولخّص فيها رؤيته للاصلاح الشامل.
وفي حين قال النواصرة انه تناول في لقائه مع الرفاعي قرارات التقاعد المبكر والاستيداع، نفى بحث "اي مبادرات او وعود اطلاقا لحلول لمشكلة النقابة"، التي ينظر القضاء الاستئنافي حاليا في قرار حلها العام الماضي.
غير انه لا يزال من الممكن التعويل على اللقاء في تحريك المياه الراكدة عبر الوصول الى صيغة توافق بين الحكومة والمعلمين، تكفل تسوية ملف النقابة التي تضم في عضويتها حوالي 150 الف معلم.
كما ان التسوية الممكنة تتيح للجنة الملكية المؤلفة من 93 عضوا تسجيل انجاز امام الرأي العام الذي لم يسمع منها الا اخبار استقالات اعضائها والخطابات الانشائية والكلام العام عن قوانين الاحزاب والانتخاب والتشريعات المرتبطة بالاعلام وحرية التعبير.
ويتابع الاردنيون باهتمام ملف نقابة المعلمين ويتعاطفون غالبا مع قضيتها منذ فهمها الشارع على أنها مكاسرة بين النقابة القائمة منذ 2011 ومؤسسة الحكم التي رفضت الاستجابة للمطالب المالية للمعلمين.
كما شاب القضية تدخل أمني او "شبه أمني" خصوصا في توجيه الرأي العام نحو وجود ارتباطات بين مواقف النقابة وتوجهات جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي اليها بعض اعضاء مجلس النقابة. ومنها ايضا "فبركة" الفيديو الشهير الذي يظهر فيه النواصرة وهو يقول "نحن الدولة"، وبناء عليه برأه القضاء من تهمة التحريض.
وكان الحكم القضائي بحل النقابة يستند على ما سمته المحكمة "تجاوزات مالية" وهو عبارة عن تبرع بمبلغ نصف مليون دينار قدمه مجلس النقابة الى وزارة الصحة لدعم جهود مكافحة فيروس كورونا.
وتكاد قضية النقابة تمس جميع الأسر الاردنية في البلد الذي يضم حوالي مليوني طالب، وشهد السنة الماضية إضرابا واسعا للمعلمين هو الاطول في تاريخ المملكة وأدى الى تأجيل بداية العام الدراسي.
الان تبدو الظروف مواتية أمام تخريجة معقولة لقضية النقابة ولو بالحد الأدنى الذي يضمن استمراريتها، والعدول عن قرارات الاحالة على التقاعد التي استهدفت خصوصا القيادات الناشطة والمعارضة للحكومة.
كما قد تفضي التسوية الممكنة الى إشاعة أجواء من الارتياح لدى الشارع الأردني الذي يبحث عن اي مؤشر الى وجود إرادة حقيقية للإصلاح والمشاركة السياسية، وارهقته تداعيات الوباء اقتصاديا واجتماعيا.
ولم ترافق اعمال اللجنة التي شكلها العاهل الاردني اوائل يونيو/حزيران اي مبادرات توحي بان ثمة تغييرا ما يحدث في سبيل تطوير الحياة السياسية
وأحدثت اللجنة التسعينية ضجة مؤخرا حين اعلنت ان الاردن يحتاج الى عشرين عاما للوصول الى هدف الحكومات المنتخبة، وهو ما اثار موجة جديدة من السخرية والتساؤلات حول جدية السير في خطوات الاصلاح السياسي في الدولة التي تأسست قبل مئة عام.
ربما يكون الهدف من لقاء مجلس النقابة السابقة والرفاعي، وهو من الشخصيات البارزة في مؤسسة الحكم، البدء بعام دراسي جديد دون احتكاكات او مشاكل مع المعلمين او جزءا من جهود العلاقات العامة للجنة الملكية المعنية بالاصلاح السياسي.
وقد يكون اللقاء من ضمن الاجتماعات التي قالت اللجنة الملكية انها تعقدها لتوسيع نطاق المشاركة في صياغة الاصلاحات المنشودة والمطلوبة من قبل الملك عبدالله الثاني خلال مهلة تنتهي في أول أكتوبر.
اما اذا ارادت اجهزة الحكم التوجه فعلا نحو الاصلاح، فإن تسوية ملف نقابة المعلمين يمكن ان تشكل فاتحة مثالية لتخليص البلد من الجمود السياسي والبدء بخطوات عملية أقلها في ما يخص الحريات العامة قبل الخوض في مسائل الاحزاب والانتخابات.