'هارموني أو أس' ورقة هواوي الرابحة ام مجرّد نسخة أندرويد؟

رغم اعتماده في بعض جوانبه على نظام تشغيل غوغل، فان نظام هواوي الجديد يشكل نقلة نوعية في عالم انترنت الأشياء.

بكين - أطلقت العملاقة الصينية هواوي المصنف 3 عالميا سابقا في سوق الهواتف الذكية بديلها لنظام تشغيل غوغل والذي حرمتها منه منذ أكثر من عامين العقوبات الأميركية، لكن السؤال الأهم الذي تطرحه هذه المغامرة الجريئة، هل سيكون "هارموني او اس" بديلا حقيقيا لأندرويد ام مجرد نسخة صينية.

ماهو "هارموني او اس"؟

"هارموني او اس" هو نظام تشغيل قالت شركة إنها تعمل عليه منذ عام 2012، عندما عقدت مجموعة صغيرة من كبار مسؤوليها التنفيذيين بقيادة المؤسس رن تشنغ فاي اجتماعا مغلقا لتبادل الأفكار حول كيفية تقليل الاعتماد على أندرويد.

في النهاية ، لم يكن لدى هواوي أي خيار بعدما أدرجتها واشنطن في قائمتها السوداء في مايو/اذار 2019، ما أدى الى فقدان اجهزة العملاقة الصينية الوصول لخدمات غوغل الأميركية.

وبعد ثلاثة أشهر من الحظر، كشفت هواوي رسميا النقاب عن ورقة الجوكر الخاصة بها، "هارموني او اس".

وعلى عكس نظامي "اي اوس اس" من ابل واندرويد من غوغل الذين تم تطويرهما لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، ولد "هارموني او اس" في العصر الذهبي للأجهزة انترنت الأشياء.

والجهاز الأول الذي تم اطلاقه مع النظام الوليد لم يكن مجرد جهاز محمول، بل كان تلفزيونا ذكيا تم الكشف عنه في نهاية العام 2019 من قبل العلامة التجارية هونر التي باعتها هواوي لاحقا تحت ضغط العقوبات.

وبهذه الخطوة، كانت هواوي تحاول من البداية اثبات تفرد نظامها وتميزه عن منافسيه.

وأثناء اطلاق "هارموني او اس"، حرصت العملاقة الصينية على التأكيد ان نظامها سيُستخدم في النهاية في أجهزة الكمبيوتر والأجهزة القابلة للارتداء والسيارات ومكبرات الصوت الذكية وسماعات الرأس ونظارات الواقع الافتراضي ضمن منتجات أخرى قد تشمل قريبا الطائرات بدون طيار وغيرها.

ورغم هذا التميز المبدئي، تلاحق الاسئلة اللاعب الجديد حول قدرته الفعلية على انتزاع موطئ قدم في عالم يحتكره اندرويد و"اي او اس".

لماذا كانت بداية هارموني من الشاشات؟

من المعروف ان اداء نظام تشغيل اندرويد على جهاز لوحي أسوأ بكثير من نظام تشغيل "اي باد" الخاصة بآبل، اذ ان الاول غير مصمم لادارة واجهة لمس على شاشة كبيرة.

والاجهزة اللوحية التي تعمل بنظام اندرويد تبدو عادة وكأنها هواتف ذكية متضخمة مع بعض الترقيات التجميلية مثل دعم القلم.

اما بالنسبة لنظام "واير او اس" الموجه من غوغل أساسا للأجهزة القابلة للارتداء، فرغم توفيره واجهة مستخدم سريعة الاستجابة فان سمعة سيئة لاحقته كواحد من اكثر الأنظمة نهما للطاقة.

وفي ظل هذا الوضع كان منطقيا أن تقوم هواوي بتقديم نظام يصحح كل هذه العيوب ويعطي لمحة عن القادم من خلال النسخة الاولى من "هارموني او اس"، فيما كانت تطور على مهل رؤيتها للهواتف الذكية التي اتضحت اكثر مع صدور النسخة الثانية من النظام المعلن عنها مؤخرا.

هل هارموني مجرد اصدار اخر من اندرويد؟

وفقا لهواوي، فان نظاما الجديد يعمل وفقا لهندسة معمارية خاصة بالشركة، لكنها تعترف في نفس الوقت باستخدام نواة لينوكس التي يعتمد عليها اندرويد فضلا عن تعليمات برمجية من مشروع "اندويد مفتوح المصدر" الذي يشكل الطبقة المتاحة للجميع والمجانية من نظام اندرويد.

وقالت هواوي في البداية ان "هارموني او اس" سيعمل على ما يسمى بـ"ميكرو كيرنل" (النواة الدقيقة)، وهو الحل المثالي لأجهزة إنترنت الأشياء الأقل تطورًا.

و"النواة الدقيقة" هي شكل برمجي مبسط من النواة يتم فصل طبقة خدمات النظام التي عادة ما يتم دمجها مع النواة إلى خيارات يمكن إضافتها وفقًا للمتطلبات ما يجعل الامر اشبه بقطع لودو صغيرة.

ويوفر هذا النظام قابلية تطوير أفضل وبيئة تطبيق أكثر فعالية، اذ انه لترقية النظام، طالما أنه يتم استبدال الوحدة القديمة بوحدة جديدة ، فلا حاجة لتغيير نظام التشغيل بالكامل.

وعلى عكس "النواة الدقيقة" تعمل معظم أنظمة التشغيل على "نواة متجانسة" تحتوي على كل ما يلزم لجعل النظام يعمل.

وقال كبير مديري تسويق المنتجات في هواوي إن النوى الصغيرة أكثر مرونة، اذ يمكن تقسيم النظام إلى مكونات أصغر وإعادة بنائها لدعم أجهزة مستقبلية او وظائف محددة.

هذا يعني أن النوى الدقيقة خفيفة ومرنة، اذ انه من خلال إجرائها العمليات الأساسية فقط، يمكنها ترك كل شيء آخر لأجزاء أخرى من النظام ما يجعلها أكثر ملاءمة لأجهزة إنترنت الأشياء.

وتنص وثائق "هارموني او اس"على أن النظام "يستخدم تصميمًا متعدد النواة"، والذي يتضمن نواة لينوكس ونواة هارموني او اس المبني على "لايت اوس" من هواوي.

ويعني هذا ان النظام سيتأقلم مع الجهاز الذي يديره، اذ سيكون اقرب لـ "لايت اوس" على أجهزة انترنت الأشياء واكثر شبها باندرويد خلال عمله على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.

وهذه الانسيابية والقدرة على التأقلم ستتيح للمطورين مكسبا هاما، وهو كتابة برامج موحدة لحزمة واسعة من الاجهزة، وهي ايضا وجه لفلسفة يدور حولها النظام كما تشي تسميته، "الانسجام".

ويوضح عرض للنظام كيف تم إقران هاتف ذكي بكاميرا مغامرات بدقة 4 كي وساعة ذكية تلتقط دقات القلب وغيرها من المؤشرات الحيوية، ليتم عرض كل هذا بانسيابية في شاشة واحدة.

لن يستنزف بطاريتك لكنه قد يستنزف جيبك

ومن الواضح من خلال هذه التوليفة والارتباط بين مختلف الاجهزة، ان هواوي تطمح للأبعد من مجرد منافس لاندرويد، بل لحث مستخدميها على شراء اكثر من مجرد هاتف ذكي للتمتع بهذا "الانسجام" الموعود.

والنظام يجعل من السهل على معظم أنواع الأجهزة العمل معًا على نظام تشغيل موحد، ما من شأنه أن يسهل على المطورين تصميم التطبيقات التي تعمل جنبًا إلى جنب فيما بينها.

ماذا يعني هذا عمليا؟ هذا يعني أن هاتفك الذكي يقع في مركز شبكة واسعة من الأجهزة المتصلة ببعضها بشكل لم يكن قبل الان سلسلا بهذا القدر رغم محاولات ابل في هذا الشأن وغوغل.

وعلى سبيل المثال، سيكون كافيا تقريب جوالك من اي جهاز منزلي ليتم الربط بينهما بشكل مباشر من لتمكينك من تحكم كامل بنقرات قليلة.

كما يمكنك ان تقوم بفح نفس التطبيق الذي تعمل عليه على هاتفك على اي جهاز اخر يعمل بنظام "هارموني او اس"، بل انه يمكنه فعل نفس الشيء حتى و ان لم يكن التطبيق منصبا في الجهاز الثاني.

لكن في المقابل لن تحصل على هذه البيئة المتناغمة ولن تستفيد من كل قدراتها الا عندما يكون لديك الكثير من اجهزة هواوي المتصلة لخلق بيئة متناعمة، ما يعني انك ستدفع مبالغ باهضة مقابل هذا "الانسجام" الموعود.