هل عاد إرم اسطورة؟

اليوم بتنا نعرف أن ديار ثمود القديمة هي شمال غرب جزيرة العرب أي حسمى والجوف الشمالي وشرق الاردن وحوران وفلسطين وغيرها، لكن المركز الذي انطلقوا منه هو إرم أي شمال غرب جزيرة العرب.

ذكرت عاد في القرآن بشكل مركب مع إرم وذهب أغلب المفسرون أن إرم هي مدينة عاد، تفسيراً  للعبارة القرآنية "ذات العماد"  وهنا نلاحظ أن عاد إرم وإرم عاد يتبادلان في أحاديث العرب حول كلاهما، وهذا يعني انه إذا ذكرت عاد فإنها تشير إلى إرم وإذا ذكرت إرم فهي يقصد بها  عاد ايضاً، قد يبدو الأمر هكذا واضح، لكنه وإن انطبق على مرحلة زمنية مازالت مجهولة  فإنها لا تجيب على بعض التباس التسمية أي بين الاسماء التي اطلقها عليهم الجيران، واغلب الظن أن تسمية إرم لم يستسيغها العرب بل كانوا يستخدمون تسمية الجد الاعلى للقبيلة كعادتهم في النسب القبلي، وإرم ليس جداً للقبيلة على مايبدو حيث اطلق الاسم على عديد القبائل والعشائر التي وصفت بأنها إرمية لذلك لابد ان إرم مكان أي موطن وليس اسم قبلي، ونحن نصادف اسم مركب للقبيلة مع الموطن في حسمى جذام فلا يشار إلا حسمى إلا ويتم ذكر جذام مقروناً بها، وعليه فعندما نقول عاد إرم فنحن نقصد عاد التي ديارها في إرم، وهذا التحديد قد يعني وجود فروع لعاد خارج إرم وإن عاد المقصودة في الايات القرآنية هي تلك التي ديارها إرم، وإرم هي منطقة مازالت موجودة في شمال غرب جزيرة العرب في الحجاز الشامي وفي جبل إرم، وصحراء إرم، ونبع ماء إرم، ولفظت كلمة إرم بعدة اشكال فهناك من لفظها رم وهناك من لفظها أرم وهناك من لفظها آرام، وعثر على نقوش نبطية وغيرها تتحدث عن إرم، وتغنى بها الشعراء في الجاهلية والإسلام، وهي أرض غنية وغناء وفيها من المناظر  الطبيعية من الروعة بمكان يصعب وصفها من شدة جمالها وتتميز المنطقة بالجبال الشاهقة الفريدة، واذا عدنا للايات القرآنية فإنها تقول "عاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد" والخلق هو من اختصاص الله لذلك الحديث عن مكان كون من الطبيعة ولا علاقة لعمل الانسان به، بل هو  خلق إلهي تام، وقد ربطت عاد إرم بثمود إرم وجعلت ثمود وريثاً لعاد بمعنى بعد اندثار عاد حلت محلها ثمود ومعنى الميراث هنا أن ثمود استوطنت ديار عاد وكذلك حملت بقايا القبيلة في مكوناتها، ونحن نعلم أن القبائل تتكون إما سلالياً اي تعود لجد مشترك أو تحالفياً اي تلجأ مجموعة قبائل للتحالف تحت جناح قبيلة اكبر قصد الحماية من اعداء مشتركين.

واليوم بتنا نعرف أن ديار ثمود القديمة هي شمال غرب جزيرة العرب أي حسمى والجوف الشمالي وشرق الاردن وحوران وفلسطين وغيرها، لكن المركز الذي انطلقوا منه هو إرم أي شمال غرب جزيرة العرب، ومن الواضح لي أن تسمية إرم اطلقت في الماضي على كل القبائل التي سكنت شرق نهر الاردن وشمال الجزيرة كون موطنها إرم فهي إرمية نسبة للمكان وكتبت في التوراة أرام وتصحيحها إرم وقد راجعت كل ما كتب حول الاراميين وحدد موطنهم الام الى الشرق من فلسطين، وبما أن الاجماع بين المؤرخين وعلماء الاثار ان المصدر الاساسي لمعرفتهم هي التوراة والحوليات الاشورية فهذه المصادر تشير إلى أن موطن الإرميين او الاراميين هو هذه المنطقة بالذات أي مواطن عاد وثمود، وبالمناسبة لمن ينكر وجود عاد وجدنا في النقوش الثمودية أن هناك قبيلة تدعى عاد ضمن تحالف ثمود أو قوم ثمود الذين لطالما عرفوا انفسهم كشعب وليس كقبيلة.

ومن المعروف تاريخياً أن الأدوميين ورثوا الثموديين، فقرآنياً تنسب بيوت الجبال المنحوته لثمود بينما في التوراة تنسب لأدوم وبظني ان النسبين صحيحين ولكن ذلك يعود لمصدر التسمية فالتوراة لا تذكر قوم باسم ثمود مع انهم عرفوا عند كل الشعوب المجاورة من بابلين واشوريين وفرس ويونان ورومان وعرب الجنوب وغيرهم، وفي المقابل نرى العرب لايذكرون ادوم او الانباط في تاريخهم بل يذكرون فقط ثمود مع ان الاقوام هذه عاشت في نفس الموطن، وعاشت قبلها قبائل قيدار التي اصبح اغلب العلماء ينسبونها لثمود او العكس ؟ فهل قيدار هي عاد الام؟ لا ندري ولا نستطيع اسطرة عاد بمعنى أنها لم تكن موجودة كون موطنها  حدد بموطن ثمود وقد عثر عليه اثريا وذكر  من قبل الاخباريين العرب معززاً بآي القرآن وعثرنا على وريث لها او بقاياها ضمن تحالف ثمود بقبيلة تسمى عاد.

وعليه ارم ذات العماد بمعنى ارم ذات الجبال الشاهقة التي لا يوجد بجمالها وسحرها في بلاد أخرى.

اما وجود الهمزة فوق الالف أو تحتها في كلمة أرم وإرم فلا اظن ان اللغات العربية القديمة كانت تميزها فأغلب الظن انها كانت تكتب هكذا "ارم" وكل قبيلة نطقتها بطريقتها بعضها رفعها وبعضها نصبها وبعضهم خففها بـ "رم" فقط لكنهم جميعا قصدوا بلادا  لا شعب  او قبيلة بعينها، لكن القرآن خصص الإشارة الى قبيلة أو قوم ما وحددهم من موضع سكناهم اي إرم مع وصف المكان ومع ذكر الوريث ايضا الذي هو ثمود وهذا يعود ربما الى وجود عاد في مواضع أخرى غير إرم لذلك العقاب الالهي حل بعاد إرم ولم يتعرض له قوم عاد في مناطق آخرى.

من كتابي القادم "بنو إسرائيل القبيلة العربية المفترى عليها"