هيثم فتح الله يستذكر 'الثائر بعدسته' جاسم الزبيدي

المؤلف يتناول محطات كثيرة من حياة الفنان الكبير الراحل ليقدم لنا أشبه بسيرة جاءت على شكل إنثيلات تأريخية.

قليلة هي الكتب التي تعنى بالنقد والتأرخة لفن التصوير الفوتغرافي، بل نلحظ أن في العراق لا تتوافر مصادر كثيرة يمكن من خلالها ملاحقة أثر كثير من المبدعين في هذا المشهد الثقافي المهم.

قبل أيام استعرت من مكتبة الفنان عبدالحميد الزبيدي نسخة من كتاب مهم يؤرخ لتجربة إبداعية كبيرة متمثلة بالمصور المبدع الراحل جاسم الزبيدي والذي جاء بعنوان "جاسم الزبيدي .. الثائر بعدسته" لمؤلفه المبدع هيثم فتح الله عزيزة.

الكتاب جاء بأكثر من 300  صفحة من القطع الكبير وتضمن سبعة عشر محوراً فضلاً عن مقدمة وخاتمة، حيث تناول المؤلف محطات كثيرة من حياة الفنان الكبير جاسم الزبيدي ليقدم لنا أشبه بالسيرة التي جاءت على شكل إنثيلات تأريخية.

في مقدمة الكتاب والتي كتبها المؤلف ما نصه "في هذا الكتاب حرصت على أن تظهر أعماله الفوتغرافية بأفضل شكل فني ممكن من حيث معالجة الصور الأصلية، وإزالة الشوائب والآثار التي سببها تقادم الزمن وتأثيره على سوالب الصور".

المحور الأول من الكتاب أتى على شكل سيرة بعنوان "جاسم الزبيدي الفوتغرافي الثائر"  وجاء في السيرة "إن شغف جاسم الزبيدي بالتصوير مع معرفة تقنياته جعله يفتح استوديو خاص به في منطقة كرادة مريم قرب حي الأرمن وسماه "فوتو فلاش" مارس فيه إنتاج الصور التي كانت تتطلبها مستلزمات الوثائق الحياتية، بيد أن الإنعطافة الكبيرة في حياته حدثت عندما كان يتجول في أحد الشوارع قرب السفارة الإيرانية وعثر على كاميرا حديثة من نوع لايكا جعلته يتعمق بفن الفوتغراف خصوصاً وهي من أعرق وأحسن كاميرات التصوير في العالم".

المحور الثاني من الكتاب جاء بعنوان "جاسم الزبيدي .. جيفارا العراق" ويقول فيه المؤلف "من اللذين إتخذوا جيفارا رمزاً لهم، الفوتغرافي الثائر جاسم الزبيدي، إذ أطلق لحيته، ولبس الكاكي، واقتنى سيارة جيب بلون كاكي ! لقد بدا حقاً متماهياً مع تماذج المناضلين والثوار الساعين الى التحرر من ظلم الأنظمة التعسفية".

وجاء في هذا المحور أيضاً ما نصه "كان لا يتأخر عن عن جمل كاميرته بوصفها سلاحه الوحيد والفعّال، وقد نشر صور الظلم والمآسي التي يعيشها أخيه الإنسان العربي في أرضه ووطنه، وبسبب مواقفه التضامنية أطلقت جبهة التحرير الأرتيرية إسمه على أحد شوارع العاصمة (أسمرة) بعد التحرير ونيل الإستقلال".

المحور الثالث جاء بعنوان "الزبيدي والتأثر بالفوتغراف الغربي" وكتب فيه المؤلف ما نصه "الزبيدي وضع شخصية المصور الأميركي ديفيد دوغلاس أمامه وتبنى عمله كأيقونة فوتغرافية وتحدث عنها في كل مكان".

المحور الرابع جاء بعنوان "أسلوب جاسم الزبيدي الفوتغرافي" وجاء فيه "يمتاز الزبيدي بأسلوب تقليدي في التسجيل الصوري للواقع، فهو لا يستخدم تقنيات آلية معقدة في التصوير الفوتغرافي من عدسات مقربة وفلترات وإضاءة إضافية، بل يعتمد في أغلب لقطاته على كاميرا واحدة نوع رول فلكس بالرغم من إمتلاكه عدد آخر من الكاميرات".

المحور الخامس كان بعنوان "فوتغرافيا جاسم الزبيدي" وجاء فيه "إن إتجاه الزبيدي في تصوير معاناة الإنسان في بيئته من نساء وأطفال وشيوخ، كان الهدف منها إرسال رسالة توثيقية واضحة للعالم، تفضح فيها الأنظمة التي تتحكم بمصير شعوبها" وتضمن المحور لقطات رائعة بعدسة المبدع الراحل جاسم الزبيدي.

كما كانت هناك توقفات عدة للمؤلف عند محطات الزبيدي ومن بينها أرتيريا واليمن وعمان وفلسطين وحرب العراق وإيران.