النجاة من كورونا .. رؤية أديب مصري أميركي

شريف مليكة يتحدث عن أداء بلديه مصر والولايات المتحدة الأميركية لمواجهة خطر الفناء يسبب ضراوة كورونا.
رواية مليكة الجديدة تتلامس، بشكل أو بآخر، مع موضوع "كوفيد 19" الذي يهز العالم؛ فهي تعرض لتنائية: المرض والموت. 
شريف مليكة يحدد مواصفات الدولة المؤهلة لإنقاذ البشرية باختراع "الترياق" المنجِّي من الهلاك
مليكة يستثمر وقت البراح لإنجاز شوطًا كبيرًا في كتابة روايته الجديدة التي تحمل عنوان "حتى آخر الحياة"

جونز هوبكنز (الولايات المتحدة) ـ  كيف يرى أديب عربي مرموق، وواحد من أهم الأطباء المتخصصين في علاج الألم في العالم، أداء بلديه: مصر والولايات المتحدة الأميركية لمواجهة خطر الفناء يسبب ضراوة الجائحة المسماة "كوفيد 19"، من منطلق كونه مواطنًا أميركيًا ومصريًا في آن واحد؟
وكيف تضرَّرَ الدكتور شريف ماهر مليكة، على المستوى الشخصي، من تحت رأس هذا الوباء؟
وما تعليقه على إدارة الدولتين لخلية أزمة الخلاص من هذا الفيروس التاجي البغيض؟
وكيف يقرأ الدكتور شريف مليكة، المنتمي إلى "جونز هوبكنز".. أهم جامعات العالم في هذا الصدد، سيناريو مواجهة المصريين للوباء؟
وما هي الدولة المؤهلة لإنقاذ البشرية من هذه الجائحة باختراع "الترياق" المنجِّي من الهلاك؟ 
في البداية يشير الدكتور شريف مليكة إلى أنه كأي مواطن أميركي، أصبح في معظم الوقت حبيس جدران منزله بولاية مريلاند، فهو بحكم تخصصه، لا يتعامل مع مرضى الطوارئ، أو العناية المركزة. ولذلك فقد أصبح تواصله مع مرضاه يتم عن بعد فقط؛ عبر الهاتف، أو من خلال وسائط إلكترونية أخرى.
كما أن كل الجراحات غير العاجلة - التي بدونها لا يموت المريض، أو تتدهور حالته بشكل خطير - قد ألغيت تمامًا في أميركا، بما في ذلك عمليات علاج الألم مجال تخصصه.
لذلك فهو يستثمر هذا الوقت البراح لإنجاز شوطًا كبيرًا في كتابة روايته الجديدة التي تحمل عنوان "حتى آخر الحياة"، وهي تتلامس، بشكل أو بآخر، مع موضوع "كوفيد 19" الذي يهز العالم؛ فهي تعرض لتنائية: المرض والموت. 

الدولة المرشحة للوصول إلى عقار مقاومة كوفيد 19 هي الدولة التي تؤمن بأن العلم كفاح وعمل وإنتاج ومنظومة متكاملة، لا يخضع لقانون الصدفة، أو سلب علوم الآخرين

وقد أتاح له الوقت الممتد فرصة إنجاز مساحة كبيرة منها، ويأمل أن ينتهي منها خلال الأشهر القليلة القادمة، لتصبح روايته الثامنة، بعد "دعوة فرح"، التي صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2019 في القاهرة عن دار العين.
وعن تفسيره لهذه الردود المتشنجة للرئيس الأميركي على ممثلي الصحف والمحطات التليفزيونية في مؤتمراته الصحفية المتعلقة بأدائه في مواجهة هذا الوباء يقول مليكة: أولًا: الرئيس ترامب ليس سياسيًا، أي أنه لم يأت من منظومة حزبية، أو كان حاكمًا لولاية، أو حتى عمدة بلدة. وربما كان ذلك سببًا لانتخابه في الأساس. فقد سئم الأميركيون ألاعيب الساسة، واحتيالهم، وعدم تنفيذ وعودهم الانتخابية، فانتخبوه بديلًا عنهم. 
ثانيًا: كوَّن ترامب ثروته من عمله كمقاول عقارات، وهو تاجر شاطر، ولكن أضفى تاريخه في التعامل مع البناة والمقاولين الأصغر منه نوعًا من الحدة واستخدام لغة السوق في خطابه.
 ثالثًا: شخصية ترامب لا تتمتع بالود، أو السماحة، فهو يرد الصاع صاعين - كما يقولون - فإن مسه أحد بكلمة أو - في حالنا بمقال - فإنه يهاجمه في التو والحال، بأعنف الطرق، وبلا حنكة، كما تعودنا من الساسة المحنكين.
 وأخيرًا: فإن الرئيس ترامب في رأيي قد تعرض لضغوط رهيبة منذ تولى الرئاسة - وربما كان هو سببًا فيها من الأصل، للأسباب التي ذكرناها - لكنه مثلًا عندما بدأ الوباء، كان يدافع عن نفسه في قضية إقالته من رئاسة أميركا، من قِبل خصومه الديمقراطيين، كما شهد العالم كله.
وعن رأيه في أداء أميركا لمواجهة الجائحة يقول: أعتقد أن الأداء جاء أفضل من المتوقع؛ فلأن الرئيس ترامب - كما ذكرنا - ليس سياسيًا، فقد حاول في أول الأمر التهوين من أمر الوباء، ليزيل حالة الذعر المتفشية، وربما كان يخشى مغبة الفشل الاقتصادي. وهو الذي كان يرجو اتخاذ النمو الاقتصادي الجبار الذي صنعه سلاحًا يسهم في نجاحه في انتخابات الإعادة.
ولكن، يحسب له كونه أول من منع السفر من الصين لأميركا، ثم من أوروبا، وعندما بدأت الأمور تستفحل أحاط نفسه بعلماء مدنيين وعسكريين وصنع جبهة إنقاذ دائمة الانعقاد، تقدم تقريرًا يوميًا للشعب عن مسار المرض.
كما سارع بالتوقيع على ضخ مبلغ 2.2 تريليون (1000 مليون) دولار للاقتصاد لتعويض بعض الخسائر المتوقعة.
وقد رأينا بوادر نجاح سياسته في توقف تنامي أعداد المصابين والموتى واستقرارها بشكل عام، وبخسائر أقل كثيرًا عما كان مقدرًا.
وكونه من أصول مصرية ويعيش في أميركا يعطيه إمكانية المقارنة بين كيفية تعامل المجتمعات المتقدمة والنامية مع الفيروس، وفي ذلك يقول: بعد معيشتي أكثر من ثلاثة عقود من الزمان في الغرب تبين لي أن العلم والشفافية التي تضفي عليه ذلك الرونق، هما السبيل الأوحد إلى تقدم الشعوب. لذلك نجد البلاد المتقدمة في أوروبا وأميركا تبادر بحقيقة تزايد أعداد مصابيها، بل وموتاها، بل وتعلن – كما في حالة إيطاليا وإسبانيا –عجزها عن مجاراة التزايد المخيف في الأعداد. 
ويطرح العلم حلًا مؤقتًا وهو التباعد ما بين الناس، ذلك الذي يحسر عدد الإصابات فلا تحدث كلها في الوقت ذاته، فتعجز المنظومة الصحية عن مداواتهم، إلى أن تتم الأبحاث في الوصول إلى دواء فعال.
أما في الدول النامية، وسآخذ الصين مثالًا، فمازالت تصنف بينها، فيغلب التعتيم على الأعداد، بل والاعتراف بوجود المرض أصلًا - كما حدث في شهري: ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين هناك، مما أدى إلى انتشار الوباء حول العالم. 
ثم التكتم على حقيقة الأعداد بعد أن وصلت إلى حوالي 82000 حالة، حين أعلنت الصين فجأة نهاية الوباء.
ثم أصدرت الحكومة أمرًا بمنع علمائها من نشر أية تقارير أو أبحاث علمية عن الوباء إلا بموافقة من الدولة! 

وردًا على ما يردده البعض من أن 90% من الإصابات بهذا الفيروس مصدرها أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، يقول: هذا كلام مغلوط بالطبع، ومصدره الأوحد هو الصين دون أدنى شك؛ فالجميع يعرف أن الوباء انتشر أولًا بمقاطعة "ووهان" الصينية، وقد أخفت الصين حقيقة المرض لشهور عديدة، ثم ادعت أن المرض لا ينتشر من بشر لبشر، وأيدتها في ذلك - مع الأسف - تصريحات منظمة الصحة العالمية. وقد أدى ذلك التعتيم إلى انتشار المرض من الصين إلى إيران وإيطاليا، حيث يوجد آلاف الصينيين، ثم إلى كافة أرجاء العالم!
وهناك إحصاء يقول إنه لولا التعتيم لتجنب العالم 95% من الإصابات التي ألمت به.
وعندما نسأله عن سر تضارب المعلومات حول طبيعة فيروس كورونا ومدى انتشاره في الهواء بعد السعال أو العطس، وحول المدة الزمنية لالتصاقه على الأسطح، يقول: لأن كوفيد -19 فيروس حديث لم يصب البشر من قبل، فقد تخبطت الآراء حوله في بداية الأمر. لكن مع الوقت بدأنا نفحصه ونعلم صفاته فنقدر على اختراع أدوية وأمصال لمكافحته. هو من فصيلة الفيروسات التاجية، وهو يتسم باستقرار غشائه الخارجي. ولهذا فإن الدواء الذي يهاجم الغشاء الخارجي يقتله - أو يضعفه - وهو لا يصيب الانسان بعد الإصابة الأولى لأنه ثابت المظهر، فيتعرف عليه الجسم إذا تعرض له مجددًا بواسطة أجسام مضادة يفرزها بعد الإصابة الأولى. وهو ينتقل بين البشر عبر الإفرازات التي تصدر من فم وأنف الشخص المصاب، مباشرة عن طريق الكحة خلال مترين على الأكثر، أو التلامس مع تلك التي علقت بيده أو ملابسه مثلًا، أو عبر سقوط تلك الإفرازات فوق سطح أملس لمدة 12 ساعة، أو سطح خشن لثلاث ساعات. لذلك ينصح العلماء بوضع الكمامة، والتباعد بين الناس، وغسل الأيدي بالماء الدافئ والصابون لمدة 30 ثانية الذي يقضي على غشائه الخارجي. 
وعن عودة الإصابة بين المتعافين من المرض بنسب تصل إلى 30%، كما تشير بعض الدراسات الصينية يقول: في حقيقة الأمر الرقم أقل من ذلك بكثير، بدليل أن الأرقام المعلنة في الصين بعد إعلانها عن انتهاء الوباء لا تؤيد ذلك الزعم. كما أن الفيروس، كما ذكرت لك، من النوع الثابت الشكل، ولا يتحور مثل فيروس الإنفلونزا مثلًا.
 ويعتقد العلماء أن معاودة المرض عند المصاب تكون نتيجة لعدم القضاء النهائي على أعداد الفيروسات التي هاجمته أصلًا. فبعد التعافي، تعود وتتكاثر تلك الفيروسات المتبقية فتصيب المريض بالأعراض مجددًا. 
وعن تعارض ذلك مع إمكانية العلاج عبر نقل الأجسام المضادة من المتعافين إلى المصابين يوضح: يقود كلامنا السابق إلى أن نقل الأجسام المضادة يعد الآن من أهم طرق العلاج، وإن كان عالي التكلفة، ومحدود عمليًا لأنه يتطلب وجود أجهزة متخصصة واسعة الانتشار لفصل البلازما من الشخص المريض وتنقيتها، ثم إعادة حقنها إلى مريض آخر.
ولذلك فهذه الطريقة دائمًا ما تكون متروكة للحالات المستعصية التي فشلت في الاستجابة للعلاجات الأخرى. 
وعن الدولة المرشحة للوصول أولًا إلى عقار مقاومة كوفيد 19 يقول العالم الدكتور شريف ماهر مليكة: هي الدولة التي تؤمن بأن العلم كفاح وعمل وإنتاج ومنظومة متكاملة، لا يخضع لقانون الصدفة، أو سلب علوم الآخرين.
هي تلك الدولة التي بها منظومة علمية كبرى، تشتمل على معامل متخصصة في علاج الفيروسات يباشرها علماء متخصصون. وهي الدولة التي تشجع العلماء وابتكاراتهم. وهي الدولة التي تؤمن بتحويل الاكتشافات العلمية إلى واقع ملموس معبأ في علبة دواء، أو في زجاجة نحقن محتواها في جسم المريض.
 هي تلك الدولة المنفتحة أبحاثها للإفادة والاستفادة من علم الآخرين حول العالم. وهي الدولة التي بمقدورها أن تعلن عن فشل نظرية علمية اتبعتها من بعد اكتشاف نظرية جديدة أفضل للإنسانية جمعاء.
 وأخيرًا.. هي الدولة التي تكرس من ميزانيتها المال اللازم لتحقيق كل ذلك.