سعيد يتعهد باحترام استقلال القضاء دون التراجع عن المحاسبة

الرئيس التونسي يؤكد أنه سيسعى لأن لا يظلم أحد مشيرا الى أنه مصر على المضي في محاسبة كل من أجرم في حق الشعب ونهب مقدّراته وما زال يعمل على بث الفتنة وتأجيج الأوضاع الاجتماعية.
دعوة الرئيس لمحاسبة الفاسدين في القضاء تحظى بدعم شعبي
قيس سعيد يرفض الاتهامات الموجهة اليه بالهيمنة على القضاء لاقصاء خصومه

تونس - قالت الرئاسة التونسية الثلاثاء إن الرئيس قيس سعيّد "مؤمن بعمق باستقلالية القضاء والقضاة في البلاد" متعهدا باحترامها لكن دون التراجع عن المحاسبة وذلك خلال استقباله وزيرة العدل ليلى جفال في قصر قرطاج، وفق بيان للرئاسة التونسية فيما وصف انه رد على خطاب المعارضة التي تتهم سعيد بالهيمنة على القضاء وفرض ضغوط عليه خاصة فيما يتعلق بالملفات السياسية.
وأضافت الرئاسة أن "سعيد أكد إيمانه العميق باستقلالية القضاء والقضاة، وشدّد على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب ونهب مقدّراته وما زال يعمل على بث الفتنة وتأجيج الأوضاع الاجتماعية".
ونقلت عن سعيّد قوله "كما نريد ألا يُظلم أحد، لا نريد أيضا أن يبقى من ظلموا الشعب ونكّلوا به وما زالوا في غيّهم في افتعال الأزمة تلو الأزمة خارج المساءلة في إطار محاكمات عادلة يعامل فيها الجميع على قدم المساواة".

وخلال استقبال رئيس المجلس الاعلى المؤقت للقضاء المنصف الكشو اكد سعيد حرصه على استقلال القضاء وعلى الدور الموكول للقضاة في إرساء العدل الذي بدونه لن يستقيم أي شيء، فضلا على أن القضاء هو الحامي للحقوق والحريات.

وأكّد وفق بيان من مؤسسة الرئاسة على ضرورة الإحاطة بالقضاة الشبان حتى لا تحصل تجاوزات مقصودة أو غير مقصودة، فالظلم ظلمات والإجراءات الاحترازية لا بدّ لها من مبررات موضوعية كسعي ذي الشبهة إلى الفرار أو انه يمثل خطرا على الأمن العام.

وتعرّض إلى الاختصاص التأديبي للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء حتى لا يجلس على أرائك القضاة إلا من تتوفر فيه كل شروط النزاهة والحياد.

كما تم التطرق "إلى مسألة سدّ الشغورات وإعداد مشروع الحركة القضائية بناء على ما ورد في الدستور من أحكام إلى جانب النصوص الأخرى المتعلقة بأهم وظيفة داخل الدولة وهي القضاء، فالأحكام والقرارات تصدر باسم الشعب والقوانين يجب أن تكون بالفعل معبّرة عن إرادة الشعب ولا بدّ من مراجعة عدد منها حتى تكون تعبيرا عن إرادته، والأمر موكول للمشرّع حتى يسنّ القوانين التي تعبّر عن إرادة صاحب السيادة".

وسعى الرئيس التونسي إلى تطهير القضاء بعد الاتهامات التي طالت بعض القضاة بالفساد او ربط علاقات مع أحزاب سياسية لعدم محاسبتها بعض قياداتها المتورطين في ملفات مختلفة.
ومطلع يونيو/حزيران الماضي أصدر سعيد أمرا رئاسيا يقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم، على خلفية اتهامات وُجهت إليهم من بينها "تغيير مسار قضايا" و"تعطيل تحقيقات" في ملفات إرهاب وارتكاب "فساد مالي وأخلاقي" قبل ان تقرر المحكمة الإدارية وقف تنفيذ قرار الإعفاء.
ومن بين ابرز المعفيين الرئيس السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد او القاضي البشير العكرمي الذي اتهمه الرئيس بإخفاء الآلاف من الملفات المتعلقة بالإرهاب.
وفي فبراير/شباط 2022، أصدر سعيد مرسوما بإنشاء "المجلس الأعلى المؤقت للقضاء" محل المجلس الأعلى للقضاء (هيئة دستورية مستقلة)، الذي اتهمه بعدم الاستقلالية وإطالة فترة التقاضي في قضايا.
والسبت دعت "اللجنة الوطنية للدفاع عن استقلال القضاء في تونس" (مستقلة) خلال ندوة علمية في العاصمة تونس، إلى "احترام استقلالية القضاء فعلا وممارسة والابتعاد عن كل خطاب تحريضي يستهدف ذلك، والالتزام بالقواعد الدولية المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والقضاء المستقل".
لكن سعيّد جدد الخميس، تأكيده خلال لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، أنه "لا يتدخل إطلاقا في القضاء".
ويعتبر الرئيس التونسي القضاء وظيفة تعمل لصالح الشعب وليس سلطة وهو ما اثار انتقادات المعارضة وبعض المنتمين للمهنة.
ويأتي نفي سعيّد للتحكم في القضاء في ظل اتهامات من المعارضة بتنفيذ توقيفات "سياسية" ومنذ 11 فبراير/شباط الماضي، بحق معارضين بينهم قضاة ومحامين وقادة أحزاب وناشطين، بينما يتهمهم الرئيس بـ"التآمر على أمن الدولة" مشيرا بان المحاسبة مطلب شعبي لا يجب التراجع عنه.