'لبنى وعمي لخضر' فيلم تلفزيوني يعالج أهمية التضامن الأسري
الرباط - فيلم "لبنى وعمي لخضر" هو إنتاج تلفزيوني مغربي من إخراج إدريس المريني، بمشاركة بطولية رائعة من حسن فولان وهند بن جبارة، بالإضافة إلى محمد الأثير، نزهة فريدو وعبدالحق بلمجاهد، بالإضافة إلى مجموعة من الممثلين الآخرين.
يحكي الفيلم قصة مؤثرة وواقعية عن الشابة "لبنى" وهي طالبة في السنة الثانية بكلية الطب والصيدلة في الرباط، إذ تقع الأحداث في إطار الصراع اليومي للباحثين عن السكن في المدينة الكبيرة، حيث تجد "لبنى" نفسها مفترشة أريكة صديقتها بعدما تم طردها من الشقة التي كانت تستأجرها بسبب عدم دفع إيجارها لمدة ثلاثة أشهر.
تتميز الحبكة بقوة وعمق تطور الشخصيات، إذ تظهر "لبنى" كشخصية قوية وعازمة على تحقيق أحلامها بالرغم من التحديات التي تواجهها، كما يجب عليها البحث عن حل سريع للمشكلة المالية التي تعانيها بعد توقف والدتها عن إرسال المصروف الشهري نتيجة الأوضاع الصعبة التي تمر بها في إسبانيا.
يبرز تكوين اللقطات تنامي الأحداث التشويقية عندما تجد "لبنى" نفسها في مأزق صعب بسبب ظروفها الشخصية، حيث تقترح عليها والدتها اللجوء إلى "عمي لخضر" وهو صديق قديم لجدها من جانب الأم، إذ أن "عمي لخضر" يقيم في إحدى العمارات وسط الرباط وكانت "لبنى" مضطرة للتوجه إليه من أجل مساعدتها.
يحمل المشهد الذي يبرز العلاقة بين "عمي لخضر" وصديقه "سلام" إلى جانب جارتهم "حورية"، لمسة كوميدية خفيفة تضيف الكثير من المرح إلى الاجواء الدرامية، ومن الناحية الإنسانية يتعامل الفيلم بلطف مع معاناة شيخ متقاعد يشعر بالوحدة والإهمال من قبل أبنائه إذ إن ظهور "لبنى" في حياته يمنحه لحظات من السعادة والراحة من جراح فقدان زوجته والابتعاد عن أبنائه، تلك العلاقة الإنسانية تمنح قيمة فنية وفكرية وتضيف طعمًا خاصًا للأحداث.
يتصاعد الإيقاع الزمني للأحداث بشكل بطيء ومشوق عندما تصل "لبنى" إلى منزل "عمي لخضر"، حيث يستقبلها ببرودة وحذر شديد، وهذا يجعل المشاهد يشعر بصعوبة موقف "لبنى"ويتفاعل معه، ولكن تتغير الأمور تدريجيًا ويتسارع الإيقاع نوعًا ما، عندما يسمح لها "عمي لخضر" بالإقامة مؤقتًا في شقته بعد وفاة زوجته وزواج أبنائه، ولكن يفرض "عمي لخضر" على" لبنى" قوانين داخلية صارمة للعيش، وهنا تبدأ رحلة تأقلمها مع هذا الوضع الجديد.
وتمكن المخرج إدريس المريني من إبراز العديد من القضايا الاجتماعية مثل التحديات التي تواجه الشباب في البحث عن السكن والتأثير الاقتصادي على الأسر والعمل وقوة العلاقات الأسرية في مواجهة الصعوبات، إذ انه نجح في جذب انتباه المشاهدين بأسلوبه البسيط والمباشر في السرد، كما مرت أحداث الفيلم بإيقاع بين البطيء والمتوسط دون العبور الى السرعة المفرطة، كما أن اختيار الموسيقى التصويرية عزز من التعبير عن الأحاسيس والأجواء في بعض المشاهد بشكل متناغم.
تميز أداء الممثلين بالروعة والإقناع، وخاصة "لبنى" التي أدت دورها الممثلة هند بن جبارة برؤية واقعية وإحساس مما يجعل الجمهور يتعاطف مع محنتها ويشجعها على تحقيق أهدافها، وعلى النقيض نجد أن هناك دورًا معقدًا يعكس طبيعة الصراعات الأسرية والاجتماعية وهو دور "عمي لخضر" الذي جسده الممثل القدير حسن فولان، بالإضافة إلى باقي الممثلين والممثلات الذين أدوا أدوارهم بمهارة وقدموا أداءً رائعًا مما يبرز أهمية مشاركتهم الفنية.
تم تصوير اللقطات السينمائية من زوايا متنوعة تعبق بالجمالية والإحساس، كما لا يمكن تجاهل اللقطات البانورامية التي تظهر مدينة الرباط والحياة اليومية فيها بشكل جميل، وأضاف الديكور الرائع في شقة "عمي لخضر" وأسلوب لباسه الأميركي بعدًا للجمالية الفنية للدراما التلفزيونية، كما تم تصوير أسلوب عيشه المفعم بالحياة بشكل رائع أضاف نكهة خاصة إلى الفيلم.
ويعتبر هذا العمل التلفزيوني بشكل عام منجز فنيً يتميز بالدقة التقنية وتماسك السيناريو، يبني خلاله المخرج بمهارة علاقات بين شخصياته، مما يجعل الحوارات تبدو واقعية إلى حد ما، كما يقدم نظرة نقدية على بعض جوانب الحياة اليومية بين الدراسة والعائلة والمجتمع.