فيلم 'العراب' مزيج من الإثارة والحركة في عالم الأحزاب الهندية
نيودلهي - "العراب" هو فيلم هندي من تأليف وإخراج موهان راجا بالتعاون مع لاكشمي بوبال، ويضم طاقمًا نجوميًا بمشاركة تشيرانجيفي، سلمان خان، نايانتارا، ساتياديف كانشارانا بارث سيدبورا، وريحان كاتراول.
يحكي الفيلم قصة وفاة زعيم سياسي بارز عن بداية فصل جديد من الفوضى والصراع، حيث ينشأ تساؤل حول من سيتولى العرش ويسعى للسيطرة على مقاليد الحكم، وفي هذا السياق يظهر رجل غامض يحمل مخططًا محكمًا وسريًا، يهدف إلى تحقيق أهدافه الخاصة والوصول إلى العرش.
يبدأ المشهد الأول بوفاة رئيس الوزراء الكريم "بي كي آر"، مما يثير منافسة حامية في اختيار خلف له، إذ إن المتنافسين الرئيسيين هم في الوزارة الداخلية، منهم الطموح "نارايان فيرما" الذي جسد دوره الممثل مورالي شارما،إ ذ قدم أداء رائعا لكنه مبالغ فيه قليلاً "وجايديف" الذي يؤدي دوره ساتيديف كانشارانا هو زوج ابنة "بي كي آر"، ولكن هناك شخصية غامضة تدعى "براهما" قدمها الممثل شيرانجيفي، تحمل مفاتيح السلطة في الدولة وتتحكم بالأحداث بصورة مبهمة.
وتبرز متتالية المشاهد لعبة سياسية معقدة تستمر فيها المطاردات والمؤامرات السياسية، حيث يحمل تكوين اللقطات محاولات كل سياسي للانفراد بالسلطة والسيطرة على مستقبل البلاد ويتصاعد إيقاع التوتر والصراعات بين الشخصيات وتشق الأحداث طريقها في قصة مشوقة تجعلك تترقب الحدث التالي بفضول.
ينضم الفيلم إلى قافلة أفلام الحركة الشعبية الحديثة مثل "ساركار راج" في أجزائه الثلاثة التي قام ببطولتها النجم الهندي أميتاب باتشان، إذ أن فيلم العراب ينجح على مستوى الاسلوب في محاولته للمزج بين الإثارة والحركة بشكل جيد، كما تشابه مع الغموض والروعة التي شاهدناها في فيلم ساركار راج، وعلى الرغم من تراجع عمق بعض المشاهد والجوانب التقنية مقارنة بأفلام سياسة الأحزاب الهندية، إلا أنه يوازن بين هذين العنصرين بشكل مقبول مما يجعله تجربة مريحة لعشاق أفلام السياسة.
وتظهر بعض العيوب في السيناريو، إذ إنه يفتقر في بعض الأماكن إلى التركيز والتنظيم في محاولته لتقديم حبكة معقدة ومثيرة، كما يميل الفيلم أحيانًا إلى الكوميديا بشكل غير متوقع ولكن يبقى نوع من الحركة التي تتنكر بشكل غامض في ثياب الإثارة السياسية، وهذا يمنح الفيلم جاذبية خاصة به وقد يحمل عبئاً كبير من الدراما العائلية ولكن يعاني نقص في الدقة وتكرار على مستوى بعض العناصر السينمائية، نأخد على سبيل المثال في المشهد الذي يظهر فيه البطل على الشاشة يقوم الفيلم بتوظيف تأثيرات بصرية مبالغ فيها مثل تباطؤ الحركة وتطاير الأوراق وهذا يعطيه جوًا من الحركة المفرطة.
ينجح الفيلم في استعراض الزمن التسعيني بشكل واضح، وهذه نقطة قوته وخاصة عندما تألق شيرانجيفي كنجم هندي عظيم في فترة الثمانينيات والتسعينيات من خلال أدائه الاستثنائي في العديد من الأفلام المماثلة، كما يعيد الساعة إلى الوراء بتقنيى الفلاش باك ببراعة، ورغم أن الفيلم يعاني انتقادات بسبب تكرار طريقة إدخال الحركات البطيئة لشيرانجيفي في كل مشهد يظهر فيه، ولكن لا شك في أن النجم الكبير يجسد دوره ببراعة حيث يضيف جاذبيته وحضوره الكبير لمشاهد قد تفتقر إلى الإثارة وينقذها من الملل، كما تظهر قوته وتأثيره على نحو خاص في المشاهد البسيطة والهادئة.
يتألق أداء مورالي شارما وساتيديف كانشارانا في دورين رائعين كسياسيين طموحين حيث يقوم ساتيديف، الذي يؤدي دور "جاي" الشرير بأداء مميز ويكون مثيرًا للمشاهدة بدوره، كما يبرز "مورالي " بمهارته الاستثنائية وتميزه في الأداء.
تكمن أكبر النقاط الضعف في طريقة تقديم نايانثارا وهي ممثلة ذات مهارات ونجومية رائعة، على الرغم من حضورها اللافت، إلا أن الفيلم يميل إلى إعطاء الأولوية لشخصيات الرجال في الأكشن، ولكن تمكنت نايانثارا من ترك بصمتها على الشاشة في زمن محدود لها مما يجعل هذا الاختيار محيرا نوعا ما.
وفيما يتعلق بمشهد ظهور الممثل سلمان خان، فقد قدم أداء حماسيا في دور ضيف شرف عابر، ويمكن وصفه بأنه أحد أكثر أدواره تميزًا من حيث الحماس والمغامرة، وقد يكون الأداء متكلفًا نوعًا ما وفيه مبالغة على مستوى بعض لقطات الأكشن، ولكن يبقى ظهوره مثيرًا، حيث أبرز جانب وحشيا وبلا رحمة في شخصية لم نراها من سلمان خان من قبل كما تبقى المشاهد التي جمعت بين شيرانجيفي وسلمان على الشاشة منسجمة بتفوقها وروعتها.
يُقدم فيلم "العراب" مزيجًا مسليًا من الشغف ولحظات إرضاء عشاق الأفلام السياسية الهندية، ويعزز هذه الإثارة بمشاهد قتال ملحمية وأحداث عائلية معقدة، ويظل الفيلم ممتعًا منذ بدايته بتفاصيله السينمائية البسيطة، وذلك يعود جزئيًا إلى جاذبية الممثل القدير شيرانجيفي وأدائه الرائع على الشاشة، إنه حقًا أتقن دور القائد مع أسلوب ترفيه شعبي يلهم الجمهور ويجعله يشعر بالإثارة والسرور.