الجزائر تختبر أوّل إجراء عقابي بحقّ فرنسا

الحكومة الجزائرية تستبعد الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد قمح، بينما تشهد فرنسا تراجعا كبيرا في محصول الحبوب وسط توقعات بانخفاض حاد في الصادرات.

الجزائر - استثنت الجزائر الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد القمح كما اشترطت على المزوّدين الراغبين في المشاركة في الصفقة استبعاد المنتوج الفرنسي، في أحدث حلقة من حلقات التصعيد الجزائري إزاء باريس بسبب اعترافها الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه وتأييدها للمقترح المغربي لإنهاء النزاع المفتعل مع اعتزامها دعمه بقوة في مجلس الأمن، بينما لا يوحي الإجراء الاقتصادي الجزائري بتحقيق أهدافه خاصة وأن فرنسا تشهد تراجعا حاد في محصول الحبوب هذا العام.

وقال الديوان الجزائري المهني للحبوب، المشتري الحكومي للحبوب في البلاد، في بيان الخميس إن "المناقصة كانت محكومة بمعايير فنية مرتبطة باحتياجات صناعية"، مضيفا أنه يعامل جميع الموردين بصورة عادلة بغض النظر عن منشأ قمحهم.

وتعد الجزائر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وكانت فرنسا لسنوات طويلة أكبر مورد لها بفارق كبير قبل أن تتفوق روسيا عليها في العامين الماضيين مع تدفق إمدادات منطقة البحر الأسود إلى سوق الاستيراد الضخمة في الجزائر.

وأوضحت مصادر أن الديوان المهني للحبوب لم يقدم أسبابا للخطوة، مضيفة أن القرار يُعتقد أنه مرتبط بتوتر العلاقات الدبلوماسية لأسباب من بينها الصحراء المغربية.

وكان متوقعا أن تلجأ الجزائر إلى هذه الخطوة بعد أن صرح مسؤولون جزائريون في وقت سابق بأن البلاد لديها أوراق ضغط للردّ على الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وتتصدرها المسألة الاقتصادية.

ولا يوحي القرار الجزائري الجديد بإلحاق أي أضرار باقتصاد فرنسا، لا سيما وأن القمح الفرنسي لم يكن مرشحا للفوز في أي مناقصات هذا الأسبوع بسبب ضعف المحصول وارتفاع الأسعار على نحو كبير مقارنة بروسيا.

وأدى هطول أمطار غزيرة بصورة متكررة هذا العام إلى تراجع محصول القمح في فرنسا إلى أدنى مستوى منذ ثمانينيات القرن الماضي، وسط توقعات بانخفاض حاد في صادراتها.

ويرى مراقبون أن الدبلوماسية الجزائرية تبدو أكثر ارتباكا خلال تعاطيها مع العلاقات مع فرنسا، من خلال تقلبها بين التهدئة بهدف إنهاء التوتر بين البلدين والتصعيد مدفوعة برغبتها في تصفية حساباتها مع باريس.

وركزت وسائل إعلام جزائرية مؤخرا على رواية مفادها أن باريس تمدّ يدها إلى الجزائر لفتح صفحة جديدة في العلاقات، متحدثة عن اقتراب تحديد موعد زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى فرنسا التي تأجلت العديد من المرات العام الماضي.

وتدرك الجزائر أنه لا يمكن أن تذهب بعيدا في قرارتها الاقتصادية ضد باريس باعتبار حاجتها الملحة إلى استيراد السلع الفرنسية، بالإضافة إلى عدم قدرة العديد من الشركات والمصانع الجزائرية على الاستغناء عن البضائع القادمة من فرنسا.

ولم تؤد الضغوط التي مارستها الجزائر على إسبانيا بعد دعمها لمغربية الصحراء إلى أي نتيجة، بينما دشنت الرباط ومدريد شراكة إستراتيجية مرفوقة بتنسيق في العديد من القضايا.

ويثير التقارب الفرنسي المغربي غضب الجزائر التي تداري مخاوفها من فقدان مصالحها الاقتصادية بالتصعيد تجاه باريس واتخاذ قرارات لا تتعدى آثارها حدود الضجيج الإعلامي.

ووصف الخبير الاقتصادي عمر الكتاني في تصريح لموقع "الصحيفة" المغربي تلويح الجزائر بمعاقبة فرنسا على دعمها لسيادة المغرب على صحرائه بـ"مجرد تهديدات"، موضحا أنه "من مصلحة الجزائر استمرار صادرتها من الغاز إلى فرنسا لأنه مادة أساسية في اقتصاد البلاد".

وكشف المصدر نفسه أن الجزائر تفتقر إلى شراكات متنوعة تتيح لها قطع علاقاتها الاقتصادية مع فرنسا، ما يجعلها غير قادرة على اتخاذ إجراءات عقابية كبرى ضد باريس.