إنها ثقة كاللعب بالنار

لن يعود الغرب إلى صيغة الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران. كل شيء تغير الآن.

منذ أن شرع النظام الايراني في العمل ببرنامجه النووي خلال عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، فقد أثبت عدم جدارته بالثقة وحتى إن مجاهدي خلق عندما كشفت في عام 2002، الجانب السري لهذا النظام، فإنه لا ولم يكن المرة الاولى والاخيرة بهذا الصدد ذلك أن لهذا النظام سجل حافل بهذا الخصوص، سجل تجد فيه كل أنواع الكذب والخداع والتحايل واللف والدوران والقفز على الحقائق وتحريفها أو تشويهها. ومع الحديث عن العودة المرتقبة للإتفاق النووي، فإن هذه العودة لو حدثت فإنها لن تكون أبدا للإتفاق بتلك الصيغة التي تم التوقيع عليها في أواسط عام 2015، بل ستكون بصيغة جديدة تسد معظم الابواب والنوافذ والثغرات التي كان النظام يستغلها من أجل مواصلة مساعيه السرية المشبوهة من أجل إنتاج القنبلة الذرية.

القول بأن العودة للإتفاق النووي لن تكون أبدا بالصيغة السابقة التي ثبت عقمها، يأتي لأن مواصلة النشاطات السرية للنظام من أجل تطويره ووصوله الى مراحل باتت قريبة من صناعة القنبلة النووية، والذي يدفع المجتمع الدولي للمزيد من التشكيك بالنوايا المشبوهة لهذا النظام، هو إنه حاليا وفي خضم التوترات السائدة بين طهران وتل أبيب والضربات النوعية التي تعرضت لها حركة حماس وحزب الله اللبناني المرتبطان إرتباطا وثيقا بالنظام الايراني، وإرتفاع الاصوات من داخل النظام بتغيير العقيدة النووية للنظام (والمشكوك فيها أصلا) وذلك للتمهيد لصناعة القنبلة النووية، فإن ذلك يدفع ليس للمزيد من الشكوك بنوايا النظام بل وحتى تولد قناعات بضرورة عدم الثقة به من هذه الناحية إطلاقا.

إدارة الرئيس الاميركي الاسبق باراك أوباما عندما أبرمت الاتفاق النووي مع النظام وفي عجالة منها بسبب قرب إنتهاء ولاية الرئيس، فإنها كانت تأمل بأن هذا النظام سيكون في مستوى المسؤولية وسوف يلتزم ببنود هذا الاتفاق المرن والمائل لصالح النظام، لكن ما قد بدر من النظام من تصرفات وأفعال مخالفة للإتفاق والتي أكدت على إن هذا النظام يصر على مواصلة مساعيه المشبوهة سوف تضع إدارة الرئيس بايدن أمام الامر الواقع والذي يتجسد في أن العودة للاتفاق النووي السابق تعني العودة للعبث والجدل البيزنطي بالنسبة للمجتمع الدولي إذ أنه ليس هناك من أية نتيجة مفيدة فيما يحقق النظام الايراني أهدافه ومراميه رويدا رويدا ويسير بإتجاه تحقيق هدفه بإنتاج القنبلة الذرية، ولذلك فإنه لامناص من إجراء تغييرات على بنود الاتفاق النووي بما يمكن أن يحسم المحاولات والمساعي المشبوهة للنظام بهذا الخصوص، ولذلك يبدو واضحا من إنه ليس هناك أي أمل للعودة للعبث والجدل البيزنطي من خلال العودة للإتفاق النووي بصيغته الاولية.

الاحداث والتطورات التي تعاقبت منذ التوقيع على الاتفاق النووي في عام 2015، ولاسيما بعد التطورات الاخيرة التي تداعت عن سيناريو 7 أكتوبر 2023، فقد أكدت معظمها وفي خطها العام بأن الاطمئنان للنظام الايراني والثقة به في أي إتفاق مهم وحساس مبرم معه من دون التحسب والتحوط من مساعيه المشبوهة، إنما هو مجرد هراء وجري وراء السراب بل وحتى كاللعب بالنار، ولذلك فإننا نرى بأن المجتمع الدولي ملزم بأن لا يكرر خطأ عام 2015 ويبرم إتفاقا غير متكاملا ودون الطموح، خصوصا بعد أن بات واضحا للعالم بأن هذا النظام لا يكف أبدا عن مساعيه المشبوهة من أجل الحصول على الاسلحة النووية مالم يكن هناك من رادع قوي وحاسم له، وهذه هي الحقيقة التي يجب تذكرها وأخذها بنظر الاعتبار دائما.