الفتنة آخر أسلحة إيران

تعجز "ولاية الفقيه" المنهارة في مشهد شرق اوسط جديد عن مده بالذخيرة اللازمة في ضمان استمرار استخدامه في بيئة لا تسمح ببقائه.

بات يقينا إندثار أذرع إيران الواحدة تلو الأخرى تحت ركامات الدمار، ولن يعد لها في القريب قواعد وجود سياسي أو عسكري، كانت تحتمي بغطاء قوى دولية كان لها مآربها في منطقة الشرق الأوسط بما يخدم المخطط الإسرائيلي ذاته عبر بعثرة ثوابت الأمن القومي العربي بأدوات إسلاموية أجادت التغلغل في دول عربية ونجحت في انتزاع قرارها السيادي.

تسقط الأوراق من بين يدي "ولاية الفقيه" أخطرها ورقة فاعلية الجبهات الخارجية التي تحمي جبهته الداخلية من أي اختراق محتمل يودي بأركان نظامه الباحث عن سبل بقاء جديدة.

سقطت ورقته الدبلوماسية التفاوضية التي كان يشهرها بقوة أذرعه المسلحة المتمركزة في العراق وبيروت ودمشق وصنعاء وما يمكن أن تفعله بإرباك الأمن الإقليمي عبر إثارة الفوضى التكتيكية التي تستثمرها القوى الدولية دون التأثير على مسارها الإستراتيجي.

رحل الرئيس باراك أوباما الذي أعطى إيران الحق في أن يكون لها مناطق نفوذ في الشرق الأوسط عن مركز القرار السياسي، وأسقط الرئيس دونالد ترامب ورقته دون القدرة على إعادة تحرير مضامينها في عهد الرئيس جو بايدن.

تخلت إدارة البيت الأبيض المحكومة بالحزب الديمقراطي الراعي الرسمي للإسلام السياسي عن خطة إعادة تأهيل الدور الإيراني في الشرق الأوسط بحجة احتواء خطره، وصارت ملزمة رغما عنها بمحاصرته ودعم من يسعى لتدمير قواعد نفوذه كليا.

ورقة السلاح النووي التي كادت تغير المعادلة في الشرق الأوسط وترفع ثقل "الولي الفقيه" سقطت في سائل اليورانيوم الذي لن يصل إلى الزمن المطلوب في إيجاد وعاء يحمله.

هكذا لعبة "الولي الفقيه" تشارف على الانتهاء بعد فقدان قدرة التحكم بها، ولم تجد من يدعمها دوليا او إقليميا طالما استنفذت شروط بقائها في شرق أوسط يؤسس لمشهد جديد.

ميليشيا الحوثي فشلت في قوة تغنت بها في تعطيل الملاحة بالبحر الأحمر امام ضربات أميركية بريطانية استهدفت ركائزها الاستراتيجية بهجمات صاروخية دقيقة وعطلت قدرتها في إطلاق الصواريخ نحو أهداف اسرائيلية.

دمرت غزة ولم تعد أرضا قابلة للحياة، والقرار الوطني الفلسطيني الذي انتزع من حركة حماس لم يعد بيد "الولي الفقيه" كما خطط له من قبل.

ميليشيات الولاء لإيران في العراق، انزوت معظمها بعيدا، وانفرد بعضها متخفيا في إطلاق ما يمكن إطلاقه من مسيرات إيرانية لا تصل إلى أهدافها.

أما أذرع "الولي الفقيه" في سوريا فهي تتهاوى في سوريا بعد قطع تواصلها مع لبنان الذي يحتضن أقوى ذراع إيراني عسكري ويهيمن على سلطاته الحكومية والبرلمانية والقضائية، ويخوض حربا غير متكافئة افقدته مستلزمات البقاء حتى وقف على أبواب الرحيل.

إيران خسرت كياناتها التي بنتها على مدى أربعة عقود، وانطوت خططها التوسعية، ولم يبق أمامها سوى الحفاظ على نظامها المحاصر سياسيا واقتصاديا والمد في عمر وجوده من خلال إثارة حروب إرهاب الفتنة كسلاح وحيد متبقي لديها في لبنان والعراق وسوريا واليمن، أعدت العدة والعتاد لاستخدامه في اليوم التالي بعد انهاء الحرب التي ستغير وجه الأرض ومن يقف فوقها، لكنه سلاح لن يقوى على فرض وجوده طويلا عندما تعجز "ولاية الفقيه" المنهارة في مشهد شرق اوسط جديد عن مده بالذخيرة اللازمة في ضمان استمرار استخدامه في بيئة لا تسمح ببقائه مجددا.