التشكيلية كميليا الزرقاني تغوص في أعماق التراث المغربي
الرباط - تولي الفنانة التشكيلية كميليا الزرقاني أهمية بالغة للتراث المغربي الأصيل، فبعد معرضها الأخير بمراكش، تعود من جديد بتشكيلة لوحات ترسخ البعد العميق لغني موروثنا الثقافي المادي واللامادي والتي ستزين فضاء فندق سوفيتيل مراكش تزامنا مع احتفال هذه المعلمة السياحية ومن خلالها مجموعة سوفيتيل العالمية بعيدها الستين، إذ تتقاسم أعمال الفنانة التشكيلية كميليا الزرقاني وفندق سوفيتيل مراكش قيم عديدة من أهمها الأصالة والمحافظة على الثقافة والتراث المغربيين، وسيتم افتتاح المعرض يوم 5 كانون الاول/ دجنبر 2024 على الساعة 18:00.
وتضم مجموعة لوحات المعرض أعمالا متميزة تحتفي بغنى موروثنا وتاريخنا العريق في توليفة متكاملة ومتناغمة تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن للوقوف على قيمة وعظمة المملكة المغربية الشريفة، حيث ارتقت الفنانة التشكيلية بكل تفصيلة من تفاصيل تقاليدنا وعاداتنا وأولتها عناية دقيقة جعلتها تشد الأنظار، وقد سبق للفنانة التشكیلیة كمیلیا الزرقاني أن نظمت معارض تشكیلیة فردیة وجماعیة تحمل بصمتھا بمختلف المدارس التشكیلیة في كل من فندق المامونية، ومسرح محمد الخامس والمعھد الثقافي الروسي والمكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني ورواق Living 4Art، الدارالبیضاء ومقر جھة الدار البیضاء سطات بالحبوس وغیرھا.
تغوص الفنانة التشكيلية الزرقاني في أعماق التراث المغربي لتستلهم منه لوحاتها التي تنطق بعبق الماضي وأصالة الهوية، إذ ترى الزرقاني أن التراث المغربي ليس مجرد إرث ثقافي، بل هو نسيج حي يمتزج بروحها ويشكل جزءًا لا يتجزأ من تكوينها الفني والفكري، فهي ولدت في مدينة وزان حيث ترعرعت بين تفاصيل حياة غنية بالتقاليد، من ألوان الأزياء إلى زخارف المباني التاريخية، ومن صيحات الحلي إلى صدى الحكايات الشعبية، وكل هذه العناصر تنعكس في لوحاتها كإرث بصري ينبض بالجمال العريق، فتُحوِّل هذه التفاصيل اليومية إلى مشاهد إبداعية تحكي قصة الوطن بعيون معاصرة، وتصل التراث المغربي إلى قلوب الشباب بأسلوب يعيد إحياء قيمه وجمالياته.
تستند الزرقاني في أسلوبها الفني إلى مفهوم البساطة جمال وهي فلسفة تنبثق من عمق التراث المغربي، وتتأمل تفاصيل الأبواب المزخرفة في المدن القديمة، حيث تتخذ الأقواس شكلاً بسيطًا ولكنها تحمل تعقيدًا هندسيًا غاية في الروعة بفضل أيادي الصُنّاع التقليديين. في لوحاتها، تتحول الأفكار البسيطة المستوحاة من التراث إلى أعمال فنية ذات طبقات متداخلة من المعاني، تُبرز فيها توازنًا بين المألوف والابتكار، كما تضيف الزرقاني بصمتها الشخصية من خلال دمج رموز خاصة بها، مثل الحروف الأولى من اسمها وعين حورس المستلهمة من الحضارة المصرية القديمة، ما يُكسب أعمالها روحًا فريدة تمزج بين المحلي والعالمي، وبين الواقعي والرمزي، لتصبح كل لوحة نافذة تطل على عالم مليء بالتفاصيل الساحرة.
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها كفنانة تشكيلية، سواء في التوفيق بين مسؤولياتها الفنية والأسرية أو في تحديات تطوير هذا النوع من الفنون، تُظهر الزرقاني إيمانًا عميقًا بدور الفن في بناء الهوية الثقافية المغربية، وترى في الفن التشكيلي المغربي حراكًا مستمرًا، يشهد تطورًا ونضجًا يعززه دعم المؤسسات وتنظيم المعارض المتنوعة، ومن خلال دعوة الشباب للبحث الأكاديمي والتكوين المستمر، تؤكد الزرقاني أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هو جسر يصل الماضي بالحاضر ويُمهّد الطريق نحو مستقبل مشرق يحمل الروح المغربية في كل تفاصيله، فبهذا الإصرار والإبداع تتحول أعمالها إلى أرشيف بصري يروي حكايات الوطن بأسلوب يدمج الأصالة بالحداثة.
وفي قلب مدينة مراكش الساحرة التي تألقت كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2024، افتتحت الفنانة التشكيلية فكاميليا الزرقاني في الشهور الماضية معرضها الفني بفندق المأمونية، حيث حمل المعرض في طياته رحلة بصرية غنية بالتفاصيل، مزجت الفنانة بين أصالة التراث المغربي ورؤيتها الإبداعية المتمثلة في أسلوبها الفريد الذي أسمته، حيث استلهمت أعمالها من تاريخ المدن العتيقة، ومن رموز الزخرفة المغربية التي جمعت ببراعة بين الأناقة والبساطة الظاهرة والتعقيد العميق في التفاصيل، فكل لوحة كانت بمثابة حكاية، تنقل جماليات التقاليد المغربية وتؤكد على قدرة الفن في إعادة تشكيل الهوية التراثية بروح حديثة.
وتحتل المرأة مكانة محورية في أعمال الزرقاني، حيث تجسدها بملامح متعددة تعكس التنوع الثقافي والجغرافي للمغربـ إذ تظهر المرأة الأمازيغية والشمالية والصحراوية في لوحاتها، لا كأشكال جمالية فحسب بل كمرايا تعكس قوة الذات النسائية وإرادتهاـ، كما تحدثت الزرقاني عن العلاقة الحميمية التي تربطها بلوحاتها، مؤكدة أن المرأة التي تعيش بداخلها تخرج بشكل عفوي لتتجسد على القماش، ولعل ما يميز أعمالها هو تجاوزها للصورة النمطية للمرأة كجسد فقط، لتصبح المرأة في فنها رمزاً للإبداع والشراكة في بناء المجتمع، حاملة رسالة أنثوية قوية تتحدى القيود وتعيد تعريف الأدوار التقليدية.
وتأمل الزرقاني أن يتحول فنها إلى جسر يصل المتلقي المغربي بتراثه العريق، ففي هذا المعرض لاحظت الفنانة تفاعل الجمهور العميق مع لوحاتها، حيث أثارت تساؤلاتهم حول التفاصيل والزخارف ومدى تأثرها بالتقاليد، ورأت في هذا التفاعل لحظة تعبير عن الحنين إلى الماضي، حيث يأخذ الفن الحاضرين في رحلة إلى الجذور، ليستعيدوا شعور الفخر بهويتهم الثقافية، ومن خلال استخدام الألوان الدافئة والرموز المستوحاة من التراث، كانت كل لوحة مساحة للتأمل والتصالح مع الماضي، في إطار معاصر يُبرز جماليات العراقة.
ولم تغفل الزرقاني عن الإشادة بتطور المشهد التشكيلي النسائي المغربي، الذي شهد في السنوات الأخيرة ظهور أسماء بارزة أثرت في الحقل الفني بعمق، حيث استحضرت أسماء مثل طلال العصامية وفاطمة حسن كأيقونات نسائية قدمن إسهامات لا تُنسى، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الفنانة المغربية لا تزال تواجه تحديات اجتماعية ومهنية، ورغم ذلك تسعى بقوة لإثبات ذاتها، فالفن بالنسبة لها رسالة ثقافية متجذرة في الروح المغربية، وسلاح للدفاع عن الهوية ومكانة المرأة في مجتمع دائم التحول.