اغتصاب القصرّ في المغرب تحت أضواء 'مريم'
الرباط - يروي الفيلم المغربي القصير "مريم" قصة فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا تنتمي إلى عائلة محافظة، تركز على دراستها وتعيش حياة هادئة تحت سلطة والد صارم، وتتعرض حياتها لنكسة مروعة عندما تواجه اعتداء يقلب موازين حياتها وحياة عائلتها، يضعهم أمام تحديات مجتمعية وأسرية قاسية.
وحصد الفيلم القصير "مريم" للمخرج المغربي عمر الضنايا، الجائزة الكبرى لأفضل فيلم قصير عربي في مهرجان الإمارات السينمائي بدبي، و يواصل تألقه بعد مشاركته في 19 مهرجانًا وفوزه بـ9 جوائز، من بينها ثلاث جوائز حديثة في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، ودولة موريشيوس، وفي هذا السياق كان لموقع "ميدل ايست اونلاين حوار مع المخرج المغربي الشاب حول هذا الانجاز، وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الفكرة التي دفعتك لاختيار موضوع الاغتصاب في فيلمك "مريم"، وكيف قمت بمعالجته سينمائيا؟
بصراحة الفكرة طرحتها عليَّ إحدى جمعيات المساواة وحماية القاصرات، وعندما قرأت السيناريو أعجبتني الفكرة والقصة فقمت بمعالجتها وعملت عليها.
الفيلم يتناول قضايا اجتماعية تتعلق بالتقاليد المغربية. كيف تجاوزت تقديم هذا الموضوع دون الوقوع في المباشرة أو المبالغة؟
كان السيناريو مكتوبا بطريقة تجعل الصورة السينمائية هما من يرويان القصة ثم قمت بتعديل بعض الأحداث والمشاهد لجعل الفيلم أكثر تركيزا، والحرص على تجنب أي مشهد يخلو من المحتوى الدرامي أو الحدث المؤثر.
من خلال متابعتك للفيلم في أكثر من 20 مهرجانًا وحصوله على 10 جوائز، ما هي أبرز التعليقات التي تلقيتها من الجمهور والنقاد؟
هناك بعض الانتقادات لكنها بسيطة جدا وغالبا ما تتعلق بضعف أداء أحد الممثلين، ومع ذلك فإن الآراء بشكل عام تكون إيجابية.
كيف تمكنت من خلق التوازن بين الجانب الدرامي والجانب الواقعي في عرض قصة "مريم" ومعاناتها؟
اعتمدت على الواقع المعيشي للمجتمع المغربي، سواء من الناحية المادية أو المعنوية وطريقة حياتهم اليومية، ثم أضفت إلى ذلك عنصر الدراما من خلال ديكورات تعكس البيئة التي يعيشون فيها ومعاناتهم.
كيف تم اختيار الممثلين وإعدادهم أثناء تصوير المشاهد؟
روميساء ممثلة صاعدة وموهبة رائعة، كنت أعرفها عبر الإنستغرام وعندما بدأت أستعد وأبحث عن ممثلين للفيلم، وجدت أنها أكثر وجه فني يناسب شخصية "مريم"، فاقترحت عليها الدور والفكرة ورحبت بها على الفور، أما بالنسبة لتعاملي معها أثناء التصوير، فلم أجد أي صعوبة معها، كانت تفهمني بسرعة وتتقن المشاهد دون الحاجة إلى إعادة أو شرح أو توجيه كثير، وشعرت وكأنني أتعامل مع ممثلة محترفة للغاية.
ما هي العراقيل التي واجهتها في تصوير الفيلم، خاصة وأنك توليت العديد من الأدوار التقنية مثل التصوير والمونتاج؟
أكبر التحديات التي واجهتها كانت في الجانب المادي، حيث لم أجد أي جهة تدعمني سواء ماديا أو معنويا، لكن كنت ملزما بتصوير هذا العمل بتمويل ذاتي بالكامل، وتحملت العديد من المهام بمفردي، بدءا من التمثيل والإخراج والتصوير، مرورا بتوجيه الممثلين، وصولا إلى مونتاج الفيلم وترويجه للمهرجانات.
ومن حسن حظي أنني كنت أملك أدوات التصوير، الإضاءة، وحاسوب المونتاج، وهذا ساعدني على تنفيذ العمل بتكلفة تقترب من الصفرن كما كان لدي طاقم فني وتقني وثق بالمشروع وكان على استعداد للتعاون معي دون تردد.
ما أهمية اتقان نهاية الفيلم ودورها في تحفيز النقاش حول القضايا المطروحة؟
أولاً، أنا من محبي الأفلام ذات النهايات البائسة والصادمة، لأنها بالنسبة لي تحمل رسائل أكثر صرامة وواقعية مقارنة بالنهايات السعيدة، واخترت أن أجعل نهاية الفيلم صادمة كصفعة توجه إلى من يهمهم الأمر، وكأنني أقول لهم: "هذا ما سيحدث إذا لم تعالجوا المشكلة"، ولم أرغب في تقديم نهاية سعيدة وهمية كما هو الحال في أغلب الأفلام، فضلت أن تكون النهاية انعكاسا حقيقيا للواقع.
ما هو دور الذي تعتقد أن السينما يمكن أن تلعبه في التغيير الاجتماعي، خصوصا في مجتمع تقليدي؟
الجميع يدرك أن السينما تلعب دورا أساسيا في تغيير المجتمعات ومعالجة العديد من المواضيع المعقدة والمسكوت عنها، خصوصًا تلك المتعلقة بتقاليد المجتمعات التي يصعب تغييرها، ويمكن للسينما أن تكون وسيلة فعّالة لطرح هذه القضايا الانسانية ولو بشكل تدريجي، على الأقل من خلال إثارة النقاش وتوعية الجمهور.
كيف ساهمت تجربتك كمخرج وكاتب سيناريو في تقديم رؤية موجزة لفيلم قصير؟
الفكرة والسيناريو من تأليف الكاتب الشاب لطيف المتوكل، أما تجربتي ككاتب ومخرج فقد ساعدتني في معالجة السيناريو وتعديله، وجعله أكثر سلاسة، حيث قمت بتغيير وتعديل بعض المشاهد وإعطائها رؤية إخراجية تتناسب مع إمكانياتي المادية والتقنية.
أما فيما يتعلق بتنسيق الأدوار، فقد واجهت بعض الصعوبات البسيطة لكنني تعاملت معها بفضل تجربتي المتواضعة، وأتمنى أن أكون قد نجحت في تحقيق التوازن المطلوب وإيصال العمل بالشكل الذي يليق به.