الأساطير العراقية في 'إيحاءات زخرفية' لأياد الساعدي

المعرض الفني المقام في مدينة الناصرية 'يُحاكي العوالم الثلاثة: عالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات برؤية إبداعية عراقية وإسلامية'.

أقام الفنان العراقي المغترب الدكتور أياد الساعدي معرضه الأول في العراق والرابع عشر في مسيرته الفنية تحت عنوان "إيحاءات زخرفية" في قاعة منتدى الثقافة والفنون في مدينة الناصرية (محافظة ذي قار – 360 كم جنوب بغداد) للمدة من 1 فبراير/شباط الى الثالث من الشهر.

والمعرض يمكن تصنيفه من حيث أسلوبه الفني ضمن الفنون الإسلامية التي تعتمد بشكل أساس على الخط والزخرفة بوصفهما عنصرين رئيسين في بناء اللوحة التشكيلية حيث تنوعت لوحات المعرض التي بلغت ستين لوحة في أحجامها وموضوعاتها وتكنيكها العام من التخطيطات الأولية (السكيج)، الى اللوحات التشكيلية متعددة القياسات، الى اللوحات الجدارية كبيرة الحجم في محاولة من الفنان الساعدي لتحقيق التنوع الفني والأسلوبي في معرضه الذي يأتي وسط غياب كبير للمعارض الفنية في المدينة. وحملت عناوين اللوحات دلالات واضحة لها علاقة بالموروث العراقي وأساطيره المتعددة مثل: صراع الخير والشر، باب فاطمة بابي، يا نار كوني برداً وسلاماً، المرأة، قراءات متعددة، وما بكم من نعمة فمن الله، وغيرها. مُستخدما مادة الإكريلك في معظمها، فضلاً عن الحبر الأسود في بعضها الآخر.

ويقول الفنان إياد الساعدي في معرض تقديمه لمشروعه الإبداعي أنه في معرضه "يُحاكي العوالم الثلاثة: عالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات برؤية إبداعية عراقية وإسلامية حيث تمتزج هذه العوالم في عالم الجمال والإبداع، عالم غزير البلاغة، أسطوري المنظور، عالم فني جديد حيث تتحول العناصر الزخرفية الى صور ورموز تنصهر جميعها في جهاز مولّد للفن اللامحدود واللامنتهي الذي يخرق كل إطار للشكل والمعنى والتأويل إلى متعة التجربة الجمالية الأصيلة بترجمة معاصرة تُعيد إنتاج الأفكار، إذ تتحرك الدوال بإتجاه مدلولات خصبة جديدة تُعيد إنتاج الأساطير العراقية والموروث التراثي من خلال أعمال فنية إيحائية تجسد فكرة النص المفتوح لتجد كل إنسان في الكون وصورته ومعنى وجوده فهو فني وتعبيري وإستعاري"، ويُضيف الساعدي: "المعرض يُركز على أسس بنائية خاصة للمفردات التي تُساهم في إنجاز تلك الأعمال التي تُعطي الإنتقالات والتحولات الجوهرية للإنسانية عبر العصور ورموزها".

ويقول الناقد الأكاديمي محمد المياحي: "أن هناك زخرفة ونعني بها تكرار الأشكال وهناك فناً تشكيلياً، لذا نجد أن الساعدي قد زاوج بين البُنى الشكلية في اللوحات التشكيلية والزخرفة، ويمكن عدّ ذلك مشروعاً لمدرسة جديدة لأنه حاول إدخال الجانب التأويلي في قراءة اللوحة في حين أن الزخرفة تعتمد على تعدد وتكرار في الأشكال، لذلك فهو حاول في معرضه هذا أن يزاوج بين التأويل والتفسير والسايكلوجية والزخرفة والتكرار".

أما الفنان حمدان حسن البدري فيرى أن المعرض يتميز بـــــ "دقة التصميم التشكيلي في الخط والزخرفة، فضلاً عن خروجه عن الإسلوب المعتاد في معارض الخط والزخرفة التي كانت تعتمد على التباينات وتكرار العناصر الهندسية أو الزخرفية النباتية، وقد لا حظنا هناك تنوعاً في هذه اللوحات عبر إستخدامه الخط والزخرفة لتحقيق لوحات تعبيرية بطريقة حداثوية تحمل دلالات كبيرة معبرة منها: الانسانية والإجتماعية والوطنية والثورية وهذا تأكيد لحداثوية الفن".

يُذكر أن الفنان إياد شنو جاسم الساعدي من مواليد 1963 في ناحية الغراف بمدينة الناصرية – محافظة ذي قار وحاصل على درجة الدكتوراه في الفنون الإسلامية – خط وزخرفة، وكان مغترباً خارج العراق حيث عمل أستاذاً للفنون في جامعة طرابلس في ليبيا للمدة من عام 1996 - 2018، وله العديد من الكراسات والكتب والبحوث في مجال الفنون، وهو محاضر رُشح من جامعة طرابلس لكلية الفنون الجميلة بجامعة روما في إيطاليا تخصص الفنون الإسلامية، فضلاً عن مساهمته في العديد من الورش والندوات لطلبة الفنون الجميلة في الجامعات التونسية بتخصص الفنون الإسلامية. وبعد عودته للعراق شغل منصب رئيس قسم الإعلام في كلية مزايا الجامعة بمحافظة ذي قار ومن ثم عميداً للكلية نفسها، وهو عضو في نقابة الفنانين العرب.