
شقراء المدخلي: الحزن عكاز الشعراء والمرآة الصقيلة للمجاز سلوة العشاق
في المرحلة الثانوية كنت أبادل الصديقات المقطوعات الشعرية التي أتباهى بدس أسمائهن في أبياتها المتواضعة أو أقدمها رشوة لمعلماتي، هذا ما ذهبت إليه الشاعرة السعودية شقراء المدخلي، مؤكدة أن القصيدة النسوية السعودية حاضرة في قمة الهرم الشعري العربي.
في هذا الحوار الذي نتعرف فيه على المداخل الأولى للقصيدة عند الشاعرة المدخلي، وقضايا أخرى تتعلق بالقصيدة النسوية والنقد وكذلك مساهمتها في المهرجانات العربية... فكانت هذه الآراء والرؤى.
• لكل شاعرة بدايات، متى بدأت صداقتك الشعر؟
في قرية صغيرة محاصرة بواديين وضفتين وحكايتين بدأت مع الشعر كانت جدتي ناهل تغني فترتج أرجاء الوادي ويخفق قلبي وكانت فاطمة أمي تحصن غرساتها بالنشيد وتنفث عليهن الأغاني فيتفتح ورد روحي وتزهر أفانينه هناك في البيت القديم وفي مكتبة أبي العامرة بكتب الأدب والعربية والتاريخ وجدت ملاذي الآمن وبئري المترعة بالحب والقصص والجمال فأدمنت السقاية والورود وتشربت حب الشعر وأشربته ومنها اندلعت جمرته الأولى في قلبي لاحقاً في المرحلة الإعدادية بدأت التدرع بالكتابة والتحصن داخل أسوار الرسائل القصيرة والمقالات للتعريف بنفسي والتعبير بصدق عن رأيي، أما الكتابة الشعرية فأظن أن أول قصائدي كتبت في المرحلة الثانوية حيث كنت أبادل الصديقات المقطوعات الشعرية التي أتباهى بدس أسمائهن في أبياتها المتواضعة أو أقدمها رشوة لمعلماتي اللاتي يصفقن لها ويكلفنني بكتابة نصوص أطول لتقديمها في المناسبات المدرسية ..
• مجموعتان شعريتان لك "أكاد أراني" و"ذاهل كالحزن"، كيف ترين شقراء المدخلي الشاعرة، وأي حزن أمطرك بمعنى الذهول؟
"بين جبيرتين" شقراء الشاعرة سأكذب لو قلتُ أني أحسنت الإمساك بها أو الظفر بملامحها كل ما حملته القصائد لا يعدو كونه محاولات للإمساك بطفولة هاربة والسفر في ثنايا صبية باغتتها الأمومة على حين غرة فانسربت في مجاهيلها ونسيت أن تكبر بين أكاد أراني وصوت ذاهل مسافة زمنية قصيرة لكن التجربتين كما أزعم مختلفتين لا على سبيل الإجادة والصنعة ولكن على المستوى الإنساني الخاص أظن أن الشاعرة الوثابة في أكاد أراني قد تدثرت الصمت ولم تكشف سوى عن القليل من الجموح في صوتها الذاهل الذي منحته للريح ولم تدرك بعض وجهته أما عن الحزن فما المسؤول بأعلم من السائل كما في الأثر ويبقى عزاؤنا أنه عكاز الشعراء والمرآة الصقيلة للمجاز سلوة العشاق وحبيب من لا حبيب له!

• مشاركات عديدة لك في المهرجانات الشعرية، هذه المشاركات ماذا تضيف لك كشاعر؟
نعم شاركت في الكثير من المهرجانات السعودية والعربية وقدمت الكثير لكن ما منحتني إياه المهرجانات أكبر بكثير مما قدمت فإضافة للشعر الذي هو جوهر تلك الملتقيات هناك الفرصة التي يحتاجها المبدع لتقديم نفسه وتجربته للعالم والضوء الذي من خلاله يستطيع إيصال صوته ورسالته أضف لذلك فرصة الالتقاء بأشخاص يقاسمونك الهم ويشتركون معك في التطلعات والرؤى ويدفعونك للاطلاع على تجارب شعرية وأدبية مختلفة المشارب ناهيك عما تمنحه هذه الملتقيات من روابط إنسانية عميقة توسع دائرة التواصل بين الشعراء وبين الشعراء والجماهير المحبة للشعر وتنقلهم جميعاً من العلاقات الافتراضية الجامدة للبعد الإنساني المحسوس.
• تكتبين قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية، أي الشكليين الإبداعيين أقرب إلى نفسك؟
قصيدة التفعيلة وإن كنت من أنصار العمودية كتابة وحضوراً وذلك لما تمنحه التفعيلة من فسحة للركض حافية في سماوات الخيال دون الخوف من السقوط عن حافة الوزن أو الانزلاق بعيداً عن بحار الخليل ..
• القصيدة النسوية في السعودية، أيمن تموقعينها مع القصيدة النسوية في الوطن العربي؟
لستُ أبالغ إن قلت أنها حاضرة في قمة الهرم الشعري العربي سواء في ذلك القصيدة الشعبية التي سبقتنا لكتابتها شاعرات سعوديات قديرات قدمن للأغنية السعودية والقصائد الشعبية إرثاً خالداً من الكلمات أو قصيدة الفصحى بأنواعها العمودية والتفعيلة والنثرية وإن كان النقد مجحفاً جداً في تقديم القصيدة النسوية السعودية للمكتبة الشعرية العربية إلا أن الكثير من الأسماء تطل علينا من شاهق ..
• النقد والقصيدة، هل استطاع النقد أن ينصفك كشاعرة، وهل استطاع النقد أن يواكب تطور الإبداع؟
ليس تماماً ولا أظن للأمر علاقة بشقراء مدخلي إذ أظن المنتج الذكوري ما زال متسيداً المشهد النقدي كتسيده المنابر والفعاليات ومازالت هناك الكثير من الأصوات التي تشكك في المنجز النسائي والكتابات النسائية الأمر الذي يقلل من نصيب نون النسوة من القراءة والنقد ومع ذلك فهناك بعض الدراسات التي تناولت قصائدي وأطمح في المزيد من التعاطي لأهمية النقد في إضاءة روح الشعر وسبر أغوار الشاعر وأذكر هنا دراسة تداولية للدكتورة عائشة الشمري بعنوان المقصدية في ديوان "أكاد أراني" والذات والآخر الأقنعة والمواجهة في ديوان أكاد أراني للدكتور محمد حبيبي وغيرها من الدراسات التي نشرت في الصحف السعودية والعربية.