واشنطن تفتح الباب لتحرك دبلوماسي سوري أوسع بمراجعة قوائم الإرهاب

مراجعة قوائم الإرهاب تعتبر خطوة بالغة الأهمية في اتجاه كسر العزلة الدولية عن الحكومة السورية الحالية.
الاتصال بين روبيو والشيباني تطرّق إلى الخطوات السابقة لرفع العقوبات الأميركية عن دمشق

دمشق - أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أن الوزير ماركو روبيو بحث مع وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، إمكانية مراجعة قوائم الإرهاب الأميركية والدولية المتعلقة بسوريا، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع كإشارة إلى استعداد واشنطن لمزيد من تعزيز العلاقات مع السلطات السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع ما يصب في النهاية في صالح فك عزلة دمشق إقليميا ودوليا وفسح المجال أمام عدد من المسؤولين السوريين للتحرك خارجيا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، في بيان، إن الاتصال تطرّق أيضًا إلى الخطوات السابقة لرفع بعض العقوبات الأميركية عن دمشق، بينما أكدت الولايات المتحدة أنها ستواصل فرض العقوبات على ما سمّته "الجهات الخبيثة"، في إشارة إلى شخصيات من النظام السابق.
ويُعد الاتصال بين الجانبين الأميركي والسوري تتويجًا لمسار طويل من التغيير السياسي في سوريا، بدأ مع سقوط نظام الأسد ونهاية حكم حزب البعث، عقب سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي والانقسامات الداخلية.
ومنذ تسلّمه السلطة، تعهّد الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بقيادة مرحلة انتقالية تُعيد بناء الدولة السورية على أسس تعددية ومصالحة وطنية، كما بادر بإجراء إصلاحات إدارية، وتشكيل حكومة تكنوقراط، والسعي لفتح قنوات التواصل مع الدول الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وبحسب مراقبين، فإن مراجعة قوائم الإرهاب تعتبر خطوة بالغة الأهمية في اتجاه كسر العزلة الدولية التي فرضت على سوريا في العقد الماضي. فعدد من المسؤولين في الحكومة السورية الجديدة كانوا في وقت سابق محسوبين على المعارضة او قوى وجماعات وصفت بالتطرف والارهاب، لكن استمرار وجود أسمائهم في قوائم الإرهاب يعيق تحركهم الخارجي ويمنع تطوير علاقات ثنائية مع عدة دول.
وستُسهم أي مراجعة لهذه القوائم في منح الحكومة السورية هامشًا أوسع للتحرك خارجيًا، وتعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية، لا سيما مع دول الجوار التي أبدت اهتمامًا بإعادة بناء علاقاتها مع دمشق في ضوء المتغيرات الجديدة.
ومنذ تولي الحكومة الجديدة مهامها، كثّفت من عملياتها ضد بقايا التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش، الذي ما زال يحتفظ بجيوب صغيرة في المناطق الشرقية والبادية وحتى ريف دمشق. وتؤكد الحكومة السورية أنها ملتزمة بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، في إطار تعاون إقليمي ودولي مفتوح.
هذا الموقف لقي ترحيبًا حذرًا من بعض العواصم الغربية، التي بدأت ترى في الحكومة الجديدة شريكًا ممكنًا في الحرب على الإرهاب، خاصة بعد أن أثبتت قدرتها على فرض الاستقرار في العديد من المناطق، وتعاونت ميدانيًا مع عدد من الأجهزة الأمنية الإقليمية.
إلى جانب الاتصال مع واشنطن، تتحرك الحكومة السورية الجديدة على أكثر من محور لإعادة دمج سوريا في محيطها الإقليمي. فقد جرى خلال الأشهر الأخيرة تبادل زيارات غير رسمية مع عدد من الدول العربية، وسط مؤشرات على استعداد بعض العواصم الخليجية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع دمشق.
كما شاركت سوريا، بوفد رسمي لأول مرة منذ أكثر من عقد، في قمم اقتصادية وتنموية إقليمية، وهو ما اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على القبول المتزايد بالحكومة الجديدة على المستوى الدولي.
ورغم هذه الخطوات الإيجابية، فإن الحكومة السورية لا تزال تواجه تحديات كبيرة، من بينها الوضع الاقتصادي الهش، آثار الحرب الممتدة، وإرث الفساد الذي خلفه النظام السابق. كما أن الانقسام الداخلي وتباين المواقف بين القوى السياسية لا يزالان يمثلان عائقًا أمام تحقيق مصالحة وطنية شاملة.
لكن رغم هذه التحديات، فإن الحديث الأميركي عن مراجعة قوائم الإرهاب يُمثل مكسبًا سياسيًا للحكومة الجديدة، ويوفر لها فرصة حقيقية للخروج من حالة العزلة والانفتاح على المجتمع الدولي بشكل أوسع.
وفي المقابل، تؤكد الإدارة الأميركية أنها ستواصل مراقبة الأوضاع عن كثب، وأن أي مراجعة أو تعديل في السياسات تجاه سوريا سيكون مشروطًا بمدى التزام الحكومة الجديدة بالإصلاحات السياسية، واحترام حقوق الإنسان، واستمرار التعاون في مكافحة الإرهاب.
وبينما تُبقي واشنطن على العقوبات ضد مسؤولين سابقين في النظام المنهار، فإن إشارات الانفتاح الحالية قد تُترجم إلى خطوات ملموسة خلال الأشهر المقبلة، إذا ما استمرت الحكومة السورية الجديدة في التقدّم على طريق الاستقرار والإصلاح.