"وداعًا للسلاح" سيرة جنرال مصري

سمير فرج يقارب رحلة نصف قرن باعتباره شاهدًا على عدد من صفحات التاريخ المصري الحديث، بداية حرب السويس عام 56
رحلة صعود نجم ضابط مصرى موسوعي الثقافة وموهوب متعدد الإمكانيات
الكتاب يحوي ملحقا لصور المراحل منذ أن كان فرج طفلًا في عمر ثلاث سنوات

قرأت مؤخراً كتاب اللواء الدكتور سمير فرج المحارب والمقاتل المصري الشهير "وداعًا للسلاح، سيرة محارب" وتابعت أيضاً العديد من المقالات والتحليل والنقد وما أثاره هذا الكتاب من ضجة في الراهن الثقافي والصحافة المصرية، على الفور حاولت قراءته بعين الناقد وتوصلت إلى معلومات أكثر، لم أكن مندهشا عندما أحسست بأنني أمام كاتب كبير وحكاء بارع وسارد غاية في الجمال ومتقن فنيات الكتابة وعتبات النص، فمنذ ثلاث سنوات حملت له دعوة من رئيس جامعة الفيوم آنذاك؛ ليلقي محاضرة للطلاب والطالبات، وكانت محاضرة مازالت عالقة في ذهني وذهن كل من حضرها فلم أكن مندهشا من موهبته وقدراته الإبداعية وتاريخه الحافل بالكثير من الانتصارات والفخر وحكاياته الثرية عبر هذا الكنز المعلوماتي والمرجع الوثيق. 
عبر صفحات كتابه الجديد "وداعًا للسلاح، سيرة محارب"، يسرد اللواء سمير فرج ما يقارب رحلة نصف قرن باعتباره شاهدًا على عدد من صفحات التاريخ المصري الحديث، بداية حرب السويس عام 56، عندما كان طفلًا صغيرًا، وما تبعها من أحداث تشكلت خلالها أحلامه، إلى أن أصبح ضابطًا في الجيش المصري.
ينقسم الكتاب إلى أحد عشر فصلًا يتناول في كل منها مرحلة من حياته، كما يحوي الكتاب ملحقا لصور تلك المراحل منذ أن كان طفلًا في عمر ثلاث سنوات.
ويتناول فرج في الكتاب، الذي صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، قصة حياته منذ نشأته في مدينة بورسعيد الباسلة والأحداث التي مرت بها المدينة من تأميم القناة والعدوان الثلاثي عليها، وكيف تأثر بالثقافة الغربية لهذه المدينة العظيمة، وتأثير والديه في حياته، ثم التحاقه بالكلية الحربية في سن الخامسة عشرة، والتخرج ضابطاً وذهابه للقتال في حرب اليمن ثلاث سنوات كاملة في سن السابعة عشرة، ثم عودته إلى أرض الوطن والاشتراك في حرب 67 ومعاناة ومرارة الهزيمة التي لحقت بالجيش المصري في سيناء ثم تنحي الرئيس عبدالناصر، والبدء كفرد من رجال القوات المسلحة في بناء الجيش المصري، والاشتراك في حرب الاستنزاف ست سنوات مقاتلًا على الضفة الغربية لقناة السويس أمام العدو الإسرائيلي، ثم التحاقه بكلية أركان حرب والتخرج في المرتبة الأولى على الدورة، والاشتراك في حرب أكتوبر 73 المجيدة من داخل غرفة العمليات الرئيسية للقوات المسلحة شاهدًا على كل أحداث هذه الحرب العظمى على كل الجبهات والمستويات.
كتاب "وداعا للسلاح" رحلة صعود نجم ضابط مصرى موسوعي الثقافة وموهوب متعدد الإمكانيات، لم يتصد لمنصب إلا تفوق فيه عسكرياً ومدنيا. تدخل معه كلية كمبرلى البريطانية، أعظم الكليات العسكرية في العالم، فتعيش من خلال سرده تفاصيل دقيقة جدا، عما يفعله وعما يتعرض له، وعن اللغة الإنجليزية وعن افتخاره بالنصر في حرب أكتوبر وكيف استقبله البريطانيون بالحفاوة كونه أول ضابط مصرى منتصر، يدرس فى كلية حربية غربية العقيدة العسكرية للجيوش الغربية، وهى ذاتها عقيدة القتال الإسرائيلية.

كما يتناول الكتاب أيضًا عمل اللواء سمير فرج كملحق عسكري والمناصب التي تولاها بعد ذلك في القوات المسلحة ثم مسيرته العملية ومناصبه في القطاع المدني، ويسرد فرج في الكتاب، عددًا من الأحداث المثيرة، منها كيف تم اختياره للدراسة في بعثة كلية كمبرلي الملكية في المملكة المتحدة، ضمن 180 ضابطًا من 44 دولة، بعد نصر حرب أكتوبر.
وركز فرج في قصة المناظرة الشهيرة حول نصر أكتوبر، التي واجه خلالها صلف أرئيل شارون وأفحمه خلال حلقة من برنامج "بانوراما" على قناة  bbcحيث امتدت على مدار ساعتين كاملتين، على الهواء مباشرة في وقت لم يتعد فيه العقد الثاني من عمره، وجاءت نتيجتها فوز الجانب المصري على الإسرائيلي بثماني نقاط مقابل درجتين فقط، للجانب الإسرائيلي، مع توصيات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي كان يحكم المناظرة، بتفادي السلبيات التي ظهرت في خطط وأداء الجيش الإسرائيلي سواء في الخطط الدفاعية لخط بارليف أو أداء شارون في معركته غرب القناة، والاستفادة من الخطة المصرية.
فيما خصص فرج الفصل الأخير من الكتاب بعنوان "جنرال في الأوبرا"، ليكشف خلاله تفاصيل تجربته في العمل المدني بعد خروجه على المعاش من القوات المسلحة، وعمله لمدة 6 أشهر في وزارة السياحة.
ورصد الفصل الأخير الكثير من الأحداث التي مرت به في الأوبرا بداية من اكتشافه خبيئة المسرح الكبير التي كانت موجودة بأحد المخازن المغلقة بالأوبرا، والتي اكتشفها صدفة أثناء مروره بها في أول أيام رئاسته للأوبرا، وكنز النوت الموسيقية التي تركها كل مايسترو أجنبي عمل في الأوبرا.
الكتاب أسلوبه السلس البسيط إضافة إلى قدرة الكاتب على نقل المعلومة الصعبة للقارئ دون تطويل أو تعقيد. 
يُذكر أن اللواء أركان حرب دكتور/ سمير سعيد محمود فرج، ولد في 14 يناير/كانون الثاني في مدينة بورسعيد، بجمهورية مصر العربية وتخرج من الكلية الحربية عام 1963، والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب مدير إدارة الشئون المعنوية  للقوات المسلحة المصرية وتخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973، والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية بإنجلترا، وفور تخرجه بتفوق، بترتيب "الأول على الدفعة"، تم تعيينه مدرساً بها، ليكون أول ضابط من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني يعمل مدرسا بهذه الكلية العريقة، تولى سمير فرج العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، كما تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، واختتم خدمته بالقوات المسلحة ملحقاً عسكرياً في تركيا لمدة 3 سنوات، ومديراً للشئون المعنوية للقوات المسلحة لمدة 7 سنوات وعمل بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر.