'بنات العم' ينقل هموم الشارع الليبي على المنصات الرقمية

المسلسل يطل من شاهد في أولى تجارب المنصة مع الدراما الليبية، مما يعكس سياستها لجذب المزيد من المشاهدين من الجمهور العربي.

تحرص منصة شاهد التي نجحت في السنوات الأخيرة في احتكار أعلى نسب مشاهدة، على تقديم أعمال درامية تحترم تغيّر الذائقة الفنية وضوابط سوق الدراما، وفي إطار ذلك انفتحت على مختلف اللهجات في الوطن العربي، مما مكنها من منافسة القنوات التلفزيونية وبقية المنصات الرقمية كذلك على تقديم وجبة درامية رمضانية دسمة.

ودفعت غزارة الإنتاج الدرامي المقدم في موسم رمضان، المنصة الرقمية للتوسع في انتقاء أعمال درامية من مختلف الدول العربية، وذلك لجذب المزيد من المشاهدين من الجمهور العربي الذي بات أكثر ارتباطا بالأعمال المعروضة على منصات البث.

وكان هذا العام للدراما الليبية حضورها اللافت على شاهد في أولى تجاربها مع الجمهور واللهجة الليبيين، حيث ألقت المنصة الضوء من خلال عمل بعنوان "بنات العم" على حاضر المجتمع الليبي والغوص في العمق النفسي لبعض من شخوصه.

وأثبت العمل منذ حلقاته الأولى أنه في حجم رهانات منصة شاهد المستمرة على النجاح في تعزيز قاعدتها الجماهيرية، حيث تذيل قائمة أكثر عشرة أعمال مشاهدة، لكنه مع عرض حلقته الخامسة تمركز في الترتيب الخامس في ليبيا.. وهذا التقدم السريع في المراكز يكشف عن تعطش الليبيين أنفسهم لعمل مختلف يعكس جانبا من حياتهم الاجتماعية ويناقش مشاغلهم وينفتح على مشكلاتهم العائلية بكل وجوهها، بعيدا عما دأب عليه صناع الدراما من نقل وتوثيق لحقب تاريخية جاوزها الزمن.

وحظي العمل بعدة إشادات كان من بينها تثمين المخرج الليبي محمد مصلي للعمل في تغريدة نشرها عبر حسابه بموقع إكس قال فيها "شكرا لأسامة رزق وسراج هويدي قدما لنا حلقة أولى للتعريف بشخصيات العمل الرئيسية بدون ابتذال أو حشو. أعتقد أن منصة شاهد كانت على صواب لعرض المسلسل، لأنه يستحق ذلك، ليتعرف أكثر المشاهد العربي على الدراما الليبية.. بنات العم ننتظر بحماسة لتتابع الأحداث".

ويعرض "بنات العم" على قناة "سلام" الليبية بالتزامن مع عرضه على شاهد التي عملت على توفير حلقات المسلسل مرفقة بشرح باللغة العربية، إلى جانب ترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، لتحفيز مستخدمي المنصة من مختلف أنحاء العالم على متابعته.

ويراكم "بنات العم" رصيده من نسب المشاهدات نتيجة تفاعل الجمهور معه، حيث وجد فيه الكثيرون ذواتهم وأحلامهم وحتى هزائمهم الروحية، فالمسلسل يعالج قصة تدور أحداثها في الحاضر الليبي حول بنتيْ عم نشأتا سويا تجمع بينهما صداقة متينة تتعدى أواصر القربى، لكن عندما يدخل الحب والمال المعادلة، تكشر إحداهما عن أنيابها.

وقد أعرب عدد من رواد المواقع الاجتماعية، لاسيما من خلال موقع إكس، عن إعجابهم بالمسلسل الذي يرى فيه البعض أنه "عمل محبوك بعناية في قصصه المختلفة.. صور هموم الشارع الليبي بكل جرأة وبدقة كبيرة لدرجة أن أغلب الناس قاعدة تقول أن هذه الأشياء صايرة معانا بالفعل.. وهكذا لازم تكون الدراما الحقيقية قريبة من الشارع وهمومه".

وتتمحور القصة حول فتاة تدعى "خلود" تعيش في منزل عمها "الحاج نوري" بعد وفاة والدها وزواج والدتها وسفرها إلى الخارج.

تتربى "خلود" وتكبر بصحبة ابنة عمها "عفاف" التي تماثلها في العمر وتدرس معها في نفس الكلية وتبدوان في قمة الانسجام كأنهما أختان وليستا بنتيْ عم. تتقاطع أحلام الفتاتين وتختلف بين جرأة "خلود" وطبيعتها المادية وسعيها للارتقاء في الحياة والارتباط بشخص قوي وغني يضمن لها الحياة الرغيدة التي تتمناها وبين نظرة "عفاف" المختلفة للحياة وإيمانها بأن قيمة الشخص الحقيقية تكمن في نجاحه الناتج عن اجتهاده الشخصي وليس الناتج عن اعتماده على الغير.

يستمر الاختلاف الفكري بين الفتاتين حتى يتحول إلى صراع حقيقي بينهما بعد الظهور المفاجئ لشاب في حياتهما، ليبدأ بعد ذلك صراعهما المشوق والمرير.

ومع التقدم في سير الأحداث يواصل القائمون على المسلسل التطلع لترك بصمة مختلفة ضمن أرشيف الدراما الليبية، فالعمل يحمل رهانات تتجاوز الفريق العامل به وعليه، إلى منصات عرضه، إذ تضافرت جهود الثلاثي سراج الهويدي تأليفا وأسامة رزق إخراجا ووليد اللافي إنتاجا للخروج بعمل يرقى لانتظارات المشاهدين داخل الترابي الليبي وخارجه.

ويشارك في المسلسل نخبة من نجوم ليبيا بينهم محمد بن ناصر، هند العرفية، سعيد المهدي، عبدالله الفاندي، يحيى النمر، آية شو، وأحمد عمار.

واختار أسامة رزق أن لا يحيد عما اعتاد عليه في بقية أعماله، إذ قام بتصوير المسلسل في تونس مستعينا بالخبرات التقنية التونسية التي رافقته في عدة أعمال بينها "فوبيا"، "زنقة الريح"، و"السرايا 1+2".

ويحرص رزق على متابعة أصداء عرض حلقات مسلسله ومشاركتها مع متابعيه على مختلف حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تقديم رؤيته حول بعض الآفات التي تنخر المجتمع وتدفع شبابه إلى مستنقعات الفساد على غرار المخدرات.

وشارك أسامة رزق متابعيه على صفحته بفيسبوك مشهدا من الحلقة الخامسة، مشددا في تدوينة مرفقة له على حساسيته، قائلا "نشكر الفنانين على مجهودهم لإيصال الرسالة المهمة.. للأسف خطر المخدرات أصبح كارثة تواجهها بلادنا ومعادش حد يتكلم عليها (لم يعد أحد يتحدث عنها) بسبب انشغالنا في الخلافات السياسية والحروب.. الشباب في خطر كبير ومعرضين للضياع وأصبحوا فريسة سهلة للعصابات وأصدقاء السوء الذين يجرونهم إلى المخدرات".

وأضاف "كم من عائلة صار فيها مثل هكي مواقف وأكثر من هكي بسبب المخدرات (كم من عائلة عاشت مثل هذا الموقف بسبب المخدرات).. واجب علينا أن نقف وقفة حقيقية لخطورة المخدرات في ظل سهولة الحصول عليها".