'الحشاشين' يستعين بالذكاء الاصطناعي للسفر بمشاهديه عبر الزمن

المسلسل ملحمة تاريخية تستخدم مؤثرات بصرية منجزة بتقنيات متطورة وهو ما يعزز حضور الذكاء الاصطناعي في الموسم الرمضاني المقبل.
ماجدة خيرالله: الذكاء الاصطناعي سيتاح لنا الدخول في عالم جديد ومختلف
عبدالرحيم كمال: لا داعي للقلق تطبيقات الذكاء الاصطناعي لن تحل محل المبدع

أيام قليلة تفصل المشاهد العربي عن مصافحة الفرقة التي أرعبت العالم في القرن الحادي عشر ومؤسسها حسن ابن الصباح الرجل الأخطر في التاريخ... عمل لن يكتفي بالسفر بمشاهديه عبر الزمن، وإنما من المنتظر أن يغوص بهم في أجواء تحاكي حد التماهي معارك وملاحم تلك الحقبة التاريخية.

أباطيل وأبطال "الحشاشين" من وحي التاريخ.. وإلى عمق التاريخ سيحمل المسلسل متابعيه، حيث سيتيح لهم تصفح العمل التاريخي لقطة بلقطة في مشاهد تم تصويرها في ديكور من صنع الذكاء الاصطناعي.

وتأتي الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في الأعمال الدرامية والسينمائية والتي باتت واقعا قائما لا مجرّد تكنولوجيا من عالم الخيال، لاسيما في دول الغرب، لتكشف عن المحاولات العربية المستمرة للاقتراب من المستويات العالمية.

ويعد "الحشاشين" من الأعمال الضخمة، فقد تم تصويره في ثلاث قارات، وتتطلب استخدام الآلاف من قطع الملابس والآلاف من قطع السلاح، وفق تدوينة لمخرجه بيتر ميمي، مما يجعل تكلفة إنتاجه باهظة، وهو ما يبرر لجوء القائمين عليه للاستعانة بالذكاء الاصطناعي.

إذ يساهم استخدام المؤثرات البصرية المطورة بالذكاء الاصطناعي في توفير الوقت والجهد والتكلفة التي يحتاجها إنجاز العمل يدويا، بالإضافة إلى ضمان الجودة الفنية.

وترى الناقدة ماجدة خيرالله أن هذه الخطوة مهمة للغاية، وستفتح آفاقا جديدة فيما يتعلق بالدراما التاريخية والحربية، قائلة إن الذكاء الاصطناعي سيتيح إنتاج أعمال لم يكن من الممكن إنتاجها من قبل، خاصة التي تتعلق بديكورات لم تعد موجودة في العصر الحالي كالقصور والقلاع التي ستظهر في مسلسل "الحشاشين"، بحيث سيتاح لنا الدخول في عالم جديد ومختلف.

ولفتت خيرالله خلال مداخلتها الهاتفية مع الإعلامية هبة جلال لبرنامج "الخلاصة" إلى أن تنفيذ المسلسلات بالإمكانيات العادية، يكلف أموالا طائلة، ما قد يصرف المنتجين عن تقديم الكثير من الأعمال.

وكانت الناقدة المصرية نشرت على صفحتها بموقع فيسبوك أن "الحشاشين" من بين الأعمال التي تنتظر مشاهدتها خلال الموسم الرمضاني المقبل بكل تفاؤل واهتمام، مشيرة إلى أنها تراهن على نجاح العمل من الآن، موضحة أنه اختار فترة تاريخية لم يقترب منها أيا من المبدعين من قبل رغم أهميتها وغزارة أحداثها.

وسيعود المسلسل بالمشاهدين على امتداد ثلاثين حلقة إلى القرن الحادي عشر، حيث تدور أحداثه حول زعيم الحشاشين حسن الصباح (يلعب دوره النجم كريم عبدالعزيز) وقيادته للفرقة التي أرهبت أوروبا والشرق في القرون الوسطى، إذ اشتهرت بتنفيذ عمليات اغتيالات دموية لشخصيات مرموقة في تلك المرحلة.

ومع توالي الأحداث يواجه سيد قلعة الموت حسن الصباح العديد من الأزمات تنتهي به إلى السجن، لكنّه يهرب منه بمساعدة السجان.

وظهر كريم عبدالعزيز في البرومو التشويقي للمسلسل في أجواء من الإثارة والتشويق، وسط مركب في عرض البحر، مرددا هذه الكلمات "اطمن.. مفيش ألم.. مفيش موت.. فيه طيران أسرع من البرق لروحك.. من هنا للجنة.. أنا صاحب مفتاح الجنة.. أنا حسن ابن الصباح".

ويضم المسلسل إلى جانب النجم كريم عبدالعزيز نخبة من النجوم بينهم فتحي عبدالوهاب، أحمد عيد، ميرنا نور الدين، سوزان نجم الدين، نيقولا معوض، بسنت أحمد أبوباشا، جيهان الشماشرجي، الطفل أحمد ميدان، ومحمد رجب كضيف شرف. والعمل سيناريو وحوار عبدالرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي وإنتاج شركة سينرجي.

وحقق البرومو التشويقي للعمل نسب مشاهدات عالية، نظرا لتناول المسلسل أحداثا حقيقية حول فرقة "الحشاشين" التي أرعبت ملوك العالم والشخصيات المرموقة في ذلك الوقت.

وأعلن مخرج العمل بيتر ميمي عن الانتهاء من تصوير المسلسل، قائلا "انتظروا عمل يليق بالوطن العربي".

وتسلح "الحشاشين" بتقنيات الذكاء الاصطناعي يأتي في خضم زخم إنتاجي غزير يطمح أصحابه لحجز مكانة متقدمة في المنافسة الرمضانية التي ما زالت تفصلنا أيام قلائل عن انطلاقها.

ولا يعد "الحشاشين" العمل الوحيد الذي لجأ لهذه التكنولوجيا، حيث سيكون الذكاء الاصطناعي حاضرا في الموسم الرمضاني المرتقب عبر بعض المسلسلات من بينها مسلسل "وبقينا اتنين"، حيث تم استدعاء الذكاء الاصطناعي لاستكمال دور النجم الراحل طارق عبدالعزيز الذي توفي أثناء تصوير العمل، وهو ما يعزز فرص استغلال التطور التقني لفتح آفاق جديدة أمام المشاهدين ومنتجي الدراما التلفزيونية محليا وعربيا.

ورغم ما يمكن أن توفره تقنيات الذكاء الاصطناعي من وقت وجهد أثناء عملية التصوير، فإن المخاوف من تبعات ذلك تحمل البعض على الاعتقاد بأن السوق الإنتاجية العربية المتأخرة نسبيا عن نظيراتها في العالم الغربي يمكن أن يفرز تأثرها بالذكاء الاصطناعي مرحلة اصطناعية كاملة يتم الاستغناء فيها عن البشر تماما، وهو أمر يبدو سابق جدا لأوانه، لاسيما أن منظومة الإنتاج العربية محدودة جدا وضعيفة للغاية مقارنة بما وصل إليه الغرب.

وكانت أستوديوهات هوليوود توصلت نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى تسوية مع نقابة الممثلين الأميركيين تضمن حمايتهم من تبعات استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع من دون أن يمنع هذه التكنولوجيا نهائيا، وذلك إثر إضراب تاريخي شلّ القطاع لأشهر.

لكن المخاوف في الشق العربي في منأى عن ذلك، إذ أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ما زالت تتلمس خطواتها الأولى في القطاع، والجدل الذي يمكن أن تثيره يتعلق أساسا بمدى قبول المشاهد للصورة المركبة.

وهذا ما لفتت إليه الناقدة ماجدة خيرالله خلال مداخلتها الهاتفية، حيث شددت على أن الذكاء الاصطناعي مهم أتقن إنتاج الصور، فإنه سيفشل في خداع المشاهد، وبالتالي سيؤثر ذلك على مشاعره، فالاستفادة من التقنيات الحديثة ستكون مهمة في تركيب صور مثل ما هو الحال في "الحشاشين" للقلاع، القصور، زيادة عدد الجنود في المعارك، وغير ذلك، لكنها لن تعوض البشر.

ولا تنفي خيرالله أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تقديم المزيد من الأعمال التاريخية والحربية، وسيفتح نوافذ كثيرة جدا على موضوعات لم تطرح من قبل، بفضل تقليله لتكلفة الإنتاج وتقديمه لجودة أفضل.

وقال كاتب "الحشاشين" السيناريست المصري عبدالرحيم كمال خلال ندوة تثقيفية وحوارية لمناقشة أعماله نظمتها مؤسسة سينيميديا للفنون الإبداعية في سبتمبر/أيلول الماضي، إنه لا يوجد "داعٍ للقلق، لأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أو الروبوتات لن تحل محل المبدع"، فهذه التطبيقات لا تزال تحتاج إلى الكثير من الوقت لتمثل خطرا على المهنة، فهي لم ترتق بعد إلى حدود كتابة نصوص جيدة خالية من الأخطاء اللغوية، أو حتى التاريخية، وهي تسهّل فقط عملية تركيب الصور وتعويض الممثلين.

ورغم محدودية استغلال الصناع العرب لتقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن التساؤلات كثيرة والانتظارت عديدة لردود أفعال المشاهدين والنقاد على حد السواء، لاسيما مع تنامي الجدل المثار حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة في الفعل الإبداعي ومدى خطورتها على العمل في المجال الدرامي.

فهل ستنجح أجواء "الحشاشين" في التماهي مع المشاهدين وحملهم على بساط التكنولوجيا على معايشة تفاصيل تاريخية من عمق القرن الحادي عشر؟ أم ستستفز صورة طارق عبدالعزيز الرقمية في "وبقينا اتنين" مشاعر محبي النجم الراحل؟