سلمى حاتم شابة مصرية توظف الفن لحماية البيئة

الفنانة الشابة تعلمت طرق إعادة تدوير الورق والبلاستيك وتحويلهما إلى لوحات فنية صديقة للبيئة، كما تعمل على تنظيم ورشات للتعريف بأعمالها بهدف نشر الوعي بالأضرار الناجمة عن هذه النفايات.

تقوم الشابة المصرية سلمى حاتم الحسيني بجمع الأوراق القديمة والبلاستيك، وتحويلهما إلى لوحات فنية حفاظا على البيئة.

وقالت حاتم (24 عاما)، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك، إنها "تسعى باستمرار إلى وضع بصمة مختلفة عن السائد في أعمالها، لذلك فهي دائمة البحث عن طرق جديدة ومبتكرة، وهو ما دفعها إلى الجمع بين أمرين مولعة بهما منذ كانت في التاسعة من عمرها وهما الفن بمختلف أنواعه وكل ما يتعلق بالبيئة".

وتعمل الشابة العشرينية على المساهمة في حماية البيئة من خلال تنفيذ رسوماتها الفنية على ورق نجحت في إعادة تدويره، إذ تسعى لتحفيز الناس على الاستفادة من المخلفات سواء البلاستيكية أو الورقية التي يمكن تحويلها إلى شيء مفيد بدل إغراق الشوارع والمحيطات بها وتعميق أزمة المناخ الطارئة.

وخطرت فكرة تعلم إعادة تدوير الورق على بال حاتم عندما انضمت منذ نحو أربع سنوات إلى مشروع يحاكي البيئة وكان من ضمن شروط الانضمام الالتزام التام بعدم استخدام كل أنواع الورق أو البلاستيك لمدة 3 أشهر، وفي حال اقتضت الضرورة استعمال إحدى هذه الأشياء فلا بد من إيجاد طريقة تكون صديقة للبيئة. 

وصرحت سلمى حاتم لموقع "ميدل إيست أونلاين" أنها "في البداية رغم تحمسها الشديد للمشروع كانت تجد صعوبة في الالتزام بالشروط نظرا لأنها كانت تضطر في الكلية لاستخدام الورق بشكل دائم، لكنها مع الوقت وجدت الحل في الاستفادة من كم الورق القديم الذي ينتهي غالبا في سلة المهملات ويكون ضارا بالبيئة إذا تم إحراقه أو رميه في الشوارع بإهمال".

ووضعت حاتم خطة لدراسة إمكانية إعادة تدوير الورق من جديد واستخدامه للرسم، ودرست جيدا كل طرق تصنيع الورق إلى أن وصلت إلى اختيار طريقة بسيطة وفي المتناول، إلى جانب أنها تسمح بالحصول على ورق ذا جودة عالية.

وبدأت بعد ذلك في تجربة الرسم على هذا الورق المعاد تدويره، فحصلت على نتائج جيدة، مما شجعها على الاستمرار في اعتماد تلك الطريقة في التدوير.

وتمر صناعة هذه الأوراق بالعديد من المراحل من بينها جمع الورق المستعمل، ثم فرزه للحصول على نوعية جيدة، فتقطيعه، ونقعه في الماء، وبعد ذلك خلطه وعجنه ليوضع داخل قوالب مختلفة الأحجام لتشكيل الورق، وعندما يجهز تقوم حاتم بتحويله إلى محمل للوحاتها.

وتحتاج سلمى في عملها إلى حوض كبير وكمية مناسبة من الورق و'شبلونة' (قطعة من الحرير مشدودة على مربع من الخشب، وتختلف مقاساتها حسب نوع العمل المطلوب) وسلك وأوراق صحف.

وأشارت إلى أنها "بدأت بالبحث عن أماكن بيع الورق المستخدم وشرائه لإعادة تدويره من جديد"، قائلة إن الورق العادي يضم أنواعا كثيرة ويخضع لطرق مختلفة في التعامل معه، لكن في العموم يستهلك كميات هائلة من المياه والأشجار والألياف النباتية وغيرها من الأشياء الأخرى.

في حين أن الورق المعاد تدويره وهو كذلك قائم على العديد من التصنيفات من الأقل جودة إلى أعلاها، يساعد في توفير الكثير من العناصر المذكورة لأنه يقوم بالأساس على ورق ومواد قديمة، وفقا لحاتم.

وتسعى الشابة العشرينية إلى تجربة إعادة تدوير البلاستيك أيضا، لكنها تؤكد أن نتائج التعامل مع الورق في الرسم تبدو أفضل بكثير بالنسبة إليها من البلاستيك لأنه غير عملي.

ولفتت إلى أنها لم تفكر عندما بدأت مشروعها في جعل التدوير مورد رزق لها، بل تطمح لنشر فكرتها بين المقربين منها وكل من تتعامل معهم، كفكرة جديدة وموفرة والأهم صديقة للبيئة.

وتعتبر أنه ليس شرطا أن يتعلم جميع الناس تصنيع الورق، لكن على الأقل يتعلمون طريقة استهلاك مختلفة تجنبهم رمي الأوراق كيفما اتفق برا وبحرا، أو إحراقها أو التخلص منها بطرق أخرى تساهم في تلوث البيئة، وهو ما يمكن أن يعود على البشر بالضرر بشكل أو بآخر.

وأكدت في حديثها لموقع "ميدل إيست أونلاين" على ضرورة البحث عن طرق تساعدنا في التخلص الآمن من الورق والاستفادة منه في الآن ذاته.

وفي العام 2020، أطلقت سلمى مبادرة للتوعية بالأضرار البيئية، وذلك من خلال تنظيمها لورش وفعاليات للتشجيع على تعلم طرق صديقة للبيئة، لاسيما أن كيفية التخلص من الورق والبلاستيك في أغلب الدول تتم بطرق تسبب تلوثا للمحيطات.

وفي السنوات الأخيرة، زاد تغلغل التلوث البلاستيكي في النظم الإيكولوجية المائية بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتضاعف التلوث المرتبط به بحلول عام 2030، مما سيؤدي بلا شك إلى عواقب وخيمة على صحة الإنسان والاقتصاد العالمي والتنوع البيولوجي والمناخ، بحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

لوحة
بحث دائم عن طرق جديدة ومبتكرة

وهذا ما دفع العديد من الفنانين التشكيليين حول العالم لإطلاق مشاريع فنية قائمة على مبدأ تدوير النفايات البلاستيكية والورقية.

وتعمل سلمى على إيجاد طريقة تساعدها على توظيف الفن في خدمة الحياة بشكل عام، وفق قولها، مشيرة إلى أنها وضعت خططا كذلك للمشاركة بأعمالها الفنية التي أنجزتها على الورق المعاد تدويره في المعارض حتى تفتح المجال للوصول إلى قاعدة جماهيرية أكبر للتوعية بالبيئة.

ومن جهة أخرى، تحاول سلمى حاتم من خلال لوحاتها توثيق حرف وعادات مناطق مختلفة من مصر وبالخصوص مدينة الإسكندرية مسقط رأسها.

وقامت الحسيني التي ترى أن الفن انعكاس لكل ما حولنا بنشر هذه اللوحات على حساباتها بالمواقع الاجتماعية، معلقة عليها بالقول "مشروع توثيق زياراتي المتكررة لمختلف مناطق مصر.. كلما اقتربت من التعرف على الأشخاص والقصص والأماكن، كلما شعرت بسحر وهوس كل زاوية، حيث الأماكن والشخصيات تضفي الجمال والحياة على جوهرها الطبيعي".

وظهر اختلاف الشابة المصرية سلمى حاتم الحسيني في اختيارها لـ"نوادر جحا" كمشروع لتخرجها، حيث عرضت هذه القصص بأسلوب مختلف ورؤية فنية جديدة تناسب فئات عمرية مختلفة.