أختلف معك.. لكني أحبك

الخلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية، تثري العقل بخصوبة الرأي ورؤية الأمور من أبعاد وزوايا مختلفة.
إذا اتفق اثنان في كل شيء، فلا حاجة إلى واحد منهما
الآخر هو كل من هو كائن خارج دائرة الأنا والـ نحن

تخيل معي للحظات كيف يكون شكل الحياة إذا ولدنا جميعا متشابهين. 
إذا كنت تستريح للإتفاق وتطابق وجهات النظر الدائم فيم تتناوله عقولنا بالبحث والتناول، فأنت بلا شك تبحث عن الراحة، لكن تلك الراحـة تؤدى إلى الجمود والبطء ونقص الأفكار الجديدة، وغياب التحدي، ذلك لأن الاختلاف في وجهات النظر والحكم على الأشياء، أمر فطري طبيعي له علاقة بالفروق الفردية إلى حد بعيد، إذ يستحيل بناء شبكة علاقات بين أصحاب القدرات الواحدة.
ومن ثم كان الخلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية، تثري العقل بخصوبة الرأي ورؤية الأمور من أبعاد وزوايا مختلفة. لذا فعلينا أن ندرك ونعي جيدا أن الناس لا يرون العالم كما هو عليه، ولكنهم يرونه من خلال ما هـم عليه، لذلك فعندما نعي ونقدر الاختلاف في وجهات النظر فإن ذلك سوف يجعلنا نقول: "هذا جميل... إذن  أنت ترى الأمر بشكل مختلف.... ساعدني لأرى ما تراه".
وتذكر أنه "إذا اتفق اثنان في كل شيء، فلا حاجة إلى واحد منهما".
وللاختلاف في وجهات النظر إيجابياته وفوائدة فهو يتيـح لنا التوصل لأفكار جديدة والبحث عن حلول ومناهج متعددة وهو رياضة للأذهان، وتلاقح للأفكار، كما أنه يفتح مجالات التفكير للوصول إلى سائر الافتراضات التي تستطيع العقول المختلفة التوصل إليها، وقد يكون من فوائد الاختلاف تكامل وجهات النظر.
كلنا يعرف قصة العميان الذين وقفوا حول فيل، فلمس أحدهم أقرب ما يقابله منه فكان الخرطوم فقال: إن الفيل ماهو إلا خرطوم طويل رفيع. ولمس الثاني أذن الفيل فقال: لا إن الفيل صفحة جليدية واسعة. ولمس الثالث رِجل الفيل، فقال: لا ... بل هو عمود مستدير، ولمس الأخير جسم الفيل فقال: لا، بل هو حائط عريض أملس.
تخيل معي لو امتدت يد كل منهم إلى موضع يد زميله بدلا من التعصب لرأيه، فيلمس ما لمسوا، فـتـتكون عند كل منهم صورة كاملة عن الفيل. 
 

كيف نتعامل مع المخالف لنا؟
قال شوقي: "اختـلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، لكـن ما يحدث أنه ما أن يبدأ الخلاف أو الاختلاف في الرأي بالظهور حتى ينتهى بالخلاف القلبي الذي يحيل مساحات التسامح اليانعة الخضراء داخل نفوسنا، إلى منطقة جدباء، وقد يضيق الطريق الذى يتسع الجميع بك وبـمخالفك، جرب أن تفـسح لـعقـلك أن يتـقبل وجهة نـظر الآخر، تعامل معها وناقشها ولكن لا تسفهها، إنس مقولة "من ليس معى فهو ضدي"، فتلك المقولة السائدة أدت إلى زرع الضغينة بين الناس، وفرض الرأي بالقـوة، وأصـبحـت هـناك حروب لا جـدوى منها ولا طـائل غـير مزيد من المشاحنـات، والصراعات وإصـرار كل طرف على جمع مـريديه لمحاربة الطـرف الآخـر وللأسف قد تكون حـربا غير أخلاقية. 
من هو الآخر؟
الآخر هو كل من هو كائن خارج دائرة الأنا والـ نحن، قد يكون أخا أو أختا، جارا، زميل عمل،  صديقا ، زوجا، زوجة. بيننا كلنا اختلافات علينا تقبلها واحترامها، أنت  نفسك تمتلك الكثير من التناقضات بداخلك، فأنت خاضع لقانون الاختلاف قد تختلف أفكارك ومعتقداتك ورغباتك خلال مراحل حياتك المختلفة، فإذا كنت أنت نفسك تمتلك الكثير من الاختلافات والتناقضات بدخلك، فالأدعى أن تتقبل الاختلاف مع الآخر. 
ومن هنا كانت الضرورة ملحة لتبنى ثقافة الإختلاف التي تعنى تقبل الآخر مهما اختلفت وجهات النظر من خلال زرع قيمة التعايش في أطفالنا الذين يأتون للدنيا  لا تعرف قلوبهم غير المحبة والتسامح ويتم تشويه أفكارهم وتسميمها للأسف خلال مراحل تعليمهم ونشأتهم.   
فتقبل الآخر يبدأ  من نشأة الطفل لينمو وهو حامل في تكوينه الفكري والسلوكي ثقافة التعايش بغض النظر عن الاختلافات الدينية والفكرية والعرقية لنصل لمجتمع أكثر تحضرًا بعيدًا عن التطرف والتعصب، يعيش أفراده على كافة اختلافاتهم حالة من التناغم والاستقرار.