أيدلوجيات فن المحاكاة الواقعية في لوحات عبير أسبر

السورية عبير أسبر عاشت حياتها في سوريا والبرازيل فجاءت ثقافتها الفنية مزيجا بين ثقافة الشرق والغرب وكان أسلوبها الفني متعدد الإتجاهات والرؤى الفنية.

عاشت الفنانة السورية عبير أسبر حياتها ما بين سوريا كموطن أساسي والبرازيل كإقامة لدراسة وممارسة الفن التشكيلي فجاءت ثقافتها الفنية مزيج ما بين ثقافة الشرق والغرب لتأتي بأسلوب وفكر فني متعدد الإتجاهات والرؤى الفنية.
وهي تعتمد على الموتيفات والصياغات الآدمية وخصوصا صور المرأة باسلوب متنوع لتجسد موضوعات مختلفة تحمل  في طياتها قناعاتها ووجهات نظرها المنفتحة على حضارتي الشرق والغرب لتسلك مسلك تشكيلي يعتمد على الخاصية الميكانيكية والرؤية البصرية للتعرف على العناصر والأجواء المحيطة بها في مجتمعات عديدة عايشتها ولتسجل ظواهر ومواقف دقيقة وفق أبعاد ووجهات نظر خاصة بها جدا.
كذالك فإنها تعمد إلى محاكاة العديد من الظواهر لتنقل مواقف وأحداث متنوعة متدخلة وبشدة في إحداث تعديل خواص وسمات العناصر المصاغة وفق رؤاها ووجهات نظرها وثقافتها وعلى أساس الإعتقاد بأن الحقيقة موجودة في حدود الواقع البصري المرئي والبصيرة الخيالية المتعمقة والثقافة الموازية لفكر الفنانة والتي أثرت واثرت في بنائية وهيكلية أعمالها وفق معالجات وتقنيات تظهر على مسطح لوحاتها.

 وقد سعت الى إستلهام وبناء صياغات مشتقه من دراسة العناصر المحيطة ونقلها بحثاً عن إبراز الجمال وفق معانيها للتأكيد على الأطر الفلسفية فالفنانة مهتمة وبشدة بمحاكاة الواقع الذي تعيش بين جنباته لتطرح أفكارها التي قد تنتمي إلي الأفكار الأفلاطونية والأروسطية والوضعية المنطقية.
 حيث تسعى  من خلال لوحاتها لتسلط الأضواء على الجوهر المثالي للعناصر المنقولة من واقعها المعاش، والهدف من دراسة العناصر الواقعية ونقلها هو الإلمام بنسب هذه العناصر حتى يتسنى أن تعالجها تشكيلياً بطريقة صحيحة ومثالية لتجسد انطباعات ورؤى ذهنية شخصيه فاعلة.
 فعندما تتجه إلى عملية الإدراك البصري للعناصر المحيطة بها بالدراسة والتامل والإنشاء داخل هيكل لوحاتها نجد أنها تحافظ على عملية النسب والأحجام الخاصة بكل عنصر كما هو في الطبيعة لتضيف عليه أفكارها الحياتية والفنية. وليسهل عليها بعد ذلك معالجة هذا العنصر بطرق مختلفة من تحليل وتركيب وتجريد وغيرها من طرق المعالجات التشكيلية.
 وهي تأتي بتلك العناصر والموتيفات لتحدث تنوع وثراء لبناء لوحاتها والتي تعد وليدة تعددية الثقافات والرؤى ذات المظهر والجوهر بالغ الخصوصية والتفرد والعمق.
حيث تتبنى الفنانه خاصية التحليل على مسطح لوحاتها لتضفي على أعمالها العمق البليغ مستعينة بالتحليل الذي يجسد عملية معرفية تقوم على معرفة المكونات الأساسية والأجزاء المركب منها العنصر وعلاقة كل جزء بالآخر مستخدمة تقنيات ومعالجات فريدة ومتنوعة مستعينة بالتحليل ليفعل الانتقال أو المرور من المجهول إلى المعلوم ومن ظاهر الشيء إلى حقيقته وتفاصيله الثرية العميقة.
 و يتضح ذلك من خلال أهمية التحليل للعنصر الطبيعي المصاغ وفق رؤية وثقافة متخصصة وعميقة وهي مرحلة تلي مرحلة المحاكاة من الطبيعة.
 وهي عبارة عن وضع الخطوط العريضة والقواعد التي ضمنت للعنصر المصاغ طبيعته وتركيبه المميز في الطبيعة، والتحليل هنا لا يعني التفكيك ولكن هي مرحلة توضح نسب وقوانين خاصة لكل عنصر من عناصر الطبيعة المصاغة داخل العمل الفني الخاص بالفنانة قبل البدء في تعدد صياغاته.
 إذ أن طبيعة العقل تتجه دائماً إلى تقسيم الكل إلى أجزائه من أجل الوقوف علي العناصر الأساسية التي يتألف منها مجمل العمل الفني.
 وعلى ضوء ذلك نجد أن العناصر أو الأجزاء التي إنتهت إليها الفنانة تعمد الى عملية التحليل والتي  تقوم بها لاحداث علاقات  ترابطية متماسكة بين جزيئات عملها الفني.
 وترتبط من خلاله بصورة تكشف عن طبيعة العنصر المصاغ  وهذه العلاقات لها أهمية كبرى في عملية تنوع وتعدد الصياغات التصميمية للعنصر الطبيعي حيث تتشكل الرؤية الفنية عند الفنانة.
 لذا فالتحليل او التشريح المنتهج من قبلها هو عملية تغير وتعديل أي عنصر مادي مركب من خواص وعلاقات معقدة إلى مجموعة بسيطة من الخطوط والمساحات لتسهل على المتلقي إستيعابها والتفاعل معها بصريا وحسيا.
 حيث أن الفنانة لديها قدرة على عزل واستخلاص العناصر الرئيسية في الشكل والإستغناء عن كل ما هو غير جوهري للتأكيد على البعد الفكري والمنطقي لعملها الفني والمصاغ بأسلوب تتم فيه إعادة تركيب ما تم عزله وإستخلاصه وهو البرهان الضروري لصحة مسار التحليل والمحكاة للظواهر والثقافات المتنوعه التي مرت بها للوصول بتجربتها الفنية إلى اقصى حالات النضج والتميز.
حيث نلحظ بمتابعة أعمال الفنانة أن هناك توافق ما يصل لحد الإنسجام فيما بين مفهوم التحليل مع إدراك الحديث لثقافة الشعوب التي عايشتها كأجزاء تكون الكليات المحسوسة والتي تاثرت بها أعمالها في قوامها العام المنتطم والمتوافقة واسلوبها الفني يتسم بالخصوصية المفرطة.
 كما أنه مسيطر وبشكل مباشر على معظم موضوعات وتقنيات أعمالها الفنية حيث تبنت من خلال أعمالها نفس الصورة الجديدة التي تسعى لتقديمها للمتلقي عن حقائق وموضوعات تخص المرأة الشرقية ودورها المجتمعي موظفة تركيب المواد والمعالجات وطرق الصياغة والبناء بشكل خاص بها.
وقد تناولت خاصية التحليل والمحاكاة والتامل لتغزل إدركها  الحسي في فحص وتمحص خواص وعلاقات العناصر الطبيعية وحركتها وعلاقة كل منها وفق منظومة الطبيعة، إلى جانب الخيال واللغة البصرية العميقة المدعومة بالحواس الإدراكية.
 والتي  تثير الوجدان والتفكير في جماليات التركيب الشكلي المنطقي الذي يتضمنه الموتيفات والعناصر المستلة من الواقع المحيط المعايشة له سواء كان من الطبيعة أو الثقافات المجتمعية المتعددة والمتنوعة لتولد أعمال فنية مليئة وزاخرة  بالإيحائيات المتنوعة.
 وهي تثري الموضوع العام للعمل الفني وفلسفتة والذي تقيم عليه الفنان عملياتها التحليلية وتشكيلاتها المتعددة والتي تهدف لاثراء وبناء العمل الفني وفق أيدلوجيات تجسد واقع وثقافة الشعوب والمجتمعات المختلفة والتى عايشتها  واستطاعت أن تجسد ثقافتها الفنية بأسلوب بليغ ومتمكن .