إنطلاق المفاهيم التجريبية التحليلية فى لوحات رولا نويلاتى


الفنانة السورية رولا نويلاتى تسعى لاثراء هيكل البناء الفني داخل لوحاتها عبر التأمل في الطبيعة بكل تفاصيلها والأحداث المحيطة بها.

الفنانة السورية رولا نويلاتى صاحبة الحس الخاص للغاية والطابع الشرقي الممزوج بمرارة ولوعة الحروب التي تعرضت لها بلادها من حيث شدتها وبأسها، لقد شهدت أعمالها إنطلاقا وتقدماً هائلاً من حيث الشكل وكذلك الأرضية لتنشئة علاقة مفاهمية وثيقة بين الشكل والأرضية على مسطح لوحاتها باسلوب فريد وشخصي يحمل في طياته طابع وسمة فريدة تخص الفنانة وتعكس مذهبا متأملا ومحللا في الفن التشكيلي السوري.
ولتكشف لنا من خلال لوحاتها وتفعل وتوثق أيضا محاور عدة مثل تحليل وتفتيت أرضيات أعمالها وتحليلها الي جانب الموتيفات فهي تلجأ إلى تجزئها إلى أرضيات وأشكال تحتوي على العديد من التفاصيل والجزئيات ذات الطابع الهندسي المبسط موظفة الخطوط وإيحائاتها لبناء موتيفات وأرضيات لوحاتها المتعددة والمتنوعة في ضوء تفرد في بناء لوحاتها.
 وهو ما أتاح لها إخراج أعمالها بأسلوب مختلف من حيث البناء والتقنية الفنية وإكتشاف تحليل الضوء وبناء الصياغات وتنوعه مما أحدث ثراء لمسطح بناء العمل الفني وحقق حرية الممارسة والتجريب لدى الفنانة لتنطلق مؤسسة مداخل تشكيلية متنوعة للصياغات التصميمية للعنصر الذي يعد عماد أعمالها الفنية.
 فتحولت الفنانة من متأمله للطبيعة بكل تفاصيلها وكذلك الأحداث المحيطة حولها لتعكس بالتالي إحساسها ورؤيتها الذاتية وتسعى بقوة ملحة للغاية للتنقيب عنها ورصد الظواهر والأحداث المختلفة التي من شانها دعم واثراء هيكل البناء الفني داخل لوحاتها وبقوة في ضوء تحري وبحث عن الاسباب المعقولة، ولتميزها إياها عن الأسباب غير المعقولة والتي ساهمت في بناء ووضع أفكارها وفق نظم وأبعاد مغلفة بالخيال لتثري الفن السوري الحديث.
 فصارت تجد فيه ما يمدها بمعرفة أسرار الموجودات وقوانينها في الطبيعة التي لجأت إليها في بناء وحدات وعناصر أعمالها الفنية كذلك لتتمكن عبر التقنيات والمعالجات المناسبة من توظيفها على مسطح عملها الفني وظهرت نتائجها كمردود محقق لبناء أعمالها. ولجأت الفنانة إلى الإستعانة بالتأمل والتجريب لتصل إلى التحليل والإستدلال والإستنتاج وكان من أثر ذلك ظهور الأسلوب الفني المميز لها.
 وقد عبرت وبصدق عن إتجاهاتها الفنية وممارستها التشكيلية المتنوعة والثرية الكثيرة والتي استثمرتها وفق الأساليب التشكيلية للصياغات التصميمية لعناصرها المستلهمة من جماليات الطبيعة.
 حيث تطور أسلوبها بما يتماشى مع الأحداث والرؤى المعايشة لها لتبني مداخل هذه الصياغات والموتيفات ولتثري تنوع العنصر التصميمي في الفن السوري من خلال عمليات التجريب والإختزال والتحوير.

 كما لاحطنا أن الفنانة تخضع الطبيعة للبحث والإستكشاف متبعة منهج التامل والتفكير والتصدي لموضوعات من الواقع المعاش والعقلاني فى التحليل والبناء لطرح موضوعات مهمة، شجعت الفنانة على ظهور هذا المنهج المنطقي الجديد الذي تتسم به أعمالها الفنية كذلك دعم ظهور الفلسفة التجريبية وتعددها فى أعمال الفنانه.
 كما تجلى أثره فى إخضاع عملية تنوع الصياغات والموتيفات التصميمية عند الفنانة للمنطق العقي التأملي، حيث تكاملت جميع العمليات البنائية على مسطح العمل  مع عناصر الطبيعة مستخدمة طرق التشكيل بالخطوط والمساحات والألوان والملامس وتفتيت الأرضيات والموتيفات إلى مساحات هندسية وشبه هندسية بسيطة، باحثة عن القانون البنائي لأصل هيئة العناصر في الطبيعة بل وعن قانون الطبيعة نفسها مستخدمة نظريات الخيال والإدراك والتحليل والأشكال الهندسية من صياغات تصميمية لعناصر الطبيعة وتطويعها وفق مداخل التجريب المختلفة.
 والتجريب في الفن هو عملية التجديد في الطرق التشكيلية وأساليب صياغة العنصر وترتيبها في العمل الفني، وهذا ما أتقنته رولا ببساطة وحرفية لتنتج لوحات بأسلوب مقتدر مستخدمة التجريب على أكثر من مستوى تجريب على مستوي صياغة العنصر الطبيعي وكذلك الصياغة الجزئية وتجريب على مستوى صياغة العمل الفني مثلا لصياغة الكلية وهي ما تعرف بالتكوين الذي يجسد البناء الأساسي للوحة.
 حيث برعت الفنانة وأتقنت ذلك بقوة وإقتدار حيث إتخذت أسلوب البحث والتجريب بإعتباره منطلقاً للإدراك العقلي للعناصر الطبيعية التي توظف ضمن  القانون البنائي للوحة والتي تعادلها الفنانة بصياغاتها التصميمية وفق منطلق تشكيلي جمالي يثري ويحدث لوحاتها ووظفت بناء هيئة العنصر في الطبيعة.
 لذا تنوعت وتعددت الإتجاهات الفنية لدى الفنانة، وتنوعت طرق الآداء التشكيلي للصياغات التصميمية لعناصرها المستوحاة من  الطبيعة المادية وفق المداخل التجريبية وتطويعا لإستحداث أعمال متنوعة ومتعددة وثرية في الفن حيث تعد هذه المداخل بمثابة المنطلقات الفكرية والتقنية التي يفرزها فكرها، باحثة عن صياغات جديدة تعالج قضايا التشكيل والتعبير برؤى مغايرة ومستحدثة من الواقع وأحداثه محملة بفكر وتقنية لتجسد معاني عدة مستخدمة عناصر التشكيل من نقطة وخط ومساحة ولون وملمس.
 وقد حددت وفق معالجات التركيب والتجريد والتحطيم والإختزال وإستخدمت الفنانة هذه المداخل باعتبارها عاملاً للرؤية في صياغته لعناصر الطبيعة معتمدة على عناصر التشكيل المختلفة لتصل بشكل قوي ومباشر نحو تنوع الصياغات والموتيفات التصميمية للعنصر.
حيث اعتمدت الفنانة على المداخل التشكيلية لأنها تتوافق مع استخدام عناصرها المستلهمة من البيئة السورية المحيطة بها، لذا فقد شكلت لوحاتها بمعالجات تشكيلية متنوعة تختلف تبعاً لمدركات وثقافتها الفنية  وخصائصها وسمات الموتيفات وجرأة وضع الحلول المتنوعة لمعالجة مسطح اللوحة والذي تناولته بالصياغة والبناء وانفعلت به وإنحازت له وتأثرت به على الرغم من إختلاف عناصرها وتعددها إلا أن لها سمات خاصة ومميزات لكل عنصر.
حيث تكون هي المحرك الأساسي لبناء المعالجات التشكيلية والتقنية والتي تمارسها في صياغات هذه العناصر لذا فإن الخصائص والسمات المألوفة في لوحات الفنانة تعتبر المقياس الذي يرتبط به الذهن للتعرف على مظاهر الطبيعة وكذلك المداخل التجريبية والكيفيات الحسية لوسائط التعبير في إطار من المعاني إقتربت صياغاته من أعلى مستويات التحوير والإختزال.
وهي علاقة تلقي الضوء علي تحول الفنانة من الإدراك البصري الى الإدراك الوجداني، وهو تحول منطقي أثناء تطور فكر الفنانه حيث يجسد التعمق الشديد في ممارسة المعالجات التشكيلية من التحليل والتفكيك وإعادة التركيب والتحطيم والتجريد والإختزال والتسطيح للموتيف في حرية تامة تمثل وجه نظر الفنانة شديدة الخصوصية والتي تنبع من بعض عمليات الإدراك البصري والوجداني.
ويتضح أن الفنانة تختار مجموعة من العناصر البصرية تجري عليها مجموعة من المعالجات التشكيلية في سبيل التوصل إلي صياغات تصميمية جديدة تعبر عن معنى وفلسفة خاصة للغاية لديها.
 فمن الصعب أحياناً القيام بعملية المعالجات التشكيلية دون اللجوء إلى عمليات أخري معها، أي أنه من الصعب فصل هذه العمليات داخل الصياغات التصميمية الخاصة بها من خلال المعالجات التشكيلية وطرق بناء موضوعاتها وفق مجموعة الإجراءات والعمليات التشكيلية التي تتبعها لتبني وتعدد وتنوع بناء موضوعات وموتيفات وتقنيات لوحاتها وصياغتها بأسلوب يجسد ويثري بعمق بناء لوحاتها .