الفن التشكيلي يودع مايسترو الألوان محمد الطراوي

الرسام الراحل كان صاحب بصمة فنية مميزة ووجهة نظر خاصة للغاية فقد وظف اللون بأسلوب مميز وخاص به للغاية ومن خلال أعماله الفنية نجد أنه يتميز بترميز لوني انبثق أساساً من إحساسه وموضوعات لوحات تفاعل معها وجسدها من خلال تناول موضوعات نابعة من قضايا مجتمعه.

ولد الفنان محمد الطراوي بالقاهرة أغسطس/آب 1956 ورحل عن عالمنا خلال شهر فبراير/شباط 2022، والفنان خريج كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان تخصص غرافيك، عمل رسام صحفي بمجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير ورئيس تحرير مجلة الخيال ومن معارضه الخاصة (مائيات مصري، معرض رباعية الواقع والخيال، فناني المنظر مائيات مصرية، رباعية مصرية، رؤى المكان، مصر في عيون مصرية، المكان والزمان، أمكنة وأزمنة، المشهد المائي، الحنين للوادي، أمكنة الروح، رؤيتان، الإبحار في أعماق الأبيض، هي، هن ، معرض كوني أنت) الى جانب مشاركاته في المعارض الجماعية والدولية داخل مصر وخارجها.

كذالك كلف الفنان ببعض المهام الفنية والاسهامات والأنشطة العامة مثل  مشاركته  بتكليف من قطاع الفنون مع عدد من كبار الفنانين المصريين  بأعمال تصويرية لمتحف دنشواي عبروا فيها عن الأحداث المأساوية التي شهدتها القرية على أيدي المستعمرين والمحاكمات الظالمة التي جرت في هذه المرحلة التاريخية  كما شارك أيضا  في رحلة فنية رسمية بتكليف من قطاع الفنون التشكيلية المصري إلى اليمن لتصوير رؤيته للحياة والطبيعة في هذا القطر الشقيق كذالك توليه منصب قومسير معرض الفن المصري للتراث الشعبي بأوزباكستان  طشقند و قومسير معرض الفن المعاصر بالأردن.

فالطراوي فنان صاحب بصمة فنية مميزة ووجهة نظر خاصة للغاية فقد وظف اللون بأسلوب مميز وخاص به للغاية ومن خلال أعماله الفنية نجد أنه يتميز بالترميز اللوني الذي انبثق أساساً من إحساسه وموضوعات لوحاته التي تفاعل معها وجسدها من خلال تناول موضوعات نابعة من قضايا مجتمعه، كذالك أظهر تفاعله وانحيازه للمرأة فصورها في العديد من لوحاته، وقد صيغت موضوعات لوحاته وفق منظومه لونية مميزة اعتبر اللون فيها البطل الرئيسي حيت تناول ذلك بتمكن واقتدار في حد ذاته، كما  تم استنباطه واستلهام الوانه من خلال ملاحظة الطبيعة بشكل مباشر والواقع الافتراضي المعايش له الطراوى ليجسد اللون السمة الأساسية المميزة لأعماله لتأتي مجسدة للصفة والمظهر الخارجي للوحاته والمعبره عنها في شكل الصياغة النهائية للأشكال والمدلولات اللونية والتي تأخذ أحيانا الطابع التجريدي وأحيانا أخرى الطابع التعبيري لبناء لوحاته بشكل مميز وخاص نابع من أسلوب الفنان وقناعاته شديدة الخصوصية كما جسد اللون والصياغات والموتيفات المصاحبة للعمل القيمة التي أضفت على لوحات الفنان جمالاً ووداعه من خلال بنائه للمنظومة اللونية داخل اللوحات إلى جانب المظهر الخارجي للأشكال والموتيفات والذي ميز الأشكال والأجسام بعضها عن بعض في إيقاع وترديد وتناغم ملحوظ يدعم القيم الجمالية في لوحاته.

إن ما نشعر به من جمال عند رؤية لوحات الطراوي يجسد جمال وجلال الطبيعة وما فيها من ألوان بديعة زاهية، ليمزجها مع بعضها ليبدع مجموعات لونية جذابة متعددة ومتنوعه لذالك فهو يستحق وبجدارة لقب مايسترو الألوان والتي بمجرد  مطالعة لوحاته تبعث بداخلنا الجمال كله لنميز بين آلمجموعات اللونية المتنوعة والمتعددة والتراكيب اللونية البديعة التي تحمل في طياتها الرؤية الفنية والإبتكار والإبداع في مناحي مختلفة من لوحاته لتأتي محملة بديناميكية التفاعل والتسجيل للواقع المرئي وتجسيد العلاقة الجوهرية الضمنية بين الزمان والمكان بين الانطباع اللوني وضوء الشمس المتغير، فقد خرج الطراوي إلى الطبيعة، ليملئ عليها قناعاته الشخصية وتخيلاته المسبقة عن الواقع لتاتي لوحاته راصدا متناغما للظواهر والموضوعات المبنية  بلغة  إنشائية تعتمد على محورى الشكل واللون، وليضفي عليها حسا خاصا به يجسد فيه طاقاته الفنية، وانطباعه وملاحظاته الشخصية في آن واحد
فالفنان لم يتناول المنظر من منظور واقعي نمطي فقط، وإنما طرحه على مسطح اللوحة  بأسلوب فني وتقنى متناغم بالغ الخصوصية حيث يعتبر الانسان والمكان هما مصدر أساسي في الإستلهام وطرح الموضوعات لدى الفنان  ليعبر عنها ببساطة وتلقائيه فريدة، مستعرضا الطبيعة وجمالياتها بجانب إبراز تأثير الزمان ودلالاته على البيوت، الجدران ، النوافذ، الأرض، السماء، الزهور، الأشجار والانسان في صياغاته المختلفة  لجانب كثيرا من عناصر البيئة المحيطة لتعميق رؤيه متناغمه، إستعان الفنان بألوان ذات خصائص متنوعه شديدة النعومة والشفافية حيث ساهمت في تعميق الرؤية البصرية والجمالية لتحرير تلك اللوحات من الشكل التقليدي  المعتاد لنفاجئ  من خلال لوحاته بتفرد  قدرته على التعامل مع عناصر مبسطة بتلقائية من خلال ممارسات ومعالجات بألوان  الأكواريل مع تطويعها بأسلوب مميز الى جانب قدرته المهوله في إستخدام الألوان الزيتية والأكريليك لنلحظ  المغامرة والبساطة والعمق في أعمال الطراوي  وبقدرته الفريدة على أن يعبر بالمتلقي  بين مناحي الزمان والمكان بجانب فرادة مهارته  في تفعيل أحاسيس قوية وحالمة ليصل به إلى عالم الخيال الذي  يحملنا إلى مكنونات النفس البشرية والطبيعة المرئية وخيال الفنان وتمكنه من السيطرةعلى إستخدام ادواته وتقنياتها المتعددة والمتنوعة،  سواء من خلال فن المشهد الطبيعى او فن البورتريه أو الصياغات الآدمية فانها دائما ما تاتي محملة بدلالات عميقة ومتعدده برغم أنها تأخذ الطابع  التجريدي وأحيانا أخرى تأتي لوحاته لتجسد وبقوة لغة تحمل في طياتها عمقا وتجسيدا  شديدا للمذهب التعبيري وفق أيدولوجيات ونظم لونية فريدة.
تحمل بصمة الفنان شديدة الفرادة والعذوبة، وفي أعمال الطراوى نلحظ تصدر مشاهد من الدلتا والواحات  وبعض من بقاع مصرنا الحبيبة إتسمت أعماله  بعشق الهوية المصرية الصرفة إلى جانب الإختزال الشديد لمسطحات لونية لتبدو الأعمال مزيجا من التجريد والتشخيص.