إرهاب في حضن سلطة حاكمة
تتحمل السلطات الحاكمة في بغداد كواجهة للنظام الإيراني المهيمن على العراق عبر ميليشيات خارجة عن القانون، وهيئة الأمم المتحدة بشخص من يمثلها، مسؤولية العمل الإرهابي الذي راح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح في سوق يلجا إليه الفقراء والمعدمون لشراء الملابس المستعملة، كما يتحملان مسؤولية كل العمليات الإرهابية المتواصلة دون انقطاع.
ضمن الإرهابيون المتنفذون في مفاصل هياكل "الدولة" غطاء أمميا يخفي جرائمهم المفضوحة ويحصن حاضنتهم الإقليمية من أي عقاب دولي، في التقارير الدورية المرفوعة إلى مجلس الأمن الدولي من قبل ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة الهولندية بلاسخارت، دون أن يفضح أحد زيف شهادتها المخلة بقواعد نقل الحقيقة للمجتمع الدولي.
إلا تدرك الأمم المتحدة، أن رعاية نظام سياسي مدني لميليشيات مسلحة ترعاها حاضنة خارجية أخذت موقعها فوق القانون، وأسقطت كل مبادئ السيادة، أمر يتنافى مع مبادئ وشرائع وقوانين المجتمع الدولي؟
ألم تر ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد مساوئ وإرهاب الهيمنة الإيرانية في العراق، ورفض الشعب لها عبر انتفاضته التي راح ضحيتها الآلاف، وتدون حقيقة ما تراه في تقاريرها المفتقرة لأية مصداقية؟
وزير الخارجية الإيراني أعترف أن بلاده تمول الميليشيات تنفيذا لسياستها الإقليمية، فلماذا تخفي بلاسخارت هذه الحقيقة وتحجبها عن مجلس الأمن الدولي، ولصالح من؟
نظام خاضع للهيمنة الإيرانية، حقيقة يعيشها الشعب العراقي مرغما، لا يقوى إعلامه الرسمي على إخفائها، ولا يجرؤ على اتخاذ قرارات سيادية تلجم هيجان ميليشيات دخيلة بتسميات دينية وطائفية، مسؤولة عن تنفيذ العمل الإرهابي في العراق وتعليقه على شماعة "داعش".
لم يرتق البيان الرسمي العراقي إلى أدنى مستوى من المصداقية، في الإعلان عن تنفيذ جريمة إرهابية مزدوجة، يجيد وصف وقائعها، ويخفي هوية مرتكبيها، والجهة الإقليمية التي تقف وراء تنفيذها عبر أذرعها المنحرفة، المحصنة بغطاء حكومي.
الشارع العراقي يقرأ الحدث قراءة أعمق وأصدق من قراءة الأجهزة الحاكمة بأمر إرادة خارجية طائفية منبوذة، ويدرك كل التفاصيل المخفية عمدا، ويطلق الحقيقة دون خوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويسمي الأشياء بأسمائها، كما لا يسميها الجهاز الحاكم الذي أضحى الأداة المكملة لكل جريمة إرهابية بالتخلي عن إرادته في مكافحتها.
هكذا تحدث الشارع العراقي وهو يدفن موتاه: "داعش إيران" وراء كل جريمة إرهابية ترتكب في العراق الخاضع رغما عنه لسلطته الحاكمة، فلا ضمان لبقائه إلا ببث الخراب والقتل والدمار.
إعلان "تبني داعش العملية الإرهابية "بعد ساعات طويلة من الصمت، أكذوبة لا يصدقها الشعب العراقي، فمصدر الإرهاب يتعشعش في مركز النظام الحاكم، وتنظيماته المسلحة جزءا لا يتجرأ منه، فعناصرها الإجرامية تقود المفاصل الأمنية والعسكرية، وتتعايش السلطة الحاكمة صاغرة مع رموزها وتتبادل معها الأدوار، ويتم تخطيط الجرائم الإرهابية في دائرته قبل تنفيذها لغايات وأهداف خارجية خبيثة.
الإرهاب لن يقف عند حد في العراق في ظل الهيمنة الإيرانية المسكوت عنها دوليا وعربيا، وحان الوقت لشل أذرعها برفع الغطاء الحكومي والتشريعي عنها وإدراجها في قائمة الإرهاب الدولي، وإبعاد رموزها وعناصرها العابثة من المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية والدينية، واتخاذ موقف عربي دولي رافض بحزم لوجودها الذي يهدد أمن الشرق الأوسط برمته.