إلى القيادات الكردية في سوريا

ألا يكفي أن تكون حقوق الكرد دوما خاضعة للواقع المفروض عليهم وعلى مناطقهم الكردستانية بإرادة السلطة المركزية؟

أرى أن على قسد أن تغيّر خطابها “الشعبوي” ليصبح خطابا سياسيا كرديا قوميا، مما يساعدها على كسب الشارع الكردي. كفاكم مجاملات وشعارات، فهي لا تجدي نفعا. يمكنكم التواصل مع العلويين، واتخاذ موقف معارض قوي، ووضع استراتيجية سياسية مدروسة تهدف إلى الوصول إلى دمشق للمشاركة في السلطة والعمل السياسي. أرى أن أميركا (ترامب) ستدعمكم في هذا التوجه، كما أن المجتمع الدولي سيتفق معكم لأنكم أصحاب حق.

أما خلاف ذلك، فأرى أن الحرب ستستمر ضدكم وضد جميع المناطق الكردية، و”قد” لا ينفعكم المجتمع الدولي، بما فيها أميركا، لأن الجميع غير مستعد للمساعدة أو التدخل في حرب داخلية. وإن فعلوا ذلك، فسيكون موقفهم إلى جانب السلطة المركزية (الجولاني والي تركيا في سوريا)، وسيعتبرونكم طرفًا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. لا تنسوا أن المساعدات الأميركية وغيرها، قديمها وحديثها، كانت وما زالت مخصصة فقط لمحاربتكم لتنظيم داعش.

لا أطالب من خلال هذا الرأي بإلغاء حقوق باقي المكونات في كردستان سوريا أو تهميشهم. فعلى سبيل المثال، الخطاب القومي الكردي في إقليم كردستان العراق لم يؤثر قطّ على حقوق المكونات الأخرى. بل أذهب أبعد من ذلك، إذ أن حقوق المكونات في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية في سوريا مضمونة أكثر مما هي عليه في المناطق الخاضعة لقوات أحمد الشرع.

أما عن ضمان دعم الولايات المتحدة واستمراره، فلا أرى أي تغيير سيحدث في حال تبنّت القوات الكردية خطابا سياسيا قوميا يهدف إلى ضمان حقوق الكرد في سوريا، طالما أنها مستمرة في التعاون مع واشنطن لمحاربة الإرهاب. إضافةً إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة وجميع الدول الغربية أصدرت تصريحات عديدة تؤكد فيها أن القوات الكردية هي الضمان الأول لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، والواقع يثبت ذلك، وإقليم كردستان مثالٌ واضح على ذلك.

في الواقع، لدى قسد والقوات الكردية الأخرى تحالفات مع باقي المكونات وهي مشاركة معها أيضا. وإذا كان الخطاب القومي يهدد هذا التحالف، فحينها ستنكشف نوايا بعض المتحالفين الذين لطالما التزموا الصمت تجاه القمع الذي تعرض له الكرد. ومع ذلك، لا ينبغي أن يؤثر هذا في الاستمرار بالحوار الوطني معهم ومع غيرهم.

وأخيرا وليس آخرا: ألا يكفي أن تكون حقوق الكرد دوما خاضعة للواقع المفروض عليهم وعلى مناطقهم الكردستانية بإرادة السلطة المركزية؟! لماذا لا يتم تغيير هذا الواقع عندما تسنح الفرصة لتحقيق حقوق الكرد وضمانها في دستور عادل؟!