اختراعات وبحوث الذكاء الاصطناعي.. ما نصيبنا منها؟
اختراعات وبحوث الذكاء الاصطناعي تجري على قدم وساق حول العالم، وبخاصة في الدول المتقدمة، وقد تحولت هذه الاختراعات والبحوث إلى تطبيقات واعدة، أشعلت صراعاً وتنافساً بين الدول وشركات التكنولوجيا العالمية الكبرى.
والسؤال الأهم هنا، هو: أين عالمنا العربي من هذه الاختراعات والبحوث وما نصيبنا منها؟ وحيث أن البحث العلمي يتطلب الثقة، فالسؤال الآخر هو: هل نثق في بحوثنا وباحثينا في مجال الذكاء الاصطناعي؟ وما حجم الثقة وعدد الاستشهادات والاقتباسات منها؟ وهل تحولت بالفعل اختراعاتنا وبحوثنا إلى تطبيقات حياتية؟
لا جدال في تزايد أهمية الذكاء الاصطناعي وأهميته بالنسبة للبشرية، وهناك العديد من مجموعات الذكاء الاصطناعي البحثية حول مجالات ذات أهمية تطبيقية عالمية مثل، معالجة اللغة الطبيعية، ورؤية الكمبيوتر والتعرف على الأنماط، والتعلم الآلي، والتخطيط وصنع القرار، والشبكات العصبية، وغيرها. وقد أفرزت هذه المجموعات البحثية العديد من التطبيقات والاستخدامات في كافة مجالات الحياة، من بينها، في السيارات ذاتية القيادة، وفي مجال تكنولوجيا التعرف على الوجوه وغيرها.
وفي عالمنا العربي، يعد الذكاء الاصطناعي، وسيلة قوية لمواجهة العديد من القضايا والتحديات التي تواجهنا. والسؤال هنا هو: هل هناك ضرورة لاختراعات وبحوث في الذكاء الاصطناعي تتناسب مع ثقافتنا العربية وأنماط معيشتنا وحاجاتنا؟ على اعتبار أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تكون في الغالب مبرمجة للتعامل مع تقاليد وعادات الدولة التي صممتها، وخصوصاً أن هناك حالياً تساؤلات جادة بشأن الاعتبارات القيمية والأخلاقية التي تتضمنها أنظمة الذكاء الاصطناعي والمتعلقة بإستخداماتها، ومن المسؤول عنها.
نأتي إلى حجم اختراعات وبحوث الذكاء الاصطناعي العالمية.
يكشف تقرير بعنوان " الاتجاهات التكنولوجية للويبو 2019: الذكاء الاصطناعي"، أصدرته في يناير عام 2019، المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) ومقرها جنيف، عن زيادة هائلة في الاختراعات المتصلة بالذكاء الاصطناعي وانتقال من المرحلة النظرية إلى مرحلة التطبيق التجاري. فمنذ ظهور الذكاء الاصطناعي في الخمسينات من القرن العشرين وحتى عام 2016، أودع المبتكرون والباحثون طلبات تخص قرابة 340 ألف طلب للحصول على براءات لاختراعات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ونشروا أكثر من 1.6 مليون منشور علمي. وتشغل الشركات 26 من بين أكبر 30 مرتبة لمودعي طلبات الحصول على براءات الذكاء الاصطناعي، وتشغل الجامعات ومؤسسات الأبحاث العامة المراتب الأربعة المتبقية. وتمتلك شركة آي بي إم الأميركية أكبر مجموعة من طلبات براءات الذكاء الاصطناعي، إذ بلغت 8290 اختراعا في نهاية عام 2016، تليها شركة مايكروسوفت الأميركية بمجموعة تضمّ 5930 اختراعا. ومن بين أكبر خمسة مودعي طلبات: شركة توشيبا اليابانية (5223 اختراعا)، ومجموعة سامسونغ الكورية (5102 اختراعا)، ومجموعة إن إي سي اليابانية (4406 اختراعا). وتشغل المؤسسات الصينية 3 من أصل 4 مراكز ناشطين أكاديميين ترد في قائمة أكبر 30 مودعا للبراءات، إذ تحتل الأكاديمية الصينية للعلوم المرتبة 17 بأكثر من 2500 عائلة براءات إختراع، وعائلة براءات الاختراع هي مجموعة من براءات الاختراع التي يتم منحها في عدد من الدول لحماية إختراع واحد. ومن بين الناشطين الأكاديميين، تحتل المنظمات الصينية 17 من أعلي 20 مرتبة في مجال تسجيل براءات الذكاء الاصطناعي، و10 من أعلى 20 مرتبة في المنشورات العلمية ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي.
ويبقى السؤال قائماً عن حجم اختراعات وبحوث الذكاء الاصطناعي العربية وقيمتها التطبيقية؟
أصبحت الحاجة إلى اختراعات وبحوث تطبيقية في مجال الذكاء الاصطناعي، أشد منها في أي وقت مضى، نظراً للسباق والصراع العالمي الهائل والمتزايد حول الهيمنة على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وسوف يأتي ذلك من خلال بناء القدرات البشرية المتميزة والمبدعة، والتركيز على البحوث التطبيقية وبخاصة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، مع أهمية دراسة الذكاء الاصطناعي من منظور متعدد التخصصات، والتي تنطوي على عدد متزايد من الباحثين من مختلف المجالات الأكاديمية، مع التركيز على قيمة وأهمية العلوم الإنسانية والإجتماعية لمواجهة أي تحديات ومخاطر عند تطبيق الاختراعات والبحوث.
فهل سننتظر حتى تأتينا اختراعات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي العالمية جاهزة ثم نستخدمها، أم أنه سيكون لنا نصيب في إمتلاكها وتوطينها والإبداع فيها والمشاركة بالفعل في صنع مستقبل العالم؟