اختناق مجموعة 5+1 في زاوية فشلها

مفاوضات فيينا ستنطوي على فشلها في تحقيق هدف القوى الكبرى مجتمعة للملمة خطر تجاوز قدراتها على إيقافه.
القوى الكبرى فقدت أهم أوراق التفاوض في الملف النووي الايراني
قنبلة تدميرية سوف تتحكم بها دكتاتورية دينية ترى أنها ملتزمة بتنفيذ أمر إلهي
المشروع النووي الإيراني ليس وليد اليوم بلحصيلة عقود من الزمن

النووي الإيراني تخطى أعقد مراحل التصنيع، واقترب من إعلان مولود نووي جديد، والقوى الكبرى فقدت أهم أوراق التفاوض، والهجوم على منشأة "نطنز" فعل لم يحقق جدواه.

مفاوضات فيينا الجارية خلف أبواب مغلقة، لو تكشف عن مجرياتها لوسائل الإعلام المبعدة عن أداء دورها، لظهرت مجموعة 5 + 1 في أضعف حالات التفاوض، وهي تقدم جملة من العروض كآخر ما تبقى لديها من أوراق لثني إيران عن إعلان إنجاز القنبلة النووية.

تخشى مجموعة 5+1 إعلان فشلها في إيقاف الزحف النووي الإيراني بسرعة فاقت المعدل المطلوب في صناعة قنبلة تدميرية تتحكم بها "دكتاتورية دينية" ترى أنها ملتزمة بتنفيذ أمر إلهي، كما تخشى الكشف عن مطالبها الأضعف من خطابها السياسي المعلن.

مفاوضات فيينا في 2015 كانت تتحرك من أجل إيقاف تخصيب اليورانيوم، وتأجيل التصنيع النووي إلى 2025، هذا يعني أن مكونات صناعة القنبلة النووية جاهزة قبل ذاك التاريخ.

مأزق مجموعة 5+1 في مفاوضات 2021، إنها عادت بأقصى حالات ضعفها، في ظل تضارب السياسات الأميركية المتناقضة، وسقوطها الذي لا يليق بهيبتها في مجتمع الكبار، وصارت تفاوض على ما هو أدنى من مطالبها السابقة، حاملة باقة من عروض الترضية التي رفضتها طهران علنا.

واقع ينخر مجموعة 5+1 غير المتجانسة هيكليا ومعنويا، فوحدة الموقف الأوروبي المعلن بالتوافق مع الموقف الأميركي من الملف النووي، لم يمنح المجموعة قوة مفقودة أمام الرؤيا المغايرة التي تحملها روسيا في أوج خلافها مع واشنطن وتساوم بها الصين في مواجهة الحروب التجارية.

ما هو الموقف الجامع لمجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا)؟ أوروبا تتأهب لمواجهة ما تراه خطرا روسيا تستثمره أميركا في سياستها الخارجية، والصين التي تقف في مواجهة حلف غربي يستهدف قطع طرقها التجارية الممتدة في قارات العالم الخمس، والنووي الإيراني بيد أطرافها المتناقضة ورقة يمكن تحريكها بأي اتجاه مرغوب.

العقل الغربي المتباهي بقوته العسكرية، ومنجزاته التكنولوجية المعاصرة، وتحكمه بآليات المجتمع الدولي، فضح قصوره واصطدام رؤيته بحواجز الحاضر، فاقدا أي رؤية استشرافية تحفظ مكانته، وتحصنه من أي مخاطر تحاصره في عالم مفتوح على قوى متعددة.

المشروع النووي الإيراني لم يكن وليد اليوم، فهو حصيلة عقود من الزمن، بدا مشروعا لأغراض سلمية معلنة للرأي العام العالمي، نبه المراقبون إلى خطورته إقليميا وعالميا، فخطط برامجه والميزانية التي رصدت له تكفي منذ ذلك الوقت لصناعة سلاح نووي متطور، لكن القوى الغربية تراخت في مواجهته، وانشغلت في غزوات همجية جلبت الخراب والدمار في العالم.

مفاوضات فيينا ستنطوي على فشلها في تحقيق هدف القوى الكبرى مجتمعة للملمة خطر تجاوز قدراتها على إيقافه، وستتجه طهران نحو إنجاز ولادة سلاحها النووي، واضعة مجموعة 5+1 في زاوية العزلة، قبل أن تنحصر المواجهة المرتقبة في أضيق أماكن الشرق الأوسط، بمزايا قدرتها على إسكات الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.. المعني هنا إسرائيل طبعا!